وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال16 لمساعدة الشعب السوري    رحيل الموسيقار ناصر الصالح    الراجحي: رالي حائل نقطة انطلاقتي للمنصات العالمية    تقييم جديد لشاغلي الوظائف التعليمية بالمملكة من 5 درجات    كندا تحذر: الرسوم الجمركية تدفع أمريكا لشراء النفط الفنزويلي    رياح نشطة مثيرة للأتربة والغبار على تبوك والمدينة ومكة    الخليج يعزز هجومه بالنمساوي «مورغ»    «سلمان للإغاثة»: تدشين مشروع أمان لرعاية الأيتام في حلب    فانتازيا المسلم بين سحرية التراث ورفض النخبة    هل سمعت يوماً عن شاي الكمبوتشا؟    دهون خفيّة تهدد بالموت.. احذرها!    للبدء في سبتمبر.. روسيا تطلق لقاحاً مضاداً للسرطان يُصنع فردياً    رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا حادثة اصطدام الطائرتين في واشنطن    القاتل الثرثار!    "الدهام" و"فيريرا" يكملان قائمة تحدي الخيالة الدولي بكأس السعودية 2025    وفاة ناصر الصالح    هل تنجح قرارات ترمب الحالية رغم المعارضات    منتدى مستقبل العقار    العنزي يحصل على درجة الدكتوراة    «الأونروا» لا تزال تعمل في غزة والضفة الغربية رغم الحظر الإسرائيلي    الغامدي ينضم الى صفوف نيوم على سبيل الاعارة    دمبلينغ ينتصر على دا كريزي في "Power Slap" ويهيمن على الوزن الثقيل جداً    مدرب الفتح قوميز: القادسية فريق قوي وعلينا التركيز لتحقيق أداء مميز    في دوري روشن: القادسية.. أرقام مميزة في الدور الأول    قوة التأثير    قوة صناعية ومنصة عالمية    اقتناص الفرص    مقومات الانتصار والهزيمة    «الروبوتات» والأرحام الاصطناعية.. بين الواقع والخطر!    حوكمة لوائح اختيار رؤساء الأندية    خاصرة عين زبيدة    التراث الذي يحكمنا    نيابة عن أمير قطر.. محمد آل ثاني يقدم العزاء في وفاة محمد بن فهد    لماذا صعد اليمين المتطرف بكل العالم..!    السفراء وتعزيز علاقات الشعوب    إحباط تهريب 2.9 كجم "حشيش" و1945 قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي في تبوك    مصحف «تبيان للصم» وسامي المغلوث يفوزان بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    شراكات جديدة بين هيئة العلا ومؤسسات إيطالية رائدة    تجمع القصيم الصحي يفوز بأربع جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية السعودي 2025    "مفوض الإفتاء بمنطقة حائل":يلقي عدة محاضرات ولقاءات لمنسوبي وزارة الدفاع    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُنظّم مبادرة " تمكين المرض"    وزارة الشؤون الإسلامية تقيم يومًا مفتوحًا للمستضافين في برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة    الديوان الملكي: وفاة الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    "التقاضي الإلكتروني" يختصر عمر القضايا ويرفع كفاءة المحاكم    المفتي للطلاب: احذروا الخوض في منصات التواصل وتسلحوا بالعلم    مدن ومجتمعات صديقة للبيئة    في إجتماع "المؤتمر الدولي" .. وزير الموارد البشرية: المملكة تسعى لتصبح مركزا رئيسياً لاستشراف مستقبل أسواق العمل    عشر سنبلات خضر زاهيات    البهكلي والغامدي يزفان "مصعب" لعش الزوجية    أهم الوجهات الاستكشافية    وسط حضور فنانين وإعلاميين .. الصيرفي يحتفل بزواج نجله عبدالعزيز    تعزيز العلاقات البرلمانية مع اليابان    مختبر تاريخنا الوطني    حسام بن سعود يستعرض مشروعات المندق    خطورة الاستهانة بالقليل    الإرجاف فِكْر بغيض    أمير حائل يناقش خطط القيادات الأمنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوروبا ومعركتها الدستورية
نشر في الرياض يوم 03 - 06 - 2005

فرنسا ثم هولندا، موسم استفتاءات عاصفة يمتد عبر أوروبا حتى منتصف العام القادم
كان لكل من الاستفتاءين الفرنسي والهولندي وقعه الخاص، إلا أن الاستفتاء الأخير ذو طبيعة استشارية وحسب. وعلى الرغم من ذلك، فإن أعضاء البرلمان الهولندي سارعوا منذ البدء للإعلان بأنهم سيأخذون نتائج الاقتراع بعين الاعتبار. وتعد هولندا من الأعضاء المؤسسين للاتحاد الأوروبي ومن أكبر مؤيديه، لكن التوتر الناجم عن الهجرة وثمن العضوية المرتفع قلص من مكانة الاتحاد في نفوس الهولنديين.
