أعلن الرئيس المصري حسني مبارك أنه لم يحسم قرار ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة المقررة في أيلول سبتمبر المقبل، موضحا أنه سيبت في الأمر بعد الاستفتاء على تعديل المادة ال76 من الدستور. وقال مبارك، في الحلقة الثالثة من حوار طويل بثه التلفزيون المصري، كلاماً عكس تلميحاً الى"فتح صفحة جديدة مع الإخوان المسلمين"، ورحّب بمشاركتهم في العمل السياسي شرط"ألا يكون عن طريق حزب ديني". وكان المصريون ينتظرون من مبارك ان يعلن قرارا مهما في الجزء الثالث والاخير من هذه المقابلة التلفزيونية التي تستغرق سبع ساعات والتي اذيع الجزءان الاول والثاني منها الاحد والاثنين. اذ اعلنت الصحف المحلية ان الرئيس المصري سيفجر"مفاجاة كبرى"مساء الثلثاء امس. وقال مبارك، عن امكان ان يرشح نفسه الى الرئاسة، انه سيقوم"بتقدير الموقف كله بعد إقرار تعديل المادة ال76"المتعلقة بكيفية انتخاب الرئيس، مشيراً إلى أنه"لا يريد التعجل في اتخاذ القرار، ولابد من دراسته من كل الجوانب"، مؤكداً أن القرار"لم يتخذ حتى الآن"، وانه في حال قرر الترشح"لا بد وأن يقدم للشعب كشف حساب عما تم إنجازه منذ عام 1981 وحتى الآن، وهو هائل"، كما لا بد أن يعرض رؤيته للمستقبل على الشعب. ورد مبارك على سؤال يتناول شعوره في حال حصوله على نسبة تصل إلى 60 و65 في المئة في الانتخابات المقبلة اذا قرر الترشح:"لا يضايقني إطلاقاً. فما يحدث تجربة جديدة... والشعب سيقول كلمته ورأيه، ولابد من تحريك الرأي العام ليختار طواعية من يراه الأنسب لرئاسة مصر". وطالب أحزاب المعارضة ب"ضرورة بناء نفسها وأن تنتعش وتبني كوادرها حتى تستطيع ممارسة دورها، وأن تتقدم بمرشحيها الى المناصب الرئيسية". ولاحظ مراقبون أن اهتمام المصريين بمتابعة حلقات الحوار وصل إلى درجة أثّرت، خلال اوقات بثها على مدى ثلاثة ايام، على إيرادات السينما والمسارح وزيارات الأطباء والمبيعات وخلو الشوارع من المتجولين واختفاء الاختناقات المرورية. وقال هؤلاء ان المصريين اعادوا اكتشاف رئيسهم الذي رأوه في صورة جديدة. فهو اطلق عبارات لم يعهدوا سماعها منه كإشارته إلى أن كلمة"رئيس سابق"يمكن أن تدخل المفردات السياسية في مصر، إذا لم يترشح، وتأكيده الانصياع للضغوط الداخلية وتصديه ورفضه الضغوط الخارجية. كما أنها المرة الأولى التي يطرح فيها الرئيس المصري ما يمكن اعتباره"عقداً جديداً مع الإخوان المسلمين"، من دون غرض سياسي، مقارنة بما فعله سلفه الراحل انور السادات عندما سمح لهم بالعمل السياسي ليواجه بهم خصومه الناصريين واليساريين. وتحدث مبارك بوضوح ربما للمرة الأولى عن"الإخوان"، ونفى أن يكون بينه وبين أي من قادتهم عداء شخصي، ورحب بمشاركتهم في العمل السياسي كمستقلين أو كأعضاء في أحزاب غير دينية، لكنه أبدى امتعاضاً من معلومات عن سعيهم الى "بناء علاقات مع الاميركيين"، وقال"إنه لا حظر على المشاركة السياسية لأي عضو من جماعة الإخوان". واستكمالاً لهذا المعنى أكد مبارك أنه"لا عداء له مع أي مواطن مصري، أياً كانت انتماءاته الدينية"، على أساس أن"المعيار في كل الأحوال هو الكفاءة بغض النظر عن الانتماء الديني".