تضعف فيما يبدو فرصة تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي بعد فوز معارضين لانضمامها في انتخابات البرلمان الأوروبي وتعثر الإصلاحات وتزايد معارضة أعضاء بالاتحاد الاوروبي لمحاولة تركيا الحصول على العضوية. ويخشى محللون من أن يتعرض الاستقرار السياسي والمالي لتركيا للضرر إذا بدا أن مسعاها المستمر منذ عقود من الزمان للانضمام للاتحاد الاوروبي لن ينجح. ووجه النجاح الذي حققته أحزاب يمين الوسط المعارضة لانضمام تركيا في انتخابات البرلمان الاوروبي الاسبوع الماضي ضربة جديدة لآمال البلاد. وقال وولفانجو بيكولي وهو محلل في مجموعة يورو اسيا البحثية "أصدقاء تركيا يقلون وأعداؤها يزدادون قوة." وأضاف أن "تركيا لم تصل لنهاية الطريق بعد لكن إذا استمر التباعد بين تركيا ودول الاتحاد الاوروبي فيمكن أن نشهد موتا بطيئا لمحاولة تركيا الحصول على عضوية الاتحاد الاوروبي." وفيما يزيد الشعور بوجود أزمة تلوح في الأفق قبل تقارير هامة عن التقدم من المقرر صدورها في وقت لاحق من هذا العام جدد زعيما فرنسا والمانيا الدعوات التي تعرض "شراكة مميزة" على تركيا بدلا من العضوية الكاملة. وقالت السويد أيضا إن قد لا يتسنى فتح فصول جديدة أو مجالات للمفاوضات خلال رئاستها التي تستمر ستة أشهر للاتحاد الاوروبي وتبدأ في يوليو تموز. وبالنسبة للأسواق المالية المعتادة على علاقات تركيا غير المستقرة مع الاتحاد الاوروبي فقد سجلت الليرة التركية والسندات والاسهم ارتفاعا طفيفا الاسبوع الماضي على أمل أن تكون اسوأ مرحلة في الازمة الاقتصادية العالمية قد انتهت. لكن محللين يقولون إن مسعى تركيا لتحديث مؤسساتها السياسية ومواصلة استقرار اقتصادها الكلي ربما يواجه عقبات إذا أوقفت تركيا والاتحاد الاوروبي المفاوضات تماما. ويضيفون أن تركيا التي شهدت على مدار زمن طويل جولات من عدم الاستقرار السياسي والمالي تعمل بشكل أفضل عندما يكون لديها دوافع خارجية قوية مثل الأمل في الحصول على عضوية الاتحاد الاوروبي. وقال سنان اولجين من مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية ومقره اسطنبول إن "جزرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عادت بالنفع على كل من تركيا وأوروبا التي تريد أن تكون هناك تركيا ديمقراطية ومستقرة في المنطقة بصرف النظر عما إذا كانت ستنضم إلى الاتحاد الاوروبي." وأضاف "نحن في مرحلة تحتاج فيها تركيا والاتحاد الاوروبي لإعادة تقييم علاقتهما لكن لن يكون في انهاء هذه الآلية خير لأحد." ووافقت دول الاتحاد الاوروبي بالاجماع في عام 2005 على بدء محادثات مع تركيا بهدف حصولها على العضوية الكاملة لكن تركيا تثير انقساما عميقا في التكتل الذي يضم 27 دولة. ويشير المؤيدون إلى موقع تركيا الاستراتيجي باعتبارها معبرا للطاقة وإلى اعتمادها على اقتصاد السوق على نطاق واسع كعنصري قوة لأوروبا لكن المعارضين يقولون إنها أفقر مما يلزم ومختلفة ثقافيا بدرجة تجعلها غير مناسبة للانضمام. ولم يساعد فشل تركيا في دفع الإصلاحات المطلوب منها تحقيقها منذ زمن طويل كتوسيع نطاق حرية التعبير وحقوق الأقليات ورفضها فتح موانئها ومجالها الجوي أمام قبرص العضو في الاتحاد في كسب التأييد لقضيتها في اوروبا. وأبرز المعارضين لانضمام تركيا هما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل. وعانى أبرز مؤيدي انضمامها مثل رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريجيث ثاباتيرو بشدة في انتخابات البرلمان الاوروبي. وكتب محمد علي بيراند وهو كاتب صحفي بارز "بشكل عام عملية التوسيع تعرضت لضربة في هذه الانتخابات وسوف تتأثر عملية تركيا مع الاتحاد الاوروبي." وفي انتكاسة أخرى لأنقرة قال رئيس الوزراء السويدي فريدريك رينفيلدت الأسبوع الماضي إن رغم تأييد السويد لتوسيع الاتحاد الاوروبي إلا أنها ستضع في الاعتبار وجهات نظر الدول الأعضاء الأشد معارضة لزيادة التوسيع. وهناك اختبارات مهمة في وقت لاحق من هذا العام. وينشر الاتحاد الاوروبي تقريره السنوي حول التوسيع في نوفمبر تشرين الثاني الذي يتوقع كثيرون أن يكون سلبيا جدا في ضوء غياب إصلاحات أساسية خصوصا فيما يتعلق بدستور جديد. وقال المحلل حسن سينر إن "تقريرا مفعما بالانتقادات سيؤثر على الأسواق بشكل سلبي" مضيفا أن "الأسواق العالمية تحدث تأثيرا كبيرا على المدى القصير لكن الأنباء المتعلقة بقرض من صندوق النقد الدولي و(الأنباء المتعلقة) بالاتحاد الاوروبي ستحدد اتجاه الاسواق وصولا إلى فصل الخريف." وستقيم المفوضية الأوروبية في ديسمبر كانون الاول وعد انقرة بفتح موانئها امام السفن القبرصية. وجمدت المفوضية ثمانية من بين 35 فصلا بسبب الخلاف المتعلق بقبرص. ولا يتوقع سوى القليل أن يكون هناك وقف تام لمحاولة تركيا الحصول على عضوية الاتحاد الاوروبي وهو الأمر الذي يتطلب إجماع آراء الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي ومجموعها 27 دولة. لكن ساركوزي وميركل يمكن أن يدفعا قضيتهما المتعلقة بشراكة مميزة مدعومين بنجاح حزبيهما في انتخابات البرلمان الأوروبي. وتقول تركيا انها لن تقبل سوى العضوية الكاملة واتهم رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الاوروبيين بعدم الأمانة. وتقول اماندا اكاكوجا المحللة في مركز السياسة الاوروبية في بروكسل "إذا عرضت على شخص سيارة مرسيدس وبعد سنوات جئت إليه بسيارة لادا فلن يقبل أحد ذلك." وتابعت "العضوية لا تزال بعيدة.. لكن رفض عضوية تركيا سيوقف عملية التحول بها ويمكن أن يفلت زمامها أكثر مما هو الآن." ويقر دبلوماسيون من الاتحاد الاوروبي في أنقرة بأن الشكوك المستمرة منذ فترة طويلة في امكانية حصول تركيا على العضوية ربما قتلت الحافز الذي يدفع حزب العدالة والتنمية الحاكم للمجازفة سياسيا والمضي قدما في اصلاحات مثيرة للجدل ولكن ضرورية. ويقول حزب العدالة والتنمية إن الاصلاحات الرامية لتوطيد الديمقراطية في الدولة البالغ تعدادها 72 مليون نسمة ستستمر بصرف النظر عن الاتحاد الاوروبي. وقال براق اوزوجيرجن وهو متحدث باسم وزارة الخارجية "يتعين أن نمضي قدما " وتساءل "ما هي البدائل امام تركيا؟"