وستجري استفتاءات لاحقة على الدستور الأوروبي في كل من الدنمرك وبريطانيا وأيرلندا وبولندا والتشيك.وليس من المؤكد أن يحظى الاستفتاء بنعم واضحة سوى في بلدين هما لوكسمبورج والبرتغال.
وتعد اتفاقية الدستور الأوروبي محاولة لتوحيد مسارات اتخاذ القرار في الاتحاد. ومن المفترض أن ينسخ الدستور كافة الاتفاقيات الأوروبية الموقعة حتى الآن، وذلك لاحتوائه على خلاصتها. أما الدساتير المحلية فستبقى سارية المفعول دون أن يُمس بصلاحياتها.
وينص الدستور الأوروبي على أن يكون للاتحاد رئيس لمدة عامين ونصف قابلة للتجديد ووزير خارجية يتحدث باسمه في المحافل الدولية، كما يوسع الدستور سلطة البرلمان الأوروبي في اتخاذ القرارات. ويعيد الدستور هيكلة مؤسسات الاتحاد ويعزز نطاق التصويت بالأغلبية على القرارات، باستثناء مجالات السياسة الخارجية والدفاع والأمن والضرائب والضمان الاجتماعي وبعض المجالات الأخرى.
ويمكن للدول الأعضاء التصديق على الدستور الجديد إما بالاقتراع المباشر أو بالتصويت في البرلمان. وحتى الآن، أعلنت تسع دول تأييدها الرسمي لهذا الدستور، وتبقى ثماني دول ستحدد موقفها منه بالاقتراع المباشر في استفتاء عام.
وإذا لم يصدق على الدستور احد بلدان الاتحاد الخمسة والعشرين فلن يكون بالإمكان أن يدخل حيز التنفيذ قانونيا. بل سوف تثار الكثير من علامات الاستفهام حول مشروع هذا الدستور الذي بدأ قبل عشر سنوات، والخاص ب«أوروبا موحدة». ولعل هذا تحديدا ما حدث منذ الأحد الماضي، حين قال الفرنسيون «لا» لدستور أوروبا.
وحسب صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية، فإنه بات مرجحا جدا أن تتخلى بريطانيا عن استفتائها المقرر في الربيع المقبل وبالتالي ألا يمرر الدستور الأوروبي. وحسب الصحيفة فإن هذا القرار، وإن كان من شأنه إغضاب زعماء الدول الأوروبية الأخرى، فهو سيقوي فرص رئيس الوزراء توني بلير في إنقاذ ولايته الثالثة، علما بأن بريطانيا سوف تتولى رئاسة الاتحاد اعتبارا من مطلع تموز يوليو القادم.
ومن الناحية النظرية، ينص الدستور على أن الحكومات الأوروبية والبرلمان الأوروبي يمكنهم أن يطلبوا من المفوضية الأوروبية تقديم اقتراحات بتعديل نص الدستور، كما في استطاعة الدولة التي يرفض شعبها هذا الدستور أن تجري استفتاء آخر. بيد أن إعادة مناقشة نص آخر للدستور تبدو أمراً مستحيلاً بعد أن توصلت الدول الأوروبية للنص الحالي عقب صعوبات بالغة وخلافات شديدة.
وحسب المحللين الأوروبيين، فإن هناك أربعة خيارات لأوروبا المستقبل: الأول هو «أوروبا دستورية»، وهو الخيار الذي تدعمه كل من ايطاليا، إسبانيا واليونان.
الخيار الثاني، والذي تسعى إليه بريطانيا وبولندا واستونيا، هو «أوروبا التجارة الحرة»، الذي يكرّس فكرة السوق الواحدة القائمة على أساس حرية التبادل وإلغاء كافة الحدود التجارية.
