تعهد متمردو دارفور استئناف محادثات السلام مع الحكومة السودانية في أبوجا لاقرار تسوية سياسية في الإقليم، فيما طالبت قيادات قبلية بنقل التفاوض الى طرابلس برعاية الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الذي هاجم المتمردين واتهم رئيس"الحركة الشعبية لتحرير السودان"جون قرنق باستغلال قضية دارفور. وعقد القذافي لقاء مع نحو 250 من زعماء القبائل في دارفور بمشاركة رئيس"حركة العدل والمساواة"الدكتور خليل ابراهيم والقيادي في"حركة تحرير السودان"عثمان بشرى بهدف اجراء مصالحات قبلية ورتق النسيج الاجتماعي ووضع أسس لانهاء النزاع في الاقليم. وأفيد في الخرطوم ان القذافي وجّه انتقادات الى المتمردين ووصف أسباب حملهم السلاح بأنها"غير موضوعية ومخجلة"، ورأى ان الصراع في الاقليم"بدائي وجاهلي"وقد يقود السودان الى وصاية دولية، وقال انه يمكن حله عبر الحوار والمحادثات وليس حمل السلاح. وأضاف القذافي ان من بدأوا الحرب في دارفور"غير محترمين وغير منطقيين وإذا أرادوا استهداف الحكومة فليذهبوا الى الخرطوم". واعتبر مطالب المتمردين موضوعية ومقبولة ولكنها لا تستدعي حمل السلاح، مشيراً الى ان هناك جهات استغلت الصراع. وتساءل عن تدخل اريتريا في القضية، وقال ان جون قرنق أراد ان يستغل مسألة دارفور لاضعاف موقف الحكومة في محادثاته معها. ورأى ان السلام لن يتحقق من دون نزع سلاح ميليشيا"الجنجاويد"المتحالفة مع الحكومة، والمتمردين. وذكر ان مطالب ابناء دارفور لا خلاف عليها وليست هناك مسافة بعيدة في استجابة الخرطوم لها. وكلف لجنة مشتركة من القيادات القبلية والمتمردين باشراف ليبي صوغ اقتراحات تحمل مطالب الأطراف المختلفة لطرحها على الحكومة. وتعهد المتمردون خلال حديثهم في الملتقى الذي يعقد للمرة الثالثة في طرابلس، العودة الى طاولة المفاوضات والتزام وقف النار. وطلبوا من القذافي ان ينقل مطالبهم الى القمة الافريقية المصغرة في شأن دارفور والمنتظر ان تنعقد في شرم الشيخ في 15 الجاري بمشاركة السودان ومصر وليبيا ونيجيريا وتشاد والغابون. مواقف المتمردين وأعلن رئيس"حركة العدل والمساواة"خليل إبراهيم، في كلمته أمام القذافي، ان حركته ستستأنف مفاوضاتها مع الحكومة السودانية من أجل حل أزمة الإقليم من دون أي قيد أو شرط. وأوضح أن حركته تسعى جادة الى تحقيق السلام والأمن في الإقليم، معتبراً أن حكومة الخرطوم هي التي تشكل عائقاً أمام السلام المنشود. كما اتهم المجتمع الدولي باتباع سياسة انتقائية في تحقيق السلام في الإقليم المضطرب، وقال:"يجب أن تعرفوا أن المجتمع الدولي ومن خلال مجلس الأمن هو الذي أوقف السلام في الجبهة الغربية في دارفور وعمل على تحقيقه في الجزء الجنوبي، إذ عُقدت جلسة لمجلس الأمن في نيفاشا بكينيا لهذا الغرض وتم تجاهل الأوضاع في الجزء الغربي من الإقليم، وهو بذلك يكون أوقف مسيرة السلام في دارفور". ووصف الوضع في الإقليم بأنه استعمار، قائلاً"نحن اليوم نعيش استعماراً داخلياً، ونرفض العيش تحت الاستعمار". وقاطع أعضاء في الوفد، خصوصاً النساء منهم، كلمة خليل مرددين شعارات ترفض الحرب وتطالب بالسلام، مما اضطره الى انهاء كلمته. وألقى عثمان بشرى من"حركة تحرير السودان"كلمة في اللقاء أكد فيها إن حركته تخوض"كفاحاً مسلحاً ضد الاحتلال والظلم"الذي لحق بأبناء الإقليم عبر العصور منذ عودة الاستعمار الى السودان عام 1898 وحتى اليوم. وأضاف:"الحل لا يكون إلا مع الدولة السودانية حتى نحقق دولة المواطن المتساوية في الحقوق والواجبات ... وهذا لا يتحقق إلا بمشاركة فعالة وكاملة لنا في السلطة والثروة. نمد أيدينا بيضاء للحل كما فعلنا مراراً مع النظام في الخرطوم".وجدد استعداد"حركة تحرير السودان"لاستئناف المفاوضات مع الحكومة من دون شروط. وجدد التأكيد ان حركته تستهدف الحكومة القائمة في الخرطوم فقط و"ليس لنا أي مشاكل مع أي قبيلة أو طائفة. إن نضالنا لا يقتصر على تحرير دارفور فقط وإنما تحرير كل السودان من القوانين والقيود التي حكمته منذ عودة الاستعمار إليه وحتى اليوم". وفي أسمرا، أفيد ان الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"تعتزمان التراجع عن مادة في مسودة الدستور الانتقالي تحظر نشاط الأحزاب الرافضة الدستور، وتعملان على ايجاد صيغة"وفاقية". وعلمت"الحياة"ان المفوضية القومية للمراجعة الدستورية تتجه الى التراجع عن مادة تحظر نشاط الأحزاب السياسية الرافضة الدستور الانتقالي وغير الملتزمة اتفاق نيفاشا للسلام بين الخرطوم وحركة قرنق. واثارت المادة جدلاً واسعاً بين المعارضين والكتاب السودانيين الذين تخوفوا مما سمّوه"تقنيناً لنظام شمولي جديد"من خلال"شراكة بائسة"بين"المؤتمر الوطني"الحاكم و"الحركة الشعبية". وتنص المادة مثار الجدل على انه"لا يحق لأي تنظيم أن يعمل كحزب سياسي على المستوى القومي إلا إذا كان ضمن أشياء أخرى: أ - عضويته متاحة لكل السودانيين بغض النظر عن الدين أو الأصل العرقي أو النوع أو مكان الميلاد. ب - لديه برنامج يؤيد اتفاقية السلام الشامل ويتوافق مع هذا الدستور. ج - لديه قيادة ومؤسسات منتخبة ديموقراطياً. د. لديه مصادر تمويل شفافة ومعلنة". وفي لندن، قال الناطق باسم"حركة تحرير السودان"محجوب حسين ان الحركة"لا تعترف مطلقاً بأي صيغة دستورية من دون مشاركة كل فاعليات الشعب السوداني". وأوضح ان حركته طالبت العقيد القذافي بأن ينقل الى قمة شرم الشيخ"وجهة نظرها المتمثلة في تنفيذ كل القرارات الدولية وتسليم مجرمي الحرب إلى العدالة الدولية وسحب كل الطائرات الحربية من الإقليم وكذلك تفكيك الجنجاويد لفتح المجال أمام محادثات جادة وفاعلة في أبوجا".