علامات الاستفهام والتعجب والذهول يرددها بعض الكتّاب بمرارة عبر صفحات جرائدهم ومجلاتهم ومطبوعاتهم، حتى عبر وسائل اعلامهم المرئية والمسموعة. وهم لا يكادون يصدقون انه يمكن لمواطن كردي عراقي، وفي عصر العولمة، ومع بداية القرن الجديد، أن يكون رئيساً لجمهورية عربية كانت، في الماضي البعيد، عاصمة الخلافة الاسلامية، وعاصمة الرشيد، وبالأمس القريب رمزاً لأعتى ديكتاتورية عنصرية فاسدة في نهاية القرن، فاندحرت وذهبت الى غير عودة. وبين أن يكون جلال طالباني رئيساً لجمهورية العراق الجديد، وبين أن يعود نظام الحكم الصدامي السابق أو شبيه له، فماذا يا ترى سيختار أولئك الكتّاب المثقفون الذين يطلقون العنان لصليل أقلامهم؟ أما اذا تخلوا عن ردود أفعالهم فالنظر اليه يجب أن يكون من بعد اقليمي وانساني وديموقراطي متحرر. فمعظم الأقطار العربية تفتقر الى هذا النوع من الديموقراطية المعمول به في العراق. والدليل على ذلك هو أمامهم اليوم، وقد تجسد في توزيع المناصب والسلطات، واعتلى جلال الطالباني، الكردي المطارد سابقاً أعلى منصب في دولة العراق الجديد، وهو رئاسة الجمهورية ولم لا؟ فالنضال الشاق والموحّد أعطى ثماراً طيبة، وأريجاً عطر الرائحة أشاع الاطمئنان والارتياح لدى أطياف الشعب العراقي. والأكراد نجحوا بعد أن توحدت جهود الحزبين الرئيسيين في كردستان العراق وحققوا أهم تجربة ديموقراطية، منذ مطلع 1991، في كردستان، في وقت كانت ديكتاتورية صدام تسحق الرؤوس، وتكم الأفواه، وتنشر المقابر الجماعية من فئات الشعب العراقي كله، لتكون وصمة عار في جبين النظام وأتباعه الى الأبد. والاستقرار الذي تعزز تحت شعارات الديموقراطية للعراق، والحكم الذاتي لكردستان، نجحا وامتدت تجربتهما على امتداد الوطن العراقي. وتحولت الشعارات الى انتصار حقيقي وثابت لفيديرالية، تعددية، ديموقراطية، في اطار عراق موحد لجميع أطيافه التي تعيش على أرضه... فكل سيصل الى حقه المشروع بغض النظر عن انتمائه السياسي، أو الطائفي، أو العرقي.... ان فخامة رئيس جمهورية العراق، مم جلال طالباني، السياسي المحنك، والممارس منذ نصف قرن لدهاليز وممرات وزواريب اللعبة السياسية في عراق صدام، يدرك، ومن معه من أركان الحكم الجديد، أن زمن الخوف ولّى، وحكم المجازر الجماعية، والمقابر المستبيحة للحرمات، وزمن مصادرة الحريات وانتقاص حقوق القوميات والأقليات قد ذهب الى غير رجعة. ولن يكون على أرض العراق سوى عهد الود والوئام، والتعايش الأخوي بين مكونات الشعب العراقي، كل في اطاره الوطني الحر، وحقوقه القومية المشروعة للعراق الجديد التعددي الفيديرالي الديموقراطي. بيروت - رمضان فتاح رئيس جمعية الأرز الكردية.