ما إن خيم مساء أول من أمس، حتى تبدلت الصورة التي خيمت على وسط بيروت منذ الرابع عشر من شباط فبراير الماضي، وتاريخ اغتيال الرئيس رفيق الحريري. فقد غصت المقاهي والمطاعم التي بقيت شبه خالية على مدى أربعة وخمسين يوماً، بعشرات آلاف المواطنين والأجانب الذين لبوا دعوة النائبة بهية الحريري إلى"يوم الوحدة الوطنية في الذكرى الثلاثين لاندلاع الحرب الأهلية في لبنان"من 9 إلى 13 من الجاري تحت شعار"لبنان للجميع، فوق الجميع، وطن للحياة"، وتنظيم"الهيئة الوطنية للنهوض والصداقة". وملأ الوافدون المقاهي والمطاعم والاستراحات، على مرأى من النائبة الحريري التي جالت في المكان، وأعلنت أن اللبنانيين يتابعون"حلم"الرئيس الشهيد رفيق الحريري في نهوض وطنهم، فيما اكتفى كثيرون ممن لم يجدوا لهم مكاناً للجلوس، بالسير ومشاهدة صور الرئيس الراحل التي زينت أعمدة الأبنية المجاورة. مقهى"الإيتوال"حيث أمضى الرئيس الشهيد الدقائق الأخيرة من حياته تحوّل مزاراً توافد إليه الزائرون والمصورون، بعدما لفتت انتباههم صورة الحريري الكبيرة التي نصبها القائمون على المقهى، في المكان الذي اعتاد الراