عقد مجمع الكرادلة اجتماعاً ثالثاً في الفاتيكان أمس، للاطلاع على وصية البابا يوحنا بولس الثاني الروحية وتحديد موعد لعقد مجمع مغلق لاختيار خليفة له، فيما استمرت قوافل المعزين بالتوافد إلى كاتدرائية القديس بطرس لإلقاء نظرة أخيرة على البابا الراحل. وعقب ذلك، أعلن الناطق باسم الفاتيكان جواكين نافارو- فالس، أن مجمع الكرادلة سيبدأ عملية انتخاب البابا الجديد اعتباراً من الاثنين في 18 نيسان أبريل الجاري، أول يوم يمكن أن يعقد فيه المجمع طبقاً للدستور الرسولي الذي أصدره البابا عام 1996 وينص على احترام مهلة 15 يوماً على الأقل بعد وفاة الحبر الأعظم لعقد المجمع. وأفاد الناطق بأن وصية البابا تليت أمام الكرادلة أمس، على أن تنشر اليوم الخميس بلغته الأم البولندية كذلك باللغة الإيطالية، مشيراً إلى أنها لا تتضمن اسم الكاردينال"السري"الذي عينه في 2003. نظرة أخيرة في موازاة ذلك، تعاقب الزوار في شكل متواصل ومن دون توقف لليوم الثالث على التوالي أمس أمام جثمان يوحنا بولس الثاني المسجى حتى مساء اليوم الخميس، في كاتدرائية القديس بطرس، لإلقاء النظرة الأخيرة عليه بعد الانتظار ساعات. وأغلقت أبواب الكنيسة لبضع ساعات ما بين الساعة الثانية والساعة الخامسة الليل الماضي لإجراء أعمال التنظيف. وقام البعض خلال فترة الانتظار بتسلق الحواجز المعدن التي وضعت لاحتواء الحشد ليتمددوا في المساحات الفارغة من ساحة القديس بطرس والشارع المؤدي إلى الكنيسة. وقام الجيش الإيطالي في بعض المواقع بتوزيع العصير والقهوة والحلوى باكراً في الصباح. وقدر عدد الذين ألقوا نظرة الوداع على البابا ما بين مساء الاثنين ومنتصف ليل أمس، بمليوني شخص. وأرسلت السلطات الإيطالية ملايين الرسائل السريعة إلى جميع المشتركين بخدمة الهاتف المحمول، وجاء فيها:"إذا كنت قاصداً روما لإلقاء نظرة الوداع على البابا استخدم وسائل النقل العام. أعد نفسك لطابور طويل لكن منظم. الطقس حار في النهار وبارد في الليل". بولندا وخرج البولنديون إلى شوارع كراكوف والعاصمة وارسو ولودز وبوزنان ولوبلين وفروكلاف وعشرات المدن الأخرى للصلاة من أجل البابا الذي كان يعتبر ملك بولندا غير المتوج، ملبين الدعوة التي تنتقل بين المواطنين شفوياً ومن طريق الإنترنت ومن خلال الرسائل القصيرة على أجهزة الهاتف المحمول. وكان أكبر الحشود أمام قصر الأسقف في كراكوف الذي كان مقراً للكاردينال كارول فويتيلا قبل اختياره لمنصب البابا عام 1978. بالتزامن مع ذلك، احتشد أكثر من مئة ألف شاب وفتاة لليلة الثالثة على التوالي في حديقة بلوني قرب قصر الأسقف، حيث أضاؤوا الشموع وأقاموا الصلوات في المكان عينه الذي قاد فيه البابا الراحل قداساً في آب أغسطس 2002، وقال صديق مقرب للبابا يوحنا بولس الثاني كان بجواره وهو يحتضر مساء السبت في الفاتيكان إن البابا توفي وعلى وجهه ابتسامة. وقال القس البولندي تاديسز ستيتزن لراديو بولندا إن البابا قام بحركة وكأنه يمد يديه ثم وضع ذراعيه أمامه. وأضاف أن البابا توفي وحوله أقرب أصدقائه البولنديين. معزون من بوش إلى... بن لادن! بالتزامن مع ذلك، أكد