والخيار الثالث لأوروبا قد يكون «الولايات المتحدة الأوروبية». ويرتكز هذا الشكل على فكرة تقسيم المسؤوليات وتوزيعها بين سلطة مركزية والدول والمناطق. وقد تكون أكثر البلدان حماسة له لكسمبورغ وبلجيكا.
أما الخيار الرابع فهو «أوروبا ذات السرعات المتعددة». والمقصود هو اعتماد درجات متفاوتة من التوحيد والتقارب بين مختلف البلدان حسب ظروف كل دولة.
وبالعودة إلى تداعيات «لا» الفرنسية، الملزمة للحكومة والجمعية الوطنية، فسيكون لفرنسا تأثير أساسي في التقرير إذا ما كان يجب الاستمرار بالتصديق على الدستور في الدول الأخرى، إذ انها ستحدّد إذا ما كانت هناك أي إمكانية لإعادة الاستفتاء والطلب إلى الفرنسيين التصويت مجدداً، على الرغم من أن ذلك لا يبدو مرجحاً.
ولقد ظهرت تقارير في الصحافة الأوروبية تقول بأن فرنسا وألمانيا قد يردان على الواقع الجديد الذي خلقه الاستفتاء الفرنسي بخلق ما يسمّى ب«قلب أوروبا»، ويتركان خلفهما بريطانيا والدول المشككة الأخرى، التي تحار في موضوع التوحيد السياسي. بيد أن هذه الفكرة قد تبدو في ظل اليأس والأزمة التي تعيشهما أوروبا أشبه بوصفة للفشل. كما أنه لم يتضح أيضاً ما قد يقوم به «قلب أوروبا» وإذا ما كانت عضوية الاتحاد الأوروبي ستنخفض إلى أقل من النسبة الحالية أي 25 عضوا.
بيد أن الواضح هو أن فرنسا سوف تخسر في المدى القصير رصيداً سياسياً في الاتحاد الأوروبي بعدما فشلت في الحصول على الدعم الشعبي.
وتعد نتيجة الاستفتاء في فرنسا ضربة قاصمة ليس فقط للدستور الأوروبي الذي يتعين أن تصادق عليه جميع الدول الأعضاء الخمسة والعشرين، بل أيضا للرئيس جاك شيراك الذي ألقى بثقله حثا للفرنسيين على التصويت لصالح الدستور. وبعد أن أوضحت نتيجة الاستفتاء في فرنسا رفض نحو 55٪ للدستور الجديد مقابل موافقة 45٪ أعلن شيراك أنه سيعطي دفعا جديدا وقويا للعمل الحكومي، ومن هنا تمت المسارعة إلى تشكيل حكومة جديدة.
وقال شيراك في خطاب متلفز مساء الثلاثاء ان رفض الفرنسيين للدستور الأوروبي الجديد لا يعني رفضهم أوروبا، و«إن فرنسا أكثر قوة عندما تعمل في إطار الاتحاد الأوروبي، ونحن لا نستطيع الحفاظ على نموذجنا الاقتصادي والاجتماعي، ولا نستطيع نشر قيمنا في العالم دون الحفاظ على مكاننا في أوروبا... سأعمل مع شركائنا على انتهاز كل الفرص المتاحة لإحياء الطموح الأوروبي العظيم».
وضمن مقاربات كثيرة لنتيجة الاستفتاء الفرنسي، فإن ما حدث يعود جزئيا لخيبة أمل الفرنسيين إزاء فقد بلادهم للنفوذ في اتحاد أوروبي موسع يضم خمسة وعشرين بلدا، كما ان غالبيتهم ترفض فكرة انضمام تركيا للاتحاد، وهو الأمر الممكن حدوثه في غضون خمسة عشر عاما، وذلك بعد أن وافق الاتحاد الأوروبي على بدء محادثات الانضمام مع الأتراك.
كذلك، تعتبر النقابات الفرنسية أن الدستور الأوروبي بصيغته الحالية يتبع النمط الاقتصادي الأنغلوسكسوني «الذي يتناقض كليا» مع النظام الاجتماعي الذي حققته البلاد عبر التاريخ.
وفي الوقت نفسه، تعارض الدستور الأوروبي العديد من التجمعات اليمينية في فرنسا، ومن بينها من يطلق عليهم اسم «مناصري سيادة الدولة»، فضلا عن الجبهة القومية اليمينية لجان ماري لوبن، التي ترى أن الدستور المقترح سيؤدي إلى «دولة أوروبية مهيمنة» غير ديمقراطية.
