بين ملصقات"لا مشاركة من دون تمثيل صحيح. بيروت تتسع للجميع"و"قاطعوا التعييات"التي وزعت في المناطق ذات الغالبية المسيحية، ولافتات"اقرأ الفاتحة. وانتخب كل اللائحة"و"من خلف ما مات، لعيونك أبو بهاء"المرفوعة في مناطق الغالبية المسلمة، انتهى يوم انتخابي لم تشهد أي من دائرتي بيروت الثانية والثالثة مثيلاً له. وتفاوتت أعداد الناخبين بشكل كبير بين المناطق المسيحية والمناطق الإسلامية. وفي الدائرة الثانية التي تشمل مناطق: المصيطبة، الباشورة والرميل، تتوزع المقاعد على الشكل الآتي: مقعدان للطائفة السنية، عدد المرشحين 8: وليد عيدو، بهيج طبارة لائحة الحريري، إبراهيم الحلبي حركة الشعب، بدر الطبش جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية، زهير الخطيب، عدنان عرقجي، احمد ياسين، ونبيلة صعب. مقعد للشيعة، عدد المرشحين 4: أمين شري لائحة الحريري، ابرهيم شمس الدين، علي شحرور، صلاح عسيران. مقعد للأرثوذكس عدد واحد عدد المرشحين 2: عاطف مجدلاني لائحة الحريري، نجاح واكيم حركة الشعب. ومقعد للأقليات عدد واحد عدد المرشحين 2: نبيل دو فريج لائحة الحريري، وريمون أسمر. وفي ثانويات"خديجة الكبرى"ومدرستي"عمر فاخوري"و"ابتهاج قدروة"تراوحت نسبة الإقبال التي عدها رؤساء الأقلام جيدة، بين 30 و 35 في المئة، فيما لم تتجاوز نسبة الاقتراع في ثانوية"الرئيس رينيه معوض"العشرة في المئة. وفي منطقة الباشورة بقيت نسبة الإقبال على أقلام الاقتراع ضعيفة نسبياً ولم تتعد في بعض المراكز العشرين في المئة. وعلى رغم الطابع التنافسي للعملية، لم ينذر مشهد أي من مراكز الاقتراع في الدائرة الثانية بوجود معركة انتخابية. ومنذ الصباح سيطر الهدوء على الموقف، واقتصرت الخروقات على غياب أسماء عدد من الناخبين عن لوائح الشطب، في حين شهدت بعض الأقلام في مراكز الاقتراع ذات الغالبية المسيحية شبه مقاطعة. غير أن السلاح الأكثر فاعلية في هذه الدائرة تمثل في اللوائح الملغومة، التي انتشرت بكثرة، وخلطت أسماء مرشحين من لائحة الحريري، بمرشحين آخرين منافسين. كما سببت المعلومات الواردة عبر المندوبين من داخل أقلام الاقتراع، عن تشطيب الناخبين المسيحيين لمرشح"حزب الله"على لائحة الحريري أمين شري، واستبداله بالمرشح إبراهيم شمس الدين، بلبلة في صفوف الناخبين، سرعان ما بددتها تصريحات المرشحين الكثيرة والمتتالية وجولاتهم على أقلام الاقتراع. وفي هذا الإطار، اعتبر النائب وليد عيدو خلال جولته على المراكز، أن تدني نسبة الاقتراع في الدائرة الثانية"يزعجنا معنوياً ولكنه لن يؤثر في نتيجة الانتخابات"، معلناً أن"سماحة السيد حسن نصر الله و"حزب الله"ملتزمان التزاماً كاملاً باللائحة، وهذا أقصى ما كنا نتمناه ونريده أن يتحقق هذا التحالف وينجح، لاننا في المرحلة المقبلة لا بد من أن نتحالف في مواجهة الاجندة الأميركية". من جهته، أكد شري أن"التحالف السياسي أقوى من التحالف الانتخابي، ونحن نتعامل بشكل إيجابي"، وأضاف:"الناخبون في الحزب ملتزمون بكل اللائحة والوضع متبادل، ونعتبر أنفسنا ناخباً واحداً تيار المستقبل وحزب الله، وهذا ما أكده لنا مندوبونا ومندوبو تيار المستقبل في كل أقلام الاقتراع". وعن دور المراقبين الدوليين وهل يعتبر أن وجودهم ضروري أم هو مجرد شكلي لا فائدة منه، قال شري:"وجودهم ضروري ليرى الرأي العام العالمي من خلالهم، أن هناك حرية للناخب وهو يختار من يشاء، وليس عملية إيهامية. أتصور أن نتيجة لجنة المراقبين ستكون إيجابية وحتى الآن ليس هناك أي إشكال أو شكوى، وسجال خارج مراكز الاقتراع". وأوضح شمس الدين أنه ليس مرشحاً"ضد لائحة الرئيس الحريري إطلاقاً، أنا بديل مع اللائحة ولست بديلاً منها". وأضاف:"إن الناس تستطيع أن تختار ما يناسبها من دون مال، وأنا لست خصماً لأحد، وعلاقتي مع"حزب الله"جيدة جداً، لكن هذا لا يعني أن لا أترشح". ولعل أكثر الأحداث بروزاً في يوم الدائرة الثانية الانتخابي، كان هجوم واكيم العنيف خلال تفقده ثانوية المقاصد الإسلامية في الباشورة على وزير الداخلية حسن السبع، معتبراً إياه موظفاً لدى آل الحريري، وكذلك على آل الحريري متهماً إياهم برشوة الناخبين. وأشار واكيم إلى أن المعركة هي بين لائحة الرئيس الحريري"التي شكلت في السفارة الأميركية"، ولائحة"الشعب اللبناني"الذي هو عضو