تبدي اسرائيل، في موازاة"عدم ارتياحها"لأداء أجهزة الأمن الفلسطينية في ملاحقة"المطلوبين"، اهتماماً كبيرا بالتطورات الأخيرة على الساحة الفلسطينية واستقالة/إقالة عدد من قادة هذه الأجهزة وتوقعاتها - تمنياتها بتعيين بدلاء تعتقد أنهم قادرون على"تسليم البضاعة". واتهم الرئيس المقال لقوات الأمن الوطني في الضفة الغربية اللواء اسماعيل جبر وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز بالوقوف وراء إقالته من منصبه. وكشفت صحيفة"معاريف"أمس أن النائب الأول لرئيس الحكومة شمعون بيريز والوزير حاييم رامون التقيا سرا، الأربعاء الماضي، رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع أبو علاء والوزير محمد دحلان والمفاوض الدكتور صائب عريقات في إطار الجهود الاسرائيلية لإقناع القيادة الفلسطينية بالتعاون مع اسرائيل لتنسيق الانسحاب المزمع من قطاع غزة والشروع في ما يلزم من خطوات تتعلق ب"إحباط الإرهاب". واضافت أن المسؤولين الاسرائيليين استمعا الى ادعاءات شديدة اللهجة من الفلسطينيين حول سلوك جيش الاحتلال الذي لم يتبدل منذ تسلم محمود عباس أبو مازن السلطة وأن الجيش ما زال يراكم الصعوبات في وجه الفلسطينيين على الحواجز العسكرية ولم يقدم أي تسهيلات وعدت اسرائيل بها في قمة شرم الشيخ. من جهتهما رد بيريز ورامون على الادعاءات بمماثلة وبأن"الفوضى"ما زالت تعم المناطق الفلسطينية وأن السلطة لم تجر أي إصلاحات فيما أجهزة الأمن الفلسطينية لا تحرك ساكناً"لأن رئيس السلطة محمود عباس أبو مازن لم يقم بأي عمل في هذا الاتجاه"ما سيحول، برأي أوساط اسرائيلية، دون استدعائه الى واشنطن هذا الشهر"إذا لم يكن يحمل في جعبته نتائج ملموسة على الأرض لسياسته!". وكان وزير الدفاع الاسرائيلي موفاز أدلى باتهامات مماثلة للسلطة الفلسطينية أثناء زيارته واشنطن الأسبوع الماضي وادعى أن الفلسطينيين لم يفوا بالتزامهم ملاحقة"المطلوبين"اسرائيليا في المدن التي تسلمت السلطة الفلسطينية المسؤولية الأمنية عنها ما يبرر برأيه عدم تسليم مدن أخرى كما جرى الاتفاق. وفيما لمح مراقبون اسرائيليون الى أن تطورات اليومين الأخيرين في رام الله والإعلان عن النية لإقالة عدد كبير من المسؤولين في أجهزة الأمن الفلسطينية نجمت عن الضغوط الاسرائيلية الممارسة على قيادة السلطة، اتهم رئيس قوات الأمن الوطني في الضفة الغربية، المُقال اللواء الحاج اسماعيل جبر وزير الدفاع الاسرائيلي موفاز بالوقوف وراء إقالته وأنه يخوض منذ فترة حملة تحريض ضده"على خلفية رفضي الأسلوب التي اتبعته اسرائيل لدى تسليم اريحا للسلطة الفلسطينية". وتعيد هذه الاتهامات الى الأذهان ما كشفت عنه صحيفة"هآرتس"الاسرائيلية قبل أكثر من شهر عن قبول"ابو مازن"طلباً اسرائيلياً بإقالة عدد من المسؤولين الأمنيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وأنه أعد العدة لهذه الخطوة لكنه أرجأها، قبل يوم واحد من موعد تنفيذها، بعد الكشف عن الطلب الاسرائيلي في الصحيفة الاسرائيلية متفادياً بذلك الظهور كمن يمتثل للأوامر الاسرائيلية، كما كتبت"هآرتس". الى ذلك، أفادت"هآرتس"أمس أن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون عدل عن نيته التقدم الى الرئيس الأميركي جورج بوش خلال لقائهما المتوقع في واشنطن الاثنين المقبل بطلب لدعم مالي أميركي لتمويل الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة"وذلك لعدم استكمال اللجنة الاسرائيلية الخاصة بلورة حجم الدعم المطلوب". وأضافت الصحيفة أن شارون معني الآن بالحصول على تأكيد أميركي لرسالة الضمانات التي تلقاها من الرئيس بوش قبل عام بالضبط بأن تأخذ الحدود العتيدة لاسرائيل التي ستُقر في أي اتفاق دائم في الحسبان"وجود التجمعات السكنية الاسرائيلية"في الضفة الغربية، أي الكتل الاستيطانية الكبرى. وزادت أن شارون معني جدا بأن يعلن الرئيس بوش بملء فمه أن هذه المستوطنات ستبقى تحت السيادة الاسرائيلية في إطار أي تسوية دائمة للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، نظراً للمصاعب الداخلية الجمة التي يواجهها على خلفية خطته لتنفيذ الانسحاب. وزادت الصحيفة أن شارون سيبحث أيضا في وضع السلطة الفلسطينية وفي المسار السياسي المتوقع بعد الانسحاب من غزة والمشروع النووي الايراني، مشيرة في الآن ذاته الى احتمال إرجاء الزيارة التي تزامنت مع تشييع البابا يوحنا بولس الثاني.