ومهما تكن المقاربات والتحليلات الخاصة بخلفيات الحدث الفرنسي، فإن «لا» فرنسا قد عنت أنه للمرة الأولى يعارض عضو مؤسس كبير في الاتحاد مسار هذا الكيان بصورة مباشرة، فحتى تاريخ الاستفتاء الفرنسي، فإن كل الاتفاقات الموقعة من قبل أعضاء الاتحاد الأوروبي قد تم التصديق عليها.
وللمفارقة، فإن ليتوانيا، وهي إحدى الدول العشر التي انضمت إلى الاتحاد في الأول من أيار مايو من العام الماضي، كانت الدولة الأولى التي أقرت الدستور الأوروبي.
كذلك، صادق على الدستور الجديد كل من سلوفانيا والمجر عبر التصويت البرلماني.
وكان أول الاستفتاءات على الدستور قد أتى من إسبانيا التي انضمت للمجموعة الأوروبية في منتصف الثمانينات ولا غرابة أن كانت نتيجته موجبة، فلدى أغلب الأسبان مشاعر طيبة تجاه المجموعة الأوروبية، ومن ثم الاتحاد الذي انبثق عنها، لأن عضوية بلادهم فيه تمثل ارتقاءها إلى نادي من الديمقراطيات الزاهرة، بعد سنوات من الديكتاتورية الفاشية إبان عهد الجنرال فرانكو.
وعلى الرغم من ذلك، فإن «نعم» الأسبانية قد عادت جزئيا إلى تعبئة حكومية شاقة ومكلفة، لجأت فيها الدولة إلى كافة مؤسسات المجتمع المدني ومكوناته، بمن فيهم نجوم الرياضة، ووزعت ملايين النسخ من الدستور الأوروبي على المواطنين، ودفعت لتسيير حملتها ملايين الدولارات.
وقال رئيس الوزراء خوسيه ثاباتيرو في نهاية هذه الحملة إن الدستور الأوروبي مهم بالنسبة إلى الأسبان بنفس أهمية الدستور الذي اقترعوا عليه في إسبانيا عام 1978 لاستعادة الديموقراطية بعد نهاية حكم فرانكو.
أما ألمانيا فقد أكملت يوم الجمعة الماضي اعتمادها للدستور الأوروبي بعد أن صادق عليه المجلس الأعلى الذي يمثل الأقاليم في البرلمان بأغلبية ساحقة. وقد جرى التصديق عن طريق التصويت البرلماني نظرا لأن القوانين الألمانية تحظر منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إجراء استفتاءات شعبية.
أما على صعيد مقاربة الموقف البريطاني، فثمة من يرى أن ما حدث في فرنسا يعد انتصارا ضمنيا لخيارات لندن، وتحديدا لحكومة توني بلير على الرغم من كل ما يعلن خلاف ذلك.
يقول توني هيلم من «الديلي تلغراف»: «كما مارغريت تاتشر وجون ميجور، بدأ بلير في رئاسة الوزراء بايجابية تجاه أوروبا، ولكن بعد ثماني سنوات من المعارك الخاسرة مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك والرأي العام البريطاني بات بلير يسلك درب أسلافه».. ويرى هيلم أن أولوية بلير اليوم لن تكون مصالحة الجمهور مع أوروبا بل تقريب الأوروبيين من الرؤية البريطانية للأمور.
والاعتقاد السائد الآن أن بلير سوف يستنفذ رئاسة بلاده للاتحاد الأوروبي من اجل إطلاق وتسويق النقاش بشأن تحوّل «أوروبا الاشتراكية» إلى نظام أكثر ليبرالية.
وفي غضون ذلك يثور نقاش متزايد حول مدى رجاحة اعتماد دستور قاري لا يعرف مضمونه معظم مواطني أوروبا.
إن إحدى استطلاعات الرأي الرئيسية التي جرى نشر نتائجها في أواخر كانون الثاني يناير الماضي تشير إلى أن واحدا من بين كل عشرة أوروبيين يجهل جزئيا أو كليا محتوى الدستور الأوروبي. وقال ستة وخمسون بالمائة إنهم يعرفون القليل عن هذا الدستور، فيما قال ثلاثة وثلاثون بالمائة إنهم لم يسمعوا به أبدا.