فيها. وحمل أيضاً، على تدخلات السفير السابق جوني عبدو، وسأل آل الحريري:"إذا كان هناك فعلاً معركة انتخابية اليوم مع الأموال التي يدفعونها، فهم يريدون أن ينفوا أن لديهم إعلاماً وأموالاً مصروفة، خصوصاً من خلال وزير الداخلية"، مضيفاً"أما نحن فمعنا الناس ولدينا ثقتهم". وكان واكيم في تصريح آخر قال:"إن العملية الانتخابية تجرى في أكثر من مكان بشكل جيد"، واضاف:"لكن أذكر وزارة الإعلام تحديداً، إن ما ترتكبه وسائل الإعلام والفضائيات خصوصاً، تطبق عليه أحكام قانون الإعلام الانتخابي، بمعنى أن إذا كانت تخالف، فالأمر يستدعي اقفالها، ولا أعلم لماذا لم يتخذ في حقها ولا أي إجراء، وهذه مسؤولية وزارة الإعلام". كلام واكيم هذا، سرعان ما وصلت أصداؤه إلى مدرسة"الجمعية المسيحية للشابات"في عين المريسة، حيث غالبية الناخبين من الطائفة السنية، لينال النائب السابق سيلاً كبيراً من الانتقادات. فواكيم كما تراه رندة"استغل مشاعر البيروتيين العروبية، ليصل إلى المجلس بادعائه الناصرية، غير انه وبعد قليل انقلب عليهم وصار شيوعياً". وتضيف رندة أمام زمرة من المندوبات يسخرن من واكيم:"ألا يخجل واكيم من نفسه عندما تجول سيارات ماكينته الانتخابية شوارع بيروت، رافعة صور عبد الناصر، هل يظن البيروتيين أغبياء ليصدقوه مرة أخرى". لكن،"فشة الخلق"الشافية لرفيقة رندة تكون:"الحمد لله، ما بقى يحلم فيها كرسي النيابة". الدائرة الثالثة ولعل ابرز توصيف للمعركة في دائرة بيروت الثالثة دار المريسة، راس بيروت، زقاق البلاط، المدور، المرفأ، ميناء الحصن، هي التنافس غير المتكافئ. فالمقاعد السنية عدد 2، والتي يتنافس عليها كل من محمد قباني وغنوة جلول لائحة الحريري، عدنان طرابلسي المشاريع الخيرية الإسلامية ويحيى احمد، كانت محسومة منذ الصباح لمصلحة نائبي لائحة الحريري. لكن ذلك لم يمنع مندوبة"المشاريع"من الطلب بلطف من المقترعين أن"نزلي لنا عدنان طرابلسي الله يرضى عليكي". وتميزت الدائرة الثالثة بقلة عدد الناخبين، إذ بلغت نسبتهم 12.08في المئة حتى الساعة الواحدة ظهراً، ما دفع أحد العسكريين إلى السخرية من قلة العدد، قائلاً إن"عدد المراقبين تجاوز عدد الناخبين بأشواط". وفي مدرسة الفرير في الجميزة، كانت الصورة اكثر وضوحاً، إذ بلغ عدد المقترعين المسيحيين في أحد الأقلام 26 من اصل 547 ناخباً. ولم تلق دعوة النائبة غنوة جلول خلال جولتها على المراكز، الى"المشاركة في هذه التظاهرة على رغم حزننا الكبير على رفيق الحريري"، صدى في مراكز الاقتراع. وفي مدرسة"الإنجيلية المركزية الأرمنية"في الرميل كانت الحال تشبه المقاطعة. وفي"راهبات المحبة"في كليمنصو، أدلى 13 ناخباً بصوتهم من اصل 250 حتى الساعة 12 ظهراً. وفي قلم آخر، اقترع 19 ناخباً روم، كاثوليك، موارنة من أصل 446، مسجلين على لوائح الشطب. من بعد صائب بك لا ننتخب احداً! البيك في الخارج لأسباب تتصل بالعمل"، يقول مرافق النائب السابق تمام سلام. يجلس المرافق على كرسيه في الطابق الأول من منزل"بيت سلام"في المصيطبة، وفي الناحية الأخرى من مكتبه الحديد القديم لم يوقف الرجل السبعيني التدخين لحظة واحدة، منذ دخولنا إلى المكان."بيت سلام"هو أحد البيوت السياسية العريقة في بيروت، والتي غاب دورها السياسي تدريجاً مع الأيام. "فوق توجد والدة البيك وزوجته، ولن أخبرك شيئاً آخر، لأنني عسكري ممنوع عليّ التصريح للإعلام"، يضيف المرافق. لكن، في عيني الرجل السبعيني كلام كثير توحي به نظرته إلى صورة صائب سلام المعلقة خلف المرافق."بيت الزعيم طول عمره مليان. ولا مرة كان يخلو من العالم. أصلاً اليوم هو فارغ لأن تمام بيك مسافر، وعندما يرجع ستعود العالم"، يقول الرجل، ويضيف:"البيك لم يسافر بسبب العمل. هو عرف أن الانتخابات معلبة خالصة في السفارات الأميركية والفرنسية والسعودية، لذلك فضل السفر، وعائلته قاطعت التصويت". الرجل نفسه، يبدو مقاطعاً فپ"من بعد صائب سلام لا ننتخب أحداً، أصلاً في تاريخ حياتي كلها، لم ار مثل هذه الانتخابات. 11 مرشحاً يفوزون بالتزكية. ما صارت بالعالم". بوابة البيت الأبيض الحديد الكبيرة مفتوحة أمام المارة. لا أحد منهم يدخل الى المكان. شبابيك البيت الزرق مقفلة، والدرج العريض يفضي الى غرفة يجلس فيها المرافق والرجل المدخن، خلف صورة قديمة لپ"صائب بيك".