سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صحافيون اسرائيليون يتساءلون: هل رسم شارون أمام بوش حدود اسرائيل الدائمة ؟. شارون يعتبر الزيارة "جيدة" ويقلل من شأن "الخلاف التاريخي" مع واشنطن حول الاستيطان
فيما نفى رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ظهور خلافات في الرأي بينه وبين الرئيس الأميركي جورج بوش في لقائهما أول من أمس في ولاية تكساس، تباينت قراءات كبار المعلقين الاسرائيليين لنتائج زيارة شارون، إذ تبنى بعضهم موقف القريبين من شارون القائل بأن الزيارة حققت المرجو منها، بينما رأى آخرون أن الزيارة لم تكلل بالنجاح. وقال مراسل إذاعة الجيش الاسرائيلي الذي رافق شارون في زيارته إن الأخير وبّخ عدداً من الصحافيين الاسرائيليين المرافقين على"بث الانطباع غير الايجابي"عن الزيارة وحديثهم عن"أزمة وهمية"في العلاقات بينه وبين الرئيس الأميركي. وقال إن ظن بعض الصحافيين بوقوع أزمة خاب"فلجأ الى افتعالها". ونقل المراسل عن مستشار شارون الخاص دوف فايسغلاس أن اللقاء بين الرجلين كان ودياً للغاية وتم في أجواء مريحة"لم نعرف مثلها من قبل"، مضيفاً أن الزيارة لم ترمِ الى تحقيق مكاسب سياسية عينية. من جهته، أضاف السفير الاسرائيلي لدى واشنطن داني أيالون أن شارون خرج من لقاء الرئيس الأميركي حاملاً انجازات كثيرة، وأن الاجتماع أكد العلاقات العميقة بين البلدين وبين الرجلين. وأضاف أن الرئيس الأميركي عاود تأكيد التزام بلاده"امن اسرائيل ودولة يهودية في حدود يمكن الدفاع عنها"فضلاً عن دعم واشنطن المالي لتطوير النقب والجليل وتأكيد الرئيس تعهداته من العام الماضي رسالة الضمانات". وتابع أنه مقابل التوافق بين بوش وشارون في مختلف القضايا بقي الخلاف في الرأي حول توسيع الاستيطان على حاله"علماً أنه لم يكن توافق في هذه المسألة منذ عقود من الزمن". وزاد أن الرئيس الأميركي شاطر ضيفه قي مطالبة الفلسطينيين تنفيذ التزاماتهم. ونفى أن يكون الاثنان بحثا في"اليوم التالي"للانسحاب من غزة. لكن مراسل الإذاعة أصر على القول إن اللقاء بين بوش وشارون لم يجرِ وفقاً لما خطط له رئيس الوزراء الاسرائيلي، وأن المؤتمر الصحافي الذي عقده الرجلان أظهر للعيان خلافات في الرأي وان شارون لم يحقق عملياً أي انجاز يذكر. وأضاف أن ثمة أجواء غير مريحة خيمت على حاشية شارون مع انتهاء اللقاء أشّرت الى فشله. وأشارت صحيفة"هآرتس"الى أن عدم التوافق بين بوش وشارون تجلى في ثلاث مسائل: توسيع الاستيطان، الموقف من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، مواصلة العملية السياسية بعد الانسحاب من غزة. لكنها نقلت في المقابل عن شارون قوله إن الزيارة كانت جيدة من دون خلافات وأن الولاياتالمتحدة عارضت"منذ اليوم الأول"الاستيطان الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967"إلاّ أن الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة عملت من أجل السيطرة على مناطق مهمة من الناحية الاستراتيجية". ونقلت الصحيفة عن مصادر قريبة من شارون قولها إن مسألة الاستيطان كانت هامشية في اللقاء مع الرئيس الأميركي وأن الأخير ذكّر شارون بتعهده إزالة المواقع الاستيطانية العشوائية وعدم توسيع الاستيطان. وتحت عنوان"السحر الشاروني فَقَدَ بعض قوته"كتب المعلق