قبل مرور 24 ساعة على انتهاء الاستشارات النيابية, وبعد اسابيع طويلة من العراقيل التي واجهت رئيساً كلف مرتين لتشكيلها وفشل, ابصرت الحكومة اللبنانية النور اخيراً, ووصفها رئيسها المكلف نجيب ميقاتي ب"حكومة لا أحقاد وبداية صنع المستقبل", فيما اكتفى اركان في المعارضة بتسجيل تحفظات عن بعض الشخصيات فيها, وهي جاءت مصغرة من 14 وزيراً. وضمت 11 وزيراً جديداً بينهم 7 وزراء يتسلمون حقائب وزارية للمرة الاولى, وضمت ثلاثة وزراء فقط من الحكومة المستقيلة. وجاءت التشكيلة الحكومية على الشكل الآتي: محمد نجيب ميقاتي سني رئيساً لمجلس الوزراء، الياس المر وزير سابق - ارثوذكسي نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع, محمود حمود وزيراً في الحكومة المستقيلة - شيعي وزيراً للخارجية، حسن السبع جديد - سني وزيراً للداخلية، دميانوس قطار جديد - ماروني وزيراً للمالية والاقتصاد والتجارة، غسان سلامة كاثوليك وزيراً للتربية والتعليم العالي والثقافة، عادل حمية درزي وزيراً للاشغال العامة والمهجرين، آلان طابوريان وزيراً في الحكومة المستقيلة - أرمني وزيراً للاتصالات السلكية واللاسلكية والشباب والرياضة، خالد قباني جديد - سني وزيراً للعدل، بسام يمين جديد - ماروني وزيراً للصناعة والنفط والطاقة والمياه، شارل رزق جديد - ماروني وزيراً للاعلام والسياحة، محمد جواد خليفة وزيراً في الحكومة المستقيلة - شيعي وزيراً للصحة العامة ووزيراً للشؤون الاجتماعية، طارق متري جديد - ارثوذكسي وزيراً للبيئة وللتنمية الادارية، طراد حمادة جديد - شيعي وزيراً للعمل ووزيراً للزراعة. وجاء إعلان الحكومة من القصر الجمهوري في بعبدا, الذي انتقل اليه ميقاتي صباحاً واجتمع مع رئيس الجمهورية اميل لحود وانضم اليهما رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وقبيل الظهر, أعلن ميقاتي التشكيلة الحكومية, قائلاً:"أود ان أزف الى اللبنانيين جميعاً خبر تأليف الحكومة. نتيجة للاجتماع الذي حصل مع فخامة الرئيس وللتعاون المستمر بين فخامته وبيني، طلبنا من دولة رئيس المجلس النيابي المشاركة وأطلعناه على التشكيلة، وكان وفاق بيننا جميعاً. وأريد القول ان هذه الحكومة ربما يتحفظ البعض عنها، وربما ايضاً سيرحب بها كثر، والعكس صحيح، ولكن هذه الحكومة برأيي تجمع الأطياف اللبنانية. هذا هو لبنان بتنوعه، لبنان بمعارضته وموالاته. ولكن اؤكد لكم ان هذه الحكومة بجميع اعضائها غير مرشحة للانتخابات، وهي حكومة مصغرة". ورداً على سؤال قال ميقاتي:"هذه الحكومة هي حكومة لا أحقاد وبداية صنع المستقبل في هذه الفترة القصيرة بإجراء انتخابات، وبعد الانتخابات بإذن الله اذا نجحت هذه الحكومة، ستبصر النور حكومة الاتحاد الوطني التي تضم الجميع". وشدد على ان "هذه الحكومة تضم التنوع، كل الاطراف. علينا ان ننظر بين هذا الطرف وهذا الطرف. لدينا من أطراف اخرى العميد حسن السبع، الدكتور خالد قباني، الدكتور غسان سلامة، وفيها ايضاً التوازن المطلوب في