سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"رياح التغيير تهب ... ونأمل من البلدان الصديقة في المنطقة التعامل مع الواقع الجديد" . مساعد وزير الدفاع الأميركي ل "الحياة" : عدوى الديموقراطية انطلقت من العراق
أكد مساعد وزير الدفاع الأميركي المكلف الأمن الدولي في البنتاغون بيتر رودمان أن التنسيق الأمني الذي أعقب اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001 في إطار التحالف الدولي ضد الإرهاب مكّن من إحباط عدد من الاعتداءات كان يجرى التحضير لها، مشيراً إلى أن تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه أسامة بن لادن حاول شنّ اعتداءات جديدة باستعمال طائرات مدنية. وعرض رودمان في لقاء مع "الحياة" مواقف حكومة بلاده إزاء عدد من القضايا الدولية في مقدمها جهود مكافحة الإرهاب وتفكيك تنظيم "القاعدة" والإصلاح السياسي في البلاد العربية وتطورات الوضع في كل من العراقوإيرانولبنان، وسورية ومصر والجزائر. وأكد المسؤول الأميركي أن خلايا "القاعدة" "لا تزال موجودة على رغم أننا دمرنا جزءاً كبيراً منها ونواجهها عسكرياً على الحدود بين باكستانوأفغانستان والتحالف الدولي يركز حربه ضد بقايا القاعدة"، مشيراً إلى تعاون استخباراتي مع عدد من الدول لوقف التدفقات المالية "ونحن مسرورون لأننا سجلنا تحسناً كبيراً في الأداء ولأنه لم تحدث هجمات كبيرة". وأكد رودمان أن بلاده "لا تدعي الانتصار ولكن يبقى علينا أن نعمل على ثلاثة محاور، تشمل أولاً الجوانب الأمنية والوقائية، اذ نهدف إلى حماية المواطنين ولذلك أنشأنا وزارة جديدة تختص بالأمن وتتولى حالياً إعادة تنظيم الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المختلفة. كما نقوم بمراقبة مشددة للحدود من دون استعداء الأصدقاء الذين ينزلون ضيوفاً عندنا أو مواطنينا لأن الأمر يتعلق بقضايا الأمن. ويتوجب ثانياً العمل على المستوى الفكري والأيديولوجي من خلال مساعدة أصدقائنا على هزيمة المتطرفين، وهذه في تقديري أصعب حرب. ونعتقد هنا بأن الحرية فكرة كونية وسلاح فاعل ضد المتطرفين. وأخيراً نعمل على تعزيز التعاون في الجوانب العسكرية ومكافحة الإرهاب". وعن فكرة إصلاح الأنظمة السياسية في العالم العربي، أشار الى ان مفهوم الحرية والديموقراطية في خطب الرئيس جورج بوش تحولت إلى "عدوى بعد نجاح العملية في العراق بسقوط الطاغية صدام حسين وإحباط حكومة طاغية أخرى في أفغانستان"، مشيراً في هذا الشأن إلى أن الانتخابات التي جرت في نهاية كانون الثاني يناير الماضي في العراق "كان لها أثر تاريخي مهم على كل المنطقة ونشعر بالتفاؤل لأن الأمور تتحرك في الاتجاه الصحيح". وأوضح: "لا نفرض على أي بلد الإصلاح، لكن هناك قوى داخلية لها شجاعة أكثر ونحن مسرورون أن تتحرك الأمور من الداخل وليس من الخارج. فنحن نؤمن أن لكل بلد تاريخه وخصوصياته. وعلى كل حال فإن أفكار الحرية أفكار عالمية وليست حكراً على الأميركيين، ونحن في كل الحالات لا نستطيع أن نفرض أي شيء على الدول". ورفض التبريرات التي تتحدث عن احتمال تولي المتطرفين الحكم في البلاد العربية إذا طبقت الديموقراطية بحذافيرها، مشيراً الى ان "من الصعب التنبؤ بالنتيجة وعلى كل بلد أن يقرر ما يجب القيام به". وعن الأوضاع في العراق قال ان إستراتيجية واشنطن في هذا البلد "سياسية أكثر منها عسكرية". وذكّر أنه عند الاطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين "كان هناك فراغ وكان يجب على العراقيين أن يملأوا هذا الفراغ"، مشيراً إلى أن البنتاغون يحبذ "إرجاعاً مبكراً للسيادة العراقية"، لكنه شدد على أهمية "تحقيق التعايش بين العراقيين لضمان وحدة البلاد، وهذا جزء من الخطة الناجحة التي حققت منذ عامين". وشدد على صوغ الدستور المقبل في مواعيده وأن "من الخطأ تأجيل الأجندة المحددة، لأن هناك زخماً نفسياً في هذه المرحلة يجب استثماره". وأوضح المسؤول الأميركي انه تم حتى الآن تأهيل وتدريب نحو 150 ألفاً من عناصر القوات الأمنية العراقية، وتوقع أن يصل العدد قبل نهاية العام الجاري إلى نحو 200 ألف شخص. وشدد على أهمية وضع فريق "محترف" من المستشارين تسند اليهم مهمة الإشراف وتأطير هذه القوة عبر التسلسل القيادي بمجرد الإعلان عن اسم وزير الدفاع العراقي المقبل. وقال ان التوجه الحالي لواشنطن هو تحميل العراقيين أنفسهم مسؤولية إدارة شؤونهم "يجب أن نتذكر أننا ذهبنا إلى العراق من أجل تحريره وليس من أجل احتلاله". وحول تحذير وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد من عمليات تطهير داخل المؤسسات الأمنية العراقية، قال رودمان ان في العراق قناعة عامة بأن النظام السابق "ارتكب أموراً فظيعة، وهناك إجماع على أن الذين تلطخت أيديهم بالدماء لا يمكن أن يكونوا جزءاً من العراق الجديد". لكنه حذر من إقصاء اصحاب الكفاية مشيراً إلى أن رامسفيلد "كان يتحدث عن وزيري الدفاع والداخلية الجديدين اللذين يتعين عليهما، تعيين القيادات التي لها الكفاية والاحترافية لضمان إلحاق الهزيمة بالمتطرفين". وعن الجهة التي تتحمل مسؤولية أكبر في أعمال العنف التي يعيشها العراق قال الناطق ان لب المتمردين "يتشكلون من غلاة فلول النظام السابق الذين قاموا بتنظيم أنفسهم قبل سقوط النظام السابق، اذ من الواضح أن الإستراتيجية كانت الانصهار في البلد وقيادة حرب شوارع. ويتضح هذا من خلال نوعية التفجيرات والتقنيات المعتمدة التي تشير كلها إلى أن من يقف وراءها هم فلول النظام السابق وبعض القادة البعثيين سابقاً، فضلاًَ عن عناصر أجنبية دخلت العراق مثل أبو مصعب الزرقاوي". سورية وقال رودمان ان بلاده حذرت سورية من التدخل في الشؤون العراقية وهي الرسالة التي حملها مساعد وزير الخارجية وليام بيرنز إلى الرئيس بشار الأسد خلال لقائهما أخيراً. وأضاف أن واشنطن حذرت دمشق "من السماح لمتطرفين عراقيين بالنشاط داخل ترابها. هذا لا يمكن أن نسمح به من دون أن يكون هناك رد فعل". وأشار الى ان واشنطن والقيادة العراقية الحالية يعتقدان بأن سورية "يجب أن تتوقف عن هذه الأنشطة وإلا ستكون هناك عواقب لذلك". لكنه اعترف بوجود "بعض التطور الإيجابي" في الموقف السوري. وفي شأن ما تردد عن إمكان دخول أعضاء من الاستخبارات السورية لبنان مجدداً تحت غطاء رجال الأعمال، قال رودمان: "نعرف الحقائق ونستطيع أن نراقب ما يحدث ونأمل أن تنفذ سورية القرار الرقم 1559". وأضاف أن الانسحاب العسكري انتهى تقريباً "لكننا لا نزال نراقب بعض الأوجه الأخرى من الانسحاب والتي تضمن نهائياً عدم التدخل في الشأن اللبناني". وعن طلب سورية من واشنطن تزويدها معدات تقنية تضمن لها مراقبة أكبر للحدود أكد وجود تعاون في هذا الشأن. إيران وانتقد رودمان دور طهران في المنطقة، مشيراً الى أن إيران "تتدخل فعلاً في الوضع