وفي مقابل هذه المعطيات، كانت المفوضية الأوروبية قد أعلنت عن إرسال نسخة من الدستور الأوروبي إلى الفضاء، أطلقها الإيطالي روبرتو فيتوري من المحطة الدولية في كازاخستان، وذلك عبر السفينة الفضائية الروسية سيوز. وكان الهدف كما قال بيان المفوضية هو تعريف العالم بالدستور الجديد.
والملاحظ أن الدستور الأوروبي قد جاء في شكل كتاب في الوقت الذي صيغت فيه دساتير بعض الدول الأوروبية في صفحة أو اثنين على الأكثر أو حتى في عدة فقرات. وقد تراوحت عدد صفحات الدستور الأوروبي بين 352 وَ 482 صفحة، حسب اللغة المترجم إليها.
وعند الانتقال إلى مضمون الدستور الأوروبي يمكن ملاحظة أنه تضمن نصوصا تقضي بإعادة هيكلة مؤسسات الاتحاد، فالمفوضية الأوروبية، وهي بمثابة حكومة الاتحاد الأوروبي، ستضم عدداً أقل من المفوضين يمثلون ثلثي الدول الأعضاء بدلاً من الإصرار على أن يكون لكل دولة مفوض يعد بمثابة وزير اتحادي. وستتناوب الدول فيما بينها المفوضين كي لا يحرم أي منها من التمثيل.
وفي ظل الدستور الجديد سوف يتسع حجم البرلمان الأوروبي ليضم 750 عضواً اعتباراً من العام 2009، تاريخ سريان الدستور في حال تصديق كافة الدول عليه، وذلك بدلاً من 732 هم الأعضاء الحاليون. كما ستصبح لهذا البرلمان كلمته في اتخاذ القرارات في مجالات مثل الهجرة واللجوء والعدل والتعاون بين أجهزة الشرطة.
ومن أهم ملامح الدستور الجديد أيضاً تغيير طريقة اتخاذ القرارات في قطاعات كثيرة لتصبح بالأغلبية المركبة بدلاً من الإجماع. وتعني الأغلبية المركبة موافقة 55٪ من الدول على أن تمثل هذه النسبة 65٪ من سكان الاتحاد.
ومع ذلك فهناك مجالات هامة وفق الدستور لن تؤخذ فيها القرارات بالأغلبية بل بالإجماع كما كانت من قبل ومنها على سبيل المثال السياسة الخارجية وشؤون الأمن والدفاع، مما يبقي الباب مفتوحاً أمام الخلافات بين أعضاء الاتحاد الأوروبي إزاء الأزمات الدولية كما حدث في المواقف الأوروبية المتباينة إبان الحرب على العراق.
وينقسم الدستور الأوروبي إلى أربعة أجزاء رئيسية، يشتمل الجزء الأول على تعريف للقيم والأهداف والواجبات وطرق اتخاذ القرار، ويسمى الأجهزة المختلفة للاتحاد الأوروبي. ويعالج الجزء الثاني وثيقة التأسيس، وفيها يتم تعريف القوانين الأساسية على مستوى الاتحاد. وقد استقيت هذه القوانين من روح توصيات المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان. ويعرف الجزء الثالث طرق عمل الأجهزة المختلفة في الاتحاد الأوروبي كما يوضح مجال عملها الداخلي والخارجي، على سبيل المثال إنشاء السوق المشتركة، حرية انتقال المواطنين، وسياسة البضائع. أما الجزء الرابع فقد جاء تحت عنوان «أحكام عامة» ويعرف رموز الاتحاد الأوروبي، كما يضع قواعد تحدد كيفية إدخال مواد جديدة على الدستور وكيفية دخوله حيز التنفيذ.
وفي حال دخول الدستور الموحد حيز التنفيذ سيكتسب المواطنون الأوروبيون هوية جديدة بجانب هويتهم المحلية، وهي الهوية الأوروبية. وتضيف هذه الهوية حقوقاً جديداً للمواطنين، فعلى سبيل المثال سيصبح من حق المواطنين الأوروبيين الانتقال أو السفر إلى أي دولة عضو في الاتحاد والبقاء فيها لمدة غير محددة. كما سيصبح من حق أي مواطن التقدم بعريضة أو التماس إلى البرلمان الأوروبي، وفي حالة الشكوى يمكنه التوجه إلى المفوض المدني الأوروبي، كما يحق عند التقدم بعريضة تحمل توقيع مليون مواطن أوروبي تكليف المفوض بوقف قانون معين أو اقتراح قانون جديد.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.