وشخصٍ نحيلٍ هزَّه قارس البرد / ضئيل القوى، يرنو الى القوم عن بعد ويستُر جسماً بالياً شفَّه الشقا / ملحاً فما ابقى عليه سوى الجلد، فتاة باطمار بوالٍ وقد علا ال / محيّا شحوب ذاهب بها الخدّ! تنادي، وما من سامع لندائها، / تصيح، وما تلقى سوى اليأس والرد! وترسلُ، والدمع السخين بعينيها / شرار لحاظٍ من لظى حرقة الكبد! سألت كان الجواب انتهارها / فلا أحد يرثي ولا دمعها يجدي. وكل بحشد المال لاهٍ وهمّه / منى نفسه في لذة العيش والسعد. عموا بل تعاموا دونها عن ترفع / فباتت بكربٍ لا تعبد ولا تبدي! وضاقت بها الدنيا على رحب أرضها / ترى الموت يحدوها الى هوّة اللحد! فمهلاً، بني الانسان، ما هكذا قضى / مكوننا، جاوزتم مقتضى الحدّ! أكسرة خبزٍ تبخلون بها على / فقيرٍ؟ فأين الرشد يا مدعي الرشد؟ فيا مَن رأوها، والأسى ملءُ قلبها، / كوقد ألا قلب يلين لذا الوقد؟ فرفقاً بمن عاشوا الحياة بأسرها / وما عرفوا معنى لبحبوحة الرغد! ألا اذكر بني البؤس، أيا صاح منجداً / أخاك، تجد عزاً وتبلغ ذرى المجد! جزيتم، ذوي الاحسان، وفق صنيعكم، / سلام على من قد تعوَّد ان يسدي! بيروت - الدكتور جهاد نعمان