ديكادرابولين، دانيابول... غيض من فيض المنشطات التي تغرق الأسواق وتباع بأسعار زهيدة، ويبتلعها مراهقون يمارسون رياضة صقل الأجسام عشوائياً في سياق سعيهم لتأكيد رجولتهم وترسيخ جاذبيتهم عبر نحت عضلات مفتولة في وقت قياسي، غير مدركين أنها مواد ضارة تصيبهم في صلب رجولتهم. ويحذر اختصاصيون من أن الإفراط في تناول المنشطات الرياضية يؤثر في الإفراز الطبيعي للهرمون الذكري ويسبب أمراضاً واختلالات أبرزها العقم. لكنهم يستثنون المكملات الغذائية من حيز الخطورة، معتبرين أنها مواد مفيدة شرط تناولها باعتدال. يقول شاب فضل عدم ذكر اسمه:"تزوجت قبل عامين ولم أنجب أطفالاً وبعد خضوعي وزوجتي لفحوص طبية لمعرفة سبب عدم الإنجاب اتضح أنني مصاب بالعقم من جراء تعاطيّ الهورمونات الذكرية أثناء ممارستي رياضة صقل الأجسام في مراهقتي". ويوضح رئيس قسم العلوم الحياتية في جامعة آل البيت الدكتور عدنان جرن آلية عمل المنشطات المؤدية الى العقم عند الشباب، مبيناً أن"تعاطي الرياضيين مواد كيماوية مصنعة تشبه الهورمونات الذكرية تحث العضلات على النمو وبالتالي تزيد من قدرتهم الجسدية". ويضيف:"إن فرط تناولها ومن دون استشارة طبية يؤدي إلى اختلال إنتاج الهورمونات الذكرية الطبيعية في الجسم التستيوسترون حيث يركن الجسم للحصول عليها صناعياً ما يضعف إفرازه الطبيعي وتالياً يؤدي ذلك إلى ضمور الخصيتين وانخفاض عدد الحيوانات المنوية، الأمر الذي يسبب العقم". ويلفت جرن إلى أن"تناول المواد الكيماوية ذات الأثر المشابه لتأثير الهورمونات الذكرية يجعل المتعاطي أكثر ميلاً للعدوانية والعنف"، محذراً من"خطورة تعاطي من قبل المراهقين لها نظراً الى كونهم في فترة نمو أو تطور الصفات الذكورية". ولا يتجاوز ثمن حقنة الديكادرابولين 3 دنانير ما يجعلها في متناول المراهقين. وطورت العقاقير المنشطة مثل الأنابوليك ستيرويدز مطلع الثلاثينات لعلاج حالات ضعف إنتاج الخصيتين للكميات الطبيعية من التستوستيرون اللازمة نمو الأعضاء والصفات الذكرية في مرحلة البلوغ. وفي سياق متصل، يحذر مدرب بناء الأجسام عبدالفتاح شديفات من"ترويج المنشطات الرياضية في الأوساط الشبابية الشغوفة بالحصول على جسد مفتول العضلات في وقت قياسي". ويضيف شديفات"إن المنشطات الرياضية وهمية الأثر، إذ يقتصر عملها على حبس الماء والأملاح داخل العضلات ليزداد حجمها من دون نمو طبيعي لليف العضلي"، مشبهاً نمو العضلة ب"بالون مملوء بالماء ذي ملمس طري سرعان ما يضمر عند توقف نمو المنشطات". ويوضح شديفات أن"نمو الألياف العضلية الذي يفضي إلى كبر حجم العضلة الدائم يحتاج إلى فترة زمنية طويلة، يتخللها برنامج تمارين مدروسة، ونظام غذائي صحي يفي بمتطلبات الجسم ويساعده على القيام بالمجهود العضلي المتوقع". وعن الأسباب التي تدفع المراهق إلى تناول المنشطات، يقول شديفات:"إن الفتيان عادة ما يلجأون إلى تعاطيها لمضاعفة قدرة التحمل على ممارسة التمارين العضلية المجهدة"، شارحاً أن"الجسم يفرز أثناء التمرين الهورمون الذكري المعروف بهورمون البناء الذي يبني العضلة ويهيئ الجسم للقيام بمجهود عضلي كبير، إلا أن إفرازه يتناقص بعد مرور 45 دقيقة من بدء التمرين فتظهر أعراض التعب على اللاعب ما يدفعه لتناول المنشطات لزيادة كمية الهورمون الذكري في الدم وبالتالي مضاعفة القدرة البدنية". ويشير شديفات إلى"أن تعاطي المنشطات يؤدي إلى الإصابة بهشاشة العظام واضطرابات الكلى وآلام المفاصل وتشوه نمو عظام الأطراف إضافة إلى آثاره النفسية التي تترك المتعاطي شخصاً شرس الطباع"، محذراً من أن"تناول المنشطات يؤدي إلى الإدمان بحيث يعجز المتعاطي عن ممارسة أي جهد بدني ما إن ينتهي مفعولها في دمه". وفي إطار توضيح كيفية الحصول على المنشطات الرياضية، يقول شديفات إن"بعضها يباع من طريق مدربي بناء الأجسام الذين يستغلون لهفة وقلة خبرة المراهقين، فيما يحصل آخرون عليها من الصيدليات في ظل غياب الرقابة على بيعها"، منوهاً بأن"معظمها مهرب ويباع في السوق السوداء". من جهة ثانية، يستثني شديفات"المكملات الغذائية من حيز الخطورة"، معتبراً أن"تناولها سلوك صحي لا سيما مع عدم وجود أضرار جانبية لها". وتتفق اختصاصية التغذية ميس أبو الرب مع مدرب بناء الأجسام حول عدم وجود أضرار صحية لتناول المكملات الغذائية، إلا أنها تنصح بتناولها بإشراف طبي مع تجنب الإفراط في تناولها. وتشير أبو الرب إلى أن تناولها يفيد المراهق الممارس رياضة صقل الأجسام نظراً الى زيادة حاجة أجسامهم من الكالسيوم الضروري لبناء العظام وهي كمية لا يمكن توافرها من خلال وجبات الطعام الاعتيادية، مبينة أن"الأمينو أسيد بصفته المكون الأساسي للبروتين أصبح المكمل الغذائي الأكثر رواجاً بين لاعبي صفل الأجسام". وتركز أبو الرب على"ضرورة تناسب الجهد المبذول مع كمية الأمينو أسيد المتناولة"، مؤكدة في الوقت ذاته"أهمية زيادة شرب السوائل لتسهيل عملية التمثيل الغذائي التي تتم في الكلى". وتحذر من أن"زيادة تناوله مع عدم بذل جهد بدني مواز يؤديان إلى اضطرابات في القلب والكلى". ويؤكد عمر الشاكر 25 عاماً والذي مضى على ممارسته رياضة صقل الأجسام نحو ست سنوات أنه"استفاد كثيراً من تناول المكملات الغذائية"، مضيفاً أنه"يخضع لفحص طبي كل ستة أشهر لضمان تمتعه بصحة سليمة مع جسد قوي". ويشير عمر إلى أنه"لم يفكر يوماً في تناول المنشطات الرياضية خوفاً من آثارها الجانبية"، مبيناً أنه"يفضل ممارسة التمرين ساعات أطول على تعاطي مواد صناعية خطرة ذات أثر زائف".