هذه المرحلة. ولكن أقول، اليوم هذه الاسماء هي لحكومة قصيرة الأجل، لإجراء انتخابات نيابية في أسرع وقت ممكن، واذا أمكن، بإذن الله، ضمن المهلة الدستورية. هذه الحكومة عليها ان تقوم بهذا الواجب في أسرع وقت ممكن اضافة الى المهمات التي تحدثنا عنها يوم التكليف". وإذ أقر بوجود تحفظات من المعارضة, قال:"لكن على المعارضة ان تنظر اليوم في هذه المرحلة، الى هذا التوازن الذي تحدثنا عنه، لا يمكن للمعارضة ان تكون كل شيء ولا يمكن للموالاة ان تكون كل شيء. البعض من الموالاة سيتحفظ عن المعارضة، وكذلك البعض من المعارضة سيتحفظ عن الموالاة. ولكن علينا ان نكون في مجلس الوزراء يداً واحدة وبهدف واحد هو الهدف الوطني اللبناني والتأكد من اجراء الانتخابات ضمن اللائحة التي تحدثت عنها في المرة الماضية". وأعلن ان الحكومة"ستعقد أول اجتماع لها اليوم لتشكيل لجنة لصوغ البيان الوزاري. وأعدكم أيضاً بأننا سنباشر، بعد تشكيل اللجنة، الاجتماعات فوراً كي يكون البيان الوزاري حاضراً مطلع الاسبوع المقبل للتقدم من المجلس النيابي لأخذ الثقة بالسرعة المطلوبة ثم التفرغ لموضوع الانتخابات". وعن قانون الانتخابات قال:"خلال فترة التأليف، كنت تحدثت باسمي الشخصي وباسم نجيب ميقاتي كنائب وله آراء. واليوم، أنا رئيس مجلس وزراء لكل لبنان، وسأتحدث باسم كل اللبنانيين او معظمهم، وبالتالي ليس من حقي اعطاء اي رأي في هذا الموضوع الآن قبل العودة الى مجلس الوزراء، وعندها انقل اليكم الصورة كاملة. نريد ان تكون وثبة نوعية، هذه المرة. لدينا مؤسسات سنعود الى هذه المؤسسات، سنختلف داخل المؤسسة وسنتوافق داخلها، لكن من المؤكد ان من بين جميع الاسماء المطروحة الهدف هو الوطن وحماية هذا الوطن ارضاً وشعباً". وأعرب عن اعتقاده بأن"هذا الدمج والخليط والتنوع في الحكومة, هو فائدة لكي نبحث داخل مجلس الوزراء في كل هذه الامور. درست كل الأسماء وأخذت في الاعتبار كل الآراء ووجدت التوازن داخل مجلس الوزراء لوضع الآراء كلها على هذه الطاولة". وعما اذا كان يعتبر ان هذه الحكومة بعيدة من المحاصصة وستنال الثقة في المجلس النيابي، وماذا عن إقالة رؤساء الاجهزة الامنية, قال ميقاتي:"نحن في حاجة دائماً الى ثقة المجلس, وهذا يعود إلى البيان الوزاري. أما في ما يتعلق بالمحاصصة، أقول بصراحة، أن أحداً من الرؤساء لم يحسب هذا لمن وذاك لمن. بحثنا في الافضل. نعم هناك بعض الحسابات المعينة وهذا الواقع. نحن نعرف لبنان ونعيش في هذا الوطن، فلنكن واقعيين ونتصرف ضمن هذه الحدود. اما في ما يختص بالاجهزة الامنية، كنت اوضحت هذا الامر مراراً. كنجيب ميقاتي قلت انني ادعو الى استقالة رؤساء الاجهزة الامنية، فعندما استقبلت السيد بيتر فيتزجيرالد كان سؤاله الأخير لي: ماذا تنصح؟ قلت له: انصح بلجنة تحقيق دولية. واليوم نحن نريد الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وبالتالي فإن لجنة الاستقصاء اصدرت بيانها، وفي ضوئه، أرى من الواجب النظر في وضعية رؤساء القادة الأمنيين. قلت اكثر من ذلك عندما كنت أتحدث كنجيب ميقاتي. اليوم كرئيس مجلس وزراء، سأبحث هذا الأمر في مجلس الوزراء وسأنقل وجهة نظري وأتمنى ان يوافق عليها. وأعد انه سيفي بذلك لمصلحة لبنان وليس لمصلحة أحد ولا نكاية بأحد، فمصلحة لبنان فوق كل اعتبار. عوضاً عن ان تأتي من الخارج، لنأخذ نحن القرار ونحكم بأنفسنا". ورهن المرحلة السياسية المقبلة ب"التعاون بين مختلف الفاعليات السياسية في هذه المرحلة لنكون جسر عبور إلى مرحلة ما بعد الانتخابات، وهذا هو الاساس. نحن اليوم نبني لما بعد الانتخابات، ولا ننظر الى الهرم او البناء الضخم الذي سنبنيه خلال الاسابيع او الاشهر المقبلة. الهدف الاساس هو الانتخابات، تعزيز الوحدة الوطنية، النظر في كل الامور الاساسية في لبنان، تعزيز العلاقة مع سورية وحماية المقاومة، ومن ثوابتنا التركيز على المسلمات الاساسية المبنية على اتفاق الطائف. من هنا سننطلق ونعزز ونبني، بإذن الله، لبنان كما نشتهيه وخصوصاً ان ما شاهدته من تعاون بين الرؤساء يوحي لي بأن الامل كبير بذلك، وهذا سينعكس مما لا شك فيه على الاجواء السياسية والاقتصادية". وقيل له ان المحاصصة الرئاسية طاغية على الحكومة، فأين الوجود المعارض فيها؟ فأجاب:"أين المحاصصة الرئاسية لنجيب ميقاتي. لا أريد أن أتحدث عن بعض الاسماء في معارضتها، ولكن ربما انتم كصحافيين ومراقبين ستشاهدون ان بعض هذه الاسماء سميت وزكيت من المعارضة". وعما اذا كان يتوقع الثقة قال:"قمت بالامس باستشارات نيابية واستمعت الى مختلف الكتل والزملاء النواب. أصروا على ان تكون مصغرة وغير سياسية وتضم وزراء غير مرشحين للانتخابات، واشترطوا لاعطاء الثقة، بياناً وزارياً يتضمن بعض النقاط الاساسية كإقالة الاجهزة الامنية الى قانون الانتخاب الى موعد اجراء الانتخابات. وأصبح في ضوء البيان الوزاري، إما ان نأخذ الثقة او لا". ورأى ان"ليس المطلوب ان يكون هناك توافق بين اعضاء الحكومة, هناك قدرة على الحوار والنقاش، أكثر مما تتصورون، للتوصل الى الرأي الافضل". مسيرة التأليف يذكر ان مسيرة تأليف الحكومة بدأت ليل الاحد الماضي, اذ اعد ميقاتي تشكيلة مصغرة جداً من عشرة وزراء لكنه سرعان ما صرف النظر عنها, فاتحاً الباب امام تشكيلة من 14 وزيراً. ولعل ابرز ما واجهه ميقاتي اصرار لحود على توزير صهره المر, فاستجاب لرغبته, على ان تسند اليه حقيبة الاتصالات اضافة الى نيابة رئاسة الحكومة, لكن تمسكه بالدفاع ادى الى ابعاد جاك صراف الذي كان اسمه طرح في معظم التشكيلات الوزارية واستعيض عنه بالوزير متري. كما ان لحود اصرّ في المقابل على الامساك بوزارات المال والاقتصاد والاتصالات والاعلام ما حال دون توزير آخرين من الموارنة خصوصاً والمسيحيين عموماً, وتم استبعاد عدد من المرشحين أبرزهم فريدي باز ونقولا نحاس والقاضي المتقاعد رالف رياشي, اضافة الى ان التبديل الذي طرأ على المقاعد كان وراء استبعاد فاروق جبر واسعد دياب الذي استعيض عنه بممثل ل"حزب الله"طراد حمادة.