لم يحدد بيان وزارة الداخلية المصرية عن شخصية منفذ عملية تفجير حي خان الخليلي، الخميس الماضي، الدوافع التي جعلت شاباً لم يتجاوز ال 18 من العمر ينفذ العملية سوى قراءته بعض كتب تحوي أفكاراً سلفية جهادية. لكن الغموض يزداد عند زيارة منزل الشاب حسن رأفت احمد بشندي الذي قتل بانفجار القنبلة التي كان يحملها في شارع جوهر القائد، وتمزق جسده وتحول إلى أشلاء. فالجيران الذين تحدثت اليهم"الحياة"لم يجدوا سبباً يدفع حسن إلى تنفيذ مثل هذا العمل، أو إلى الانتحار. تسكن اسرة بشندي في شارع الازهري الضيق في منطقة عزبة عثمان، في حي شبرا الخيمة التابع لمحافظة القليوبية شمال العاصمة، في بناء متهالك. والوصول الى الطبقة الرابعة منه حيث تعيش الاسرة يحتاج من الغرباء الى قدر من الحرص لضمان السلامة. لكن الشقة كانت خالية ومغلقة. وأفاد الجيران بأن أمه"الست ألفت"وابناءها الاربعة عادل 29 عاما حاصل على ليسانس حقوق، وعلاء 27 عاما حاصل على ليسانس الآداب، وعصام 25 عاما طالب في كلية الهندسة جامعة حلوان، والابنة الصغيرة منة 7 اعوام غير موجودين. فالأم والأبناء اصطحبتهم الشرطة منذ يومين وما زالوا جميعاً رهن التحقيق والتدقيق، وخضعوا لاختبار البصمة الوراثية لمطابقة بصماتهم مع ابنهم القتيل. أما الابنة الصغيرة فذهبت لتقيم مع أقارب للأسرة. في الشارع كان الحضور الامني ما زال قائماً، وكأن هناك ما تبحث عنه الشرطة، أخبرنا الجيران أن والد حسن مات في آب اغسطس الماضي أثناء حفل عرس الابن الاكبر، بأزمة قلبية وهو يحمل"صينية الشربات"فسقط على الأرض وسقط"الشربات"فوقه وتحول الفرح مأتماً. تسكن الأسرة المنزل منذ نحو ربع قرن والاب كان يعمل حداداً وظل فخوراً بأبنائه جميعاً كونهم تفوقوا في دراستهم رغم الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، كان آخرهم حسن الذي حصل بعد وفاة والده على الثانوية العامة بتفوق والتحق بكلية الهندسة. وظل يحمل لوالده الكثير من الوفاء والتقدير. شقة الأسرة ضيقة لا تزيد مساحتها على مئة متر مربع، لكنها كانت تكفيهم. واستبعد الجيران بشدة أن يكون حسن عضواً في خلية أصولية راديكالية، وأكدوا أنهم فوجئوا بأنه الجاني. وقال أحدهم إن حسن كان يصلي لكنه لم يكن يتحدث كثيراً في الدين وأنه كان يتردد على مسجد قريب ولكن من دون أن يكون له جماعة أو"شلة"يلتقيها داخل المسجد بانتظام. وتفيد معلومات أن حسن تبنى أفكاراً متطرفة تسللت إليه عبر كتب حصل عليها من السوق، أو عندما غرق في الانترنت حيث المواقع الاسلامية الراديكالية التي جندته وثقفته ودربته وخلقت لديه الدوافع كي يفجر نفسه والسياح والحي. لكن السؤال الذي طرحته قضية حسن بشندي هو كيف خلق الدافع داخله؟ هذا الصبي ينتمي الى جيل آخر غير جيل"عتاة الأصوليين"المعروفين. كان عمره عشر سنوات، حين وقعت آخر عملية كبيرة ضد السياح، وهي عملية الاقصر في تشرين الثاني نوفمبر 1997. انه من جيل جديد له دوافعه الخاصة، غير منضم في تنظيم ولا ينتمي إلى جماعة، ولم يجنده أحد ولم يكلفه"أمير"بعمل ما. بيان وزارة الداخلية أوضح أن حسن تصرف بوازع من داخل نفسه وهو قد يكون نتاج ظروف اجتماعية أو معيشية أو حتى سياسية ضيقة، لكنه ايضاً نتاج سرطان الكومبيوتر ونموذج للمتطرف الجديد الذي صار لا يحتاج إلى جماعة تلقنه أفكاراً أو مبادئ أو لمن يرسم له خططاً ويحدد له الطريق إلى الجنة.