بحسب احصاءات"مؤسسة جونيير للابحاث"في بريطانيا، من المتوقع أن ينفق جمهور الخلوي في العالم، مبلغ بليون دولار خلال العام الجاري من أجل مشاهدة صور إباحية على شاشات الهواتف النقالة."لا حرج في الاتصال"، قد تكون هذه هي المقولة التي ستسود بعد حين. تفضل مجموعات من رجال التسويق، وكذلك معظم العقول المفكرة في شركات الاتصالات التي تدبّر للمستهلك"مصائد"جذابة لانفاق المزيد من الأموال، الحديث عن"قيمة مضافة" Added Value يوفرونها لمستخدم الهاتف النقّال. وفي مقام أكثر دقة، يكون الحديث عن"قيمة مضافة في المضمون الترفيهي". في هذا السياق، نقرأ أن بعض المشتركين الانكليز يدفعون 200 دولار شهرياً فاتورة اشتراكات الخدمة الإباحية التي يبدو أن شركات خدمات الخلوي هناك تحبذها اكثر من غيرها. ولا داعي لذكر المداخيل الهائلة التي تحققها شركة"ويندا"، التي تقدم مجموعة من خدمات الجنس الخلوي في ايطاليا! "المستخدمون لا يريدون من هاتفهم الخلوي أن يكون ناقلاً لأصواتهم فقط"، واقع آخر يراهن عليه المسوّقون. ويتبدى بملامح واضحة في التجربتين الأوروبية والأميركية، في الوقت الذي لا يزال في مرحلة التشكل الأولى، أو قبل التشكّل في العالم العربي. اخيرا، عقدت الشركة المزوّدة لخدمة الاتصالات في الكويت، وهي"الوطنية للاتصالات"، تحالفاً مع إعلام"روتانا"يضمن لمستخدمي خطوطها النفاذ إلى محفظة خدمات الإعلام الترفيهي الخاصة ب"روتانا". هذا يعني جملة من الخدمات تبدأ من هيفا وهبي ولا تنتهي عند نانسي عجرم، وأسطول ضخم من"أبناء روتانا"، ستعبّد لهم الطريق إلى هواتف الكويتيين التي"سينزلون"فيها صوتاً وصورة، وربما خدمات أخرى في مرحلة لاحقة."القيمة المضافة"التي تقدمها"الوطنية للاتصالات"غير"القيمة المضافة"التي تقدمها"ويندا الايطالية"بالطبع. من المؤكد أن وزن البعد الأخلاقي لإمكانات التكنولوجيا عامة، وتكنولوجيا الاتصال بشكل خاص، ماثل بقوة أكبر في تجربة"الوطنية"وشركات الاتصالات العربية الأخرى في محاولاتها تقديم مضمون يتجاوز الخدمات الصوتية لمشتركيها، لكنّ"أخلاق الإتصال"لا تختصر وحدها العجز الذي تعاني منه الشركات في هذا المجال. وتبيّن دراسة حديثة لمجموعة"المرشدين العرب"أن"حصّة عائدات الخدمات المضافة من العائدات الكلية لشركات الاتصالات هي أقل من النصف مقارنة بالمشغلين في الدول الأوروبية". ولدى السؤال عن طبيعة هذه الخدمات، يتبيّن أنها بغالبيتها خدمات معلوماتية لا تساهم بأكثر من نسبة تتراوح بين 4و8 في المئة من إجمالي عائدات الهواتف الخلوية."حتى هذه العائدات، معظمها يأتي من الرسائل القصيرة أكثر من الخدمات المعلوماتية بمعناها الحقيقي"، يقول جواد عبّاسي مؤسس ومدير عام المجموعة. ويضيف:"قمنا بدراسة بيّنت انه لدى فصل العائدات المتأتية من الرسائل القصيرة وخدمات الفاكس، فإن نسبة العائدات من الخدمات المعلوماتية تنخفض بنسبة 90 في المئة". هذا يعني أن جهاز الخلوي، الذي يمتلكه المستهلك العربي، لا يوفر له غالبا أكثر من الخدمات الصوتية.. لحد الآن. و تتضح الصورة أكثر في المعادلة التالية: أكثر من 41 شركة مشغلة للهواتف الخلوية في