هرب كثيرون من الشيعة من"مثلث الموت"جنوببغداد، حيث تنشط مجموعات من المتطرفين والعصابات وتزرع الرعب في المنطقة. واقام حيدر، الذي لم يكشف اسمه كاملاً خوفاً من ان يتم استهدافه، خلال فترة في مدينة اللطيفية الواقعة بين دجلة والفرات على مسافة اربعين كلم جنوببغداد، غير انه اضطر الى الفرار الى النجف بعدما قتل والده وشقيقه. وقال الشاب البالغ من العمر 28 عاماً:"قتلوهما امام منزلنا لمجرد انهما من الشيعة". ومثل معظم سكان اللطيفية، فإن عائلة حيدر تجني دخلاً ضئيلاً من عبور الزوار الشيعة في طريقهم الى النجف وكربلاء جنوباً. وتابع:"بقيت اتلقى تهديدات وكان منزلنا مجاورا لمسجد يصلي فيه متطرفون". ويتوزع حالياً سكان"مثلث الموت"ومدنه الثلاث اللطيفية والمحمودية واليوسفية مناصفة بين الشيعة والسنة، غير ان الوضع لم يكن كذلك في الماضي. فقد سعى الرئيس السابق صدام حسين الى احكام سيطرته على هذه المنطقة ذات الغالبية الشيعية فنقل اليها سنة اقاموا في الارياف فيما بقي الشيعة في المدن. وبعد الاجتياح الاميركي في اذار مارس 2003، استولى انصار الرئيس السابق وقبائل على مستودعات الاسلحة والذخائر الضخمة وسيطروا على المنطقة. وقال عبد الحسين وهو رجل دين شيعي لجأ الى بغداد"كنت اخطط مع شقيقي العام الماضي لبناء مسجد في اليوسفية لكن منشورات علقت في المدينة دعت الى قتلنا". وتابع:"لم آخذ هذه التهديدات بشكل جدي في بادئ الامر، لكن هذا ما كان يجدر بي ان افعله لان شقيقي قتل في الشارع بعد قليل على صدور الدعوة الى قتلنا وخطف ابني وهو في السابعة من العمر". واضاف:"اضطررت الى جمع عشيرتي بكاملها وتهديد المتطرفين فأفرجوا عن ابني ما سمح في اللحظة الاخيرة بتجنب اراقة الدماء"، غير ان الحياة في المدينة بعد الحادث"لم تعد تحتمل"، وفضل رجل الدين الانتقال الى مدينة الصدر، الحي الشيعي في بغداد. وقد ارغم الكثير من الشيعة على مغادرة هذه المنطقة. ويروي آدم 34 عاماً المقيم حديثاً في الديوانية على مسافة 180 كلم جنوببغداد انه غادر اللطيفية بعد ان تلقى تهديدات لانه كان يرفض شن هجمات على الاميركيين. كما اتهم عبدالله، وهو مزارع في ال42 من العمر، بالانتماء الى منظمة"بدر"الجناح العسكري سابقا ل"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق"، فهرب مع زوجته واولاده الثمانية الى كربلاء على مسافة 110 كلم جنوببغداد. وقال صلاح عبد الرزاق الناطق باسم الوقف الشيعي ان"مئات العائلات هربت من المنطقة خلال الاسابيع او الاشهر الماضية"، من دون ان يكون في وسعه اعطاء ارقام محددة. واوضح ان"الظاهرة ذاتها تحصل في مناطق مختلطة اخرى مثل سلمان باك والمدائن على بعد 25 الى 30 كلم من بغداد وحي الدورة جنوببغداد". واضاف:"في الدورة اعرف شخصياً خمسين عائلة غادرت الحي وهذا ليس على ما يبدو سوى ظاهر الأمر"، ملمحاً الى ان عائلات كثيرة اخرى اضطرت الى الرحيل ايضا. وتزايدت خلال الاسابيع الاخيرة في العراق عمليات القتل التي تستهدف السنة والشيعة وبينهم أئمة، ما يشير الى تصعيد في العمليات الانتقامية بين الطائفتين. ورأى عبد الحسين ان هذا الوضع خطير جداً، وأوضح:"انني رجل دين والمرجعية تحرم علينا الانتقام لكنني لا اعرف كم من الوقت سنتمكن من تجنب حرب اهلية".