البيت الأبيض أن الرئيسين الأميركيين السابقين بيل كلينتون وجورج بوش الأب سيشاركان في جنازة البابا في العاصمة الايطالية غداً، ضمن الوفد الرسمي الذي سيوفده البيت الأبيض. كما تسافر وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس لتمثل الولاياتالمتحدة في القداس الذي يقام في الفاتيكان. وترافق السيدة الاولى لورا بوش زوجها الرئيس جورج بوش في زيارته لإيطاليا لحضور الجنازة ليصبح عدد أعضاء الوفد الرسمي الأميركي خمسة أعضاء. وذكر مكتب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر إنه لن يحضر الجنازة بعد علمه بأن الوفد سيكون محدوداً. وذكر مكتب الرئيس الأميركي الأسبق جيرارد فورد 91 عاماً أنه لن يتمكن من السفر لحضور الجنازة. في المقابل، نفت وكالة أنباء"أنسا"الإيطالية قولها إن أسامة بن لادن زعيم تنظيم"القاعدة"سيحضر جنازة البابا، في تقرير نسب إليها ونشر على نطاق واسع على شبكة الإنترنت. ولاحظت"أنسا"أن في النبأ الذي نشر الثلثاء، حرص مروج خبر سفر بن لادن من باكستان إلى روما لحضور الجنازة على تقليد شكل رسائل الوكالة والأرقام التي توردها في ذيل الرسائل. إلى ذلك، أسرع معظم رؤساء دول أميركا اللاتينية في اتخاذ ترتيبات السفر إلى الفاتيكان لحضور جنازة البابا. وكان مسؤولون أعلنوا في وقت سابق أن وفد كوبا الذي سيحضر جنازة الحبر الأعظم سيترأسه رئيس الجمعية الوطنية ريكاردو آلاركو، لكن مصادر في الفاتيكان قالت إن الرئيس كاسترو سيسافر إلى روما لحضور الجنازة. ويشارك في الجنازة الرئيس المكسيكي فيسنتي فوكس والبوليفي كارلوس ميسا والبرازيلي لويس إيغناسيو لولا دا سيلفا إضافة إلى رؤساء نيكاراغوا وغواتيمالا وكوستاريكا وبنما. ولن يشارك في الجنازة رئيسا كولومبيا ألفارو أوريبي وتشيلي ريكاردو لاغوس بسبب ارتباطات خارجية لم يتمكنا من إلغائها. كما أعلن رئيس السلفادور أنتونيو ساكا انه لن يتمكن من السفر، إلا أنه سيرسل زوجته، وهو ما قرره كذلك رئيسا جمهورية الدومينيكان وأوروغواي. كما أعلن رئيس البيرو آليخاندرو توليدو أنه لن يشارك في الجنازة. وفي عمّان، قال مصدر في الديوان الملكي إن العاهل الأردني الملك عبد الله سيشارك في جنازة الحبر الأعظم"تقديراً لمواقف قداسته الداعمة للسلام والقضايا الإنسانية ودوره في التقريب بين اتباع الديانات السماوية في مختلف مناطق العالم". كما ذكرت وكالة الانباء الايرانية أن الرئيس الايراني محمد خاتمي سيشارك في الجنازة. وكانت الوكالة نقلت في وقت سابق عن الرئيس الإيراني قوله:"آمل بأن اتمكن من المشاركة في الجنازة". وفي تايبه، ذكر تقرير أن من المتوقع أن يحضر الرئيس التايواني تشن شوي بيان جنازة البابا، بعدما وافقت إيطاليا على تسهيل زيارته في خطوة ربما تسبب غضب الصين. وكانت تايوان واجهت موقفاً محرجاً عام 2002 عند زيارة غير رسمية قامت بها نائبة الرئيس التايواني آنيت لو إلى إندونيسيا التي تتمتع بعلاقات ديبلوماسية مع الصين. ووصل إلى روما أمس سفير الفاتيكان في سانتا لوسيا المغترب اللبناني جيلبير شاغوري، على رأس وفد رسمي للمشاركة في جنازة البابا.