العالم العربي +23 شركة هواتف ثابتة + ما يزيد عن 100 محطة تلفزيونية فضائية و90 محطة أف أم إذاعية = عائدات خدمات معلوماتية لا تتجاوز 8 في المئة! حاجة للتحفيز يرجع تيمو أفيري، مدير التسويق والمبيعات والعلاقات، في"الوطنية للاتصالات"، رداً على أسئلة ل"الحياة"، أسباب تردّي هذه النسبة إلى قلة وعي شركات المضامين الإعلامية لأهمية تقديم خدمات مشتركة مع شركات الاتصالات،"فعلى رغم ايجابية الدور الذي تؤديه خدمات القيمة المضافة في توفير الإمكانيات لتضامن الاتصالات, التكنولوجيا والإعلام, لا يزال هنالك تقصير في فهم وتوظيف أهميتها من قبل اللاعبين في أسواق هذه الصناعة. اذ أن شركات المضامين الإعلامية, لا تعي الفرص الهامة التي يمكن أن تخلقها مثل هذه الخدمات المتقدمة. كما أن السوق تشهد تجزءاً واسعاً segmentation بما قد يمنع الاستثمارات في المضامين والخدمات الإعلامية". لكنه يتفاءل بإمكان تغيّر الصورة:" عبر العمل على جعل الخدمات أكثر سهولة لاستخدام العميل, والتحالف معا بما يضمن اتساع الأسواق لاتخاذ مبادرات إضافة إلى تحفيز مزودي المضامين على العمل معنا كشركات اتصال, سوف نتمكن من خلق محفظة ديناميكية من المضامين تدعم الإبداع, الاستثمار وتطوير الخدمات المتاحة أو المستقبلية. فالفرص بذلك سوف تكون عظيمة لخلق خدمات تعتمد على تكنولوجيات الخلوي". ولكن أين نحن، في العالم العربي، من تجارب التحالف بين قطاع الاتصالات وقطاع"الميديا"الحاصلة اليوم في الغرب؟ يجيب أفيري:"هناك إختلاف واضح بين احتياجات العملاء في المنطقة عن تلك في أوروبا وذلك ناجم عن اختلاف الثقافات واللغات. فمثلا العميل في كوريا واليابان, التي تعتبر أسواقاً مثالية للخلوي, لا يتوانى عن استخدام جهازه لخلق أفلام قصيرة أو تنزيل آخر الإصدارات الموسيقية وغيرها. في المقابل، فإنّ خدمات الخلوي المتطورة المرتبطة بسرعة الولوج إلى شبكة الانترنت لا تزال في خطواتها الأولى في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. ومهمة شركات الخلوي أن تعمل على تطوير التطبيقات والخدمات التي هي على ثقة من أنها سوف تجد صدى واسعاً لدى عملائها وبالتالي فهي تخلق الحاجة لتبنيها". ويؤكد أن الاستثمار في مجال خدمات الاتصال المضافة سيشهد طلباً كبيراً في المستقبل، إذ أن"العائدات من مضامين الخلوي الموسيقية سوف تتخطى عتبة 9 بلايين دولار بحلول عام 2009، على مستوى العالم، بحسب تقرير"جونيبر للأبحاث". وهذا ما يثبت أن هذه السوق واعدة بالنمو وهي تشهد طلباً متزايداً يرتكز على ما يتمتع به العملاء من اضطلاع واسع على آخر التكنولوجيات في هذا السياق". قد تكون الرؤية التسويقية لشركات الاتصالات العربية متفائلة بالنسبة إلى تطور قطاع خدمات القيمة المضافة، إلا أن واقعاً آخر ترسم ملامحه قدرة اتصالية ضئيلة للكثير من الأسواق حتى اليوم، إضافة إلى إغلاق أسواق أخرى وعدم تحريرها بعد، ناهيك بارتفاع تكلفة خدمات شركات الاتصالات الخلوية في العالم العربي، قياساً إلى طبيعة الخدمة وجودتها، لا توحي بأنّ التجربة الكويتية قد تكون مثالاً لشركات أخرى أقله في المدى القريب.