استمر البابا يوحنا بولس الثاني بالتصدي للمرض بهدوء وتماسك، بينما أعلن الفاتيكان أمس أن الحبر الأعظم يفقد الوعي ثم يستفيق، وأن حالته الصحية العامة ما زالت شديدة الخطورة. وقال الناطق باسم الفاتيكان جواكين نافارو- فالس إن البابا البالغ من العمر 84 عاماً ليس في غيبوبة. وأضاف:"بدءاً من صباح اليوم أمس في الفجر نلاحظ أن حالة وعيه تدهورت"، لافتاً إلى أنه"حين يتحدث تكون عيناه مفتوحتين ويظل واعياً، لكنه في بعض الأحيان يبدو نائماً. أستبعد فنياً حالة الغيبوبة"، وإن لفت إلى أن الحالة العامة للبابا ما زالت"خطرة للغاية". ووضع البابا على سرير كبير مغطى بالأبيض وسط غرفة نومه كما روى أمس الكردينال الإيطالي ماريو فرنشيسكو بومبيدا. وقال:"إنه سرير كبير مغطى بالأبيض. كل شيء ابيض". وأضاف"إن البابا يرقد متكئاً على وسادات مائلاً بعض الشيء على جنبه الأيمن. ويجلس سكرتيره المونسنيور ستانيسلاف ديفيش وشقيقته على كنبات قبالته"بينما ينهمك ممرضان بأجهزة موضوعة إلى جانب السرير. وروى أن"السكرتير قدمني لقداسته قائلاً:انه الكردينال بومبيدا، فحول نظره إليّ". وأضاف:"كان يريد بكل وضوح أن أدرك انه عرفني، رأيت أنه كان يريد الترحيب بي وكان يسعى جاهداً ليقول لي أمراً ما، لكنه لم يتمكن من ذلك". وأشار إلى أنه"لم يبد أي إشارة معاناة وإن كان تنفسه صعباً. لم يكن لدي الشعور أنني أمام شخص يحتضر". استعدادات وتوافد 117 كردينالاً ناخباً إلى روما للمشاركة في المجمع الذي ربما ينضم إليه كردينال"سري"عيّنه البابا يوحنا بولس الثاني عام 2003 لكن لم تكشف هويته. وكي يتمكن هذا الكردينال من المشاركة في المجمع، ينبغي أن يعلن البابا اسمه، وأن يكون عمره اقل من 80 عاماً. وأعلن عدد من الكرادلة انهم توجهوا إلى روما ليكونوا بالقرب من البابا. وقال اسقف لوس أنجليس الكردينال روجر ماهوني إن وفاته باتت"وشيكة"، وانه توجه الى روما للمشاركة في انتخاب خلف للبابا، بينما قال اسقف مكسيكو ورئيس أساقفة المكسيك الكردينال نوربرتو ريفيرا إنه توجه إلى روما لمرافقة البابا"في اللحظات الأخيرة من حياته والمشاركة في الأحداث اللاحقة". وعن إمكان أن ينتخب بابا، أجاب الكردينال ريفيرا:"هذه افتراضات لا أساس لها من الصحة، لا نستطيع أن نبدأ المجمع قبل وفاة البابا". وطرح رئيس أساقفة بولندا جوزف غليمب إمكان انتخاب بابا من أميركا اللاتينية خلفاً لمواطنه. وأعلن الرئيس المكسيكي فنسنت فوكس انه سيتوجه الى روما للمشاركة في جنازة البابا. وأفاد اسقف مانغوا الكردينال ميغيل اوباندو قبل ذلك بأنه يعتزم التوجه الى الفاتيكان. والكردينال النيكاراغوي يبلغ من العمر 79 عاماً، وهو تخلى عن مهمته كأسقف بسبب سنه، لكنه ربما يشارك في المجمع. وسهر عشرات الآلاف من الكاثوليك في ميدان القديس بطرس حاملين الشموع، بينما استعدت بلدية روما لاستقبال المزيد من المتوافدين. وتحدثت الشرطة عن احتشاد نحو سبعين ألف شخص اتحدوا في الصلاة أمام نوافذ شقة البابا يوحنا بولس الثاني. وبقيت الأنوار مضاءة وراء نوافذ شقة البابا المطلة على ساحة القديس بطرس. إلى ذلك، نظمت قداديس وسهرات للصلاة من أجل البابا في مدن عدة حول العالم. وفي كندا، شارك رئيس الوزراء الكندي بول مارتن. وفي أوتاوا، قال الأسقف مارسيل جيرفيه إن البابا كان"رمزاً للشجاعة"بينما وصف اسقف كالغاري المونسنيور فريد هنري الحبر الاعظم بأنه"بابا الشعب". وفي كوبا، دعا الكردينال جايمي أورتيغا الامينو سكان الجزيرة للصلاة من أجل البابا. وبحسب صحيفة"لاريبوبليكا"، فإن البابا سيرقد إلى جانب البابوات الآخرين في المدفن تحت هيكل القديس بطرس. وان تم إعلان قداسته يوماً، فإن جثمانه سيوضع عندئذ في الكاتدرائية. البابا وأميركا وفي واشنطن، صرح الناطق باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان إن"الرئيس الأميركي جورج بوش والسيدة لورا بوش ينضمان إلى جميع الذين يصلون في العالم من أجل قداسة البابا. إنه في أفكارنا وصلواتنا". لكن الناطق رفض الإفصاح عما إذا كان بوش يعتزم التوجه إلى الفاتيكان للمشاركة في جنازة البابا، معتبراً أن الوقت ليس مناسباً للتحدث عن ذلك. والتقى البابا وبوش ثلاث مرات منذ تولي الرئيس الأميركي منصبه عام 2001، وهما يتشاطران المفهوم ذاته ل"ثقافة الحياة". وجاءت حرب العراق في آذار مارس 2003، لتلقي بظلالها على العلاقات بين بوش والحبر الأعظم، الذي ناشد الرئيس الأميركي عدم خوض النزاع. لكن بوش لم يصغ لذلك وطلب في وقت لاحق أن يستقبله البابا أثناء زيارة قام بها إلى إيطاليا في حزيران يونيو 2004، حيث عاتبه البابا قليلاً خلال اللقاء ودعا إلى إعادة السيادة للعراقيين في وقت سريع. كما أشار إلى التجاوزات التي ارتكبها جنود أميركيون في حق أسرى عراقيين.