الداخلي في العراق ولها نفوذ وأدوات ووسائل مختلفة للحضور". وأضاف: "أعتقد بأنها في النهاية ستفشل لأن العراقيين متضامنون مع بعضهم بعضاً وهذا ما حدث فعلاً في الحرب العراقية - الإيرانية". وقال ان الرهان في هذا الشأن قائم على إحلال الأمن وبسط الاستقرار لأنه "كلما استتب الأمن سهلت مواجهة ضغوط إيران"، لافتاً إلى أن الكثير من الطوائف "عبرت عن قلقها من أن تحمل إيران تهديداً لهم على المدى البعيد". وحول التطورات السياسية في مصر وما أثير عن دعم أميركي لمنظمات أهلية أكد رودمان أن في الولاياتالمتحدة منظمات غير حكومية هدفها خدمة قيم الديمقراطية مثل صندوق دعم الديموقراطية "وهي منظمة غير حكومية مفتوحة وليست سرية ولا يمكن أن تشتغل في أي بلد إذا لم يرخص لها، وهي في كل الحالات ليست وكالة الاستخبارات الأميركية. والأوروبيون لهم الهيئات نفسها لتوفير الدعم للأفراد والمجموعات في إطار تشجيع الديموقراطية". وأوضح ان بلاده حرصاً منها على مستقبل أصدقائها قدمنا نصحاً لطيفاً للرئيس حسني مبارك وقلنا له ان رياح التغيير تهب ونأمل من البلدان الصديقة في المنطقة على الأقل أن تتعامل مع هذه الأفكار وبخاصة الواقع الجديد الذي تشكل". وجدد قناعته بأن "مصر بلد ناضج وقوي والحكومة المصرية أخذت قراراً حكيماً بتنفيذ الإصلاحات السياسية والانتخابات وكانت نابعة منها ولم نفرضها عليها". لبنانوالجزائر وأكد رودمان حرص بلاده على اجراء الانتخابات في لبنان "من دون تدخل سورية"، مشيراً في هذا الجانب إلى أن بلاده والاتحاد الأوروبي يوليان أهمية خاصة للاستحقاقات المقبلة في لبنان "ونحن شغوفون لمساعدة لبنان عندما تكون له حكومة مستقلة فعلاً وسندعم أيضاً الجيش اللبناني". وحول التعاون العسكري مع الجزائر، قال مساعد وزير الدفاع الأميركي ان العلاقات مع الجزائر "في بداية الطريق وبالنسبة الينا هذا شيء مهم، لأن الأمر يتعلق ببلد مهم"، مشيراً إلى وجود رغبة في تعزيز التعاون العسكري بين البلدين. وكشف عن زيارة قريبة سيقوم بها وفد عسكري جزائري إلى الولاياتالمتحدة "للمشاركة في منتدى نشرف عليه وسيكون فرصة مناسبة لتعزيز مختلف أشكال التعاون مثل بيع الأسلحة، والتدريب والمناورات والتعاون وتبادل الأفكار". وفي ما يتعلق بالتعاون مع السلطات لتعقب عناصر الجماعات الإسلامية المسلحة، أشار إلى التعاون الذي تم قبل عام بين القيادة العسكرية الأميركية في أوروبا مع كل من الحكومة الجزائرية والمالية لملاحقة الإرهابيين في المنطقة وحققت هذه العملية التي استهدفت مجموعات مسلحة تنشط تحت لواء "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" الجزائرية "بعض النجاحات"، لكنه أشار إلى أن المشكل الأساس يبقى في "وجود الكثير من الفضاءات الفارغة". وقال ان هناك مصلحة مشتركة في ملاحقة الإرهاب ونحن نحقق ميدانياً نجاحات على أكثر من مستوى في محاصرة الإرهابيين، خصوصاً في منطقة الساحل الإفريقي "اذ ان الهدف يبقى أن نسيطر على الفضاءات التي لا تمتد إليها بعد سيطرتنا". وللمرة الاولى تحدث المسؤول الأميركي عن وجود صلة مصلحة بين جهود مكافحة الإرهاب وتسوية النزاع في الصحراء الغربية، اذ قال ان واشنطن "تدعم في هذا الشأن تسوية مسألة الصحراء الغربية لأنها تعتبر قاسماً مشتركاً بين مجموعة من الدول المغاربية"، مشدداً على أهمية قيام "تعاون أمني بين دول المنطقة لمكافحة الإرهاب".