يفتتح وزير الثقافة المصري فاروق حسني هذا الأسبوع قصر محمد علي باشا الكبير في ضاحية شبرا الخيمة شمال القاهرة بعد الانتهاء من ترميمه وتجديده لجعله مزاراً سياحياً. وقدرت كلفة تطويره بنحو 45 مليون جنيه. وكانت أعمال الترميم التي نفذت على مدى أربع سنوات بمثابة انقاذ لذلك الأثر الفريد بعد ازالة نحو 51 مبنى عشوائياً كانت تحيط بالقصر وكذلك كل التعديلات المقامة عليها، تحت اشراف وزارة الثقافة المصرية. وراعت الترميمات تاريخ القصر وأهميته المعمارية اذ أنه يعد تحفة معمارية فنية تعبر عن خصوصيات العمارة التي تميزت بها فترة حكم محمد علي لمصر. ويذكر أن هذا القصر هو من أصل المباني الثلاثة عشر التي بدأ بناؤها في العام 1808 واكتملت في العام 1821، وأشرف عليها المهندس ذو الفقار كتخذة استناداً الى التصميم الذي وضعه قنصل فرنسا العام في مصر. وكانت مساحة القصر بما فيها الأراضي التي شكلت حديقته الواسعة تبلغ أكثر من ستين فداناً هكتاراً، وتحول جزء واسع من الحديقة الى كلية الزراعة التابعة لجامعة عين شمس بقرار جمهوري صدر العام 1958 لكنه أعيد قبل أربعة أعوام الى المجلس الاعلى للآثار التابع لوزارة الثقافة المصرية. وأهم قصر من القصور المتبقية هو"الفسقية"الذي انتهى المجلس الأعلى للآثار من ترميمه أخيراً، وهو مكون من أربع حجرات أساسية: غرفة الاستقبال، وغرفة الطعام، وصالة البلياردو التي أعيدت اليها طاولات البلياردو بعد ترميمها، والحجرة العربية. وتحيط أضلاع القصر التي يبلغ طولها 88 متراً وعرضها 76 متراً بساحة تتوسطها بحيرة مائية فيها جزيرة أُقيمت عليها المقصورة الملكية التي يمكن الوصول اليها بقارب صغير. وكان محمد علي يجلس في المقصورة اثناء الاحتفالات بينما يجلس الضيوف حول البحيرة. وقد بنيت القصور على طراز الركوكو والبراك اللذين سادا اوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر. وقال مدير المشروع الأثري أيمن عبدالمنعم ان أعمال الترميم في القصر التاريخي حرصت على الحفاظ على الأشجار والنباتات النادرة في الحديقة بعد أن كاد يتلاشى البستان الكبير الذي شيده محمد علي، لافتاً الى ان كلفة ترميم أسقف القصر وحدها بلغت نحو 15 مليون جنيه حيث كانت في حالة سيئة بسبب الاهمال وعوامل التعرية التي لحقت به. ويحتوي القصر من جهاته الأربع على حجرات كبيرة، تعرف القبلية منها باسم صالة"الجوز"لأن أرضيتها مغطاة بخشب الجوز، اضافة الى صالتين شرقية وغربية تعرف احداهما بصالة البلياردو، أما الصالة الرابعة فخصصت للمائدة وجميعها مزخرفة بالنقوش النادرة، وفي أجزاء منها تحمل مناظر ولوحات طبيعية خلابة. كما يضم القصر مجموعة من الصور واللوحات لأبناء محمد علي رسمها فنانون أتراك وأوروبيون. ويذكر أن ضاحية شبرا ازدهرت ابان تولي محمد علي حكم البلاد، وكانت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه قيامه بتمهيد شارع شبرا الحالي العام 1808 ليكون طريقاً بين القاهرة وقصره المشيّد قرب شبرا الخيمة، وغرس على جانبي الطريق أشجار اللبخ والجميز. وعُرف الطريق آنذاك باسم"جسر شبرا". وفي العام 1850 شيد محمد سعيد باشا والي مصر وقتها قصر النزهة على شارع شبرا وهو الذي تشغله حالياً مدرسة التوفيقية الثانوية، فيما أنشأ الأمير طوسون بن محمد سعيد والي مصر ووالد الأمير السابق عمر طوسون في العام 5681 سرايا تشغلها اليوم مدرسة شبرا الثانوية.