السياسي في الصحيفة ألوف بن أن المؤتمر الصحافي الذي عقده الرجلان بعد اللقاء أشار فعلاً الى خلافات في الرأي بينهما على رغم الجهود المضنية التي بذلها معاونو شارون على مدار أيام لتهميش مسألة الاستيطان وعدم الخوض في المراحل المقبلة من العملية السلمية. وأضاف أن الرئيس الأميركي نقل رسالة واضحة تقول بوجوب إقامة دولة فلسطينية ديموقراطية تتمتع بتواصل جغرافي وبرئاسة محمود عباس وأن هذا هو الأمر الأساسي. وزاد أن الأميركيين ملّوا تبادل الاتهامات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية وان الرئيس بوش يختلف مع شارون في موقفه القائل بعدم القيام باي خطوة سياسية بعد الانتهاء من الانسحاب من غزة، واعتبر ذلك الموقف خطأً. وتابع بن أنه على رغم النكات التي تبادلها بوش وشارون إلاّ أن ثمة شعوراً بأن السحر الشاروني فقد شيئاً من قوته في ولاية بوش الثانية، فالأميركيون"لم يستسيغوا هذه المرة الادعاءات العنيفة التي حملها شارون ضد رئيس السلطة الفلسطينية ما اضطر الأول الى تخفيف لهجته عن الثاني خلال المؤتمر الصحافي لكن لم يخسر بوش وشارون شيئاً من ظهور خلافات بينهما إذ سيسوّقها الأول لأصدقائه من الأوروبيين والعرب بأنه لا يتردد في مطالبة شارون بالايفاء بتعهداته حول تجميد الاستيطان وتفكيك البؤر"غير القانونية"، فيما سيدعي الثاني أمام معارضيه في حزبه"ليكود"أنه لم يخشَ، حتى في تكساس القول إن اسرائيل بحاجة الى تواصل جغرافي بين مستوطنة"معاليه أدوميم"والقدس". وأشار المعلق الى تصريحات شارون الى إحدى شبكات التلفزة الأميركية حول"أجواء حرب أهلية"تعيشها اسرائيل على خلفية خطة الانسحاب، وقال أن شارون أراد عبرها القول ان ليس في مقدوره تقديم"تنازلات"أخرى، على اعتبار أن الانسحاب من غزة"تنازل"اسرائيلي. من ناحيته رأى المعلق في جريدة"معاريف"بن كسبيت أن جل ما أراده الأميركيون من لقاء شارون هو الاطمئنان الى تنفيذ خطة الانسحاب باعتبارها نموذجاً خاصاً لإقامة دولة فلسطينية في القطاع ستترتب عن نجاحه انعكاسات على العملية السياسية برمتها. في هذا السياق كتب مراسل"يديعوت أحرونوت"شمعون شيفر أن الرئيس بوش يرى عملياً في سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع بعد الانسحاب منه اختباراً لقدراتها على إدارة شؤون دولة، أو بكلمات أبسط دولة موقتة، ما يعزز مخاوف الفلسطينيين من مؤامرة أميركية - اسرائيلية بإقامة الدولة الموقتة في حدود غزة". ويكتب شيفر أن شارون خرج سالماً من الاجتماع ومن المؤتمر الصحافي الذي دار أساساً حول خطة الانسحاب من غزة. ولفت المعلق الى حقيقة أن الرئيس الأميركي لم ينبس ببنت شفة وهو يسمع شارون يتحدث عن أن أي تسوية دائمة للصراع ستضمن ضم المستوطنات الكبرى بما فيها"معاليه أدوميم"الى حدود اسرائيل"فَمَن سيصدّق بعد الآن التزام شارون المتكرر تفكيك البؤر الاستيطانية غير القانونية؟". وختم شيفر قائلاً إن شارون رسم في مزرعة الرئيس الأميركي في كروفورد الحدود الدائمة لاسرائيل"لقد فعل ذلك هذه المرة بموافقة أميركية شابها التردد لكن يمكن لنا أن نتوقع أنه في الزيارة المقبلة لشارون الى واشنطن أو بعد زيارتين، وبعدما يتضح للأميركيين أن لا شريك في الجانب الفلسطيني، سيدعم الأميركيون منظور شارون بشأن الحدود المستقبلية لاسرائيل".