تترتب على نتيجة الاستفتاء على الدستور الأوروبي في فرنسا أزمة سياسية تؤخر وضع إطار قانوني للاتحاد الأوروبي وتؤجل تحقيق الحلم بإنشاء مشروع الولايات الأوروبية المتحدة الذي طال انتظاره، وتؤدي إلى أزمة هوية داخل فرنسا. ولم تستأ بريطانيا من نتيجة الاستفتاء الفرنسي لأنها طالما عارضت فكرة تشكيل دولة فيديرالية أوروبية موحدة على طراز الولاياتالمتحدة الأميركية. ويسهل وضع دستور موحد للاتحاد الأوروبي عملية توسيع الاتحاد، وانضمام دول أخرى جديدة إليه، ما يخدم مصلحة تركيا التي تسعى إلى الانضمام إلى هذا الاتحاد. وذلك على رغم كون تركيا دولة لا ترضى التخلي عن سيادتها، ونقلها إلى البرلمان الأوروبي.... وتعطي معاهدة الدستور الأوروبي صلاحيات واسعة للبرلمان الاوروبي والمفوضية الأوروبية. وهذا يزعج كثيراً من الدول الاوروبية التي لا تريد الذوبان كلياً في اتحاد أوروبي واسع. ولا توافق فرنسا على الطرح الفيديرالي. وهو من شأنه إضعاف سيطرتها على الاتحاد الأوروبي، وإعطاء دول مثل تركيا نفوذاً سياسياً أكبر.... وربما تكون فرنسا خدمت تركيا من حيث لا تدري. فمن المتوقع ان يؤدي الرفض الفرنسي القوي الى وضع صيغة أقل فيديرالية للاتحاد الاوروبي. وهي صيغة تحمي الهويات القومية للدول الأعضاء. ويناسب التخفف من الطرح الفيديرالي تركيا التي تتردد في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها بحجة انها تذوّب الثقافة التركية. وعلى رغم أن أوروبا قومية قد لا تستوعب تركيا في يسر، ويزيد احتمال رفض عضويتها في الاتحاد الاوروبي، تجد تركيا اتحاداً أوروبياً يناسب نوازعها القويمة. فيكون الفرنسيون الذين قالوا"لا"للدستور الأوروبي، ورفضوا عضوية تركيا، أهدوا المتشددين الأتراك هدية كبيرة من حيث لا يدرون. مللييت التركية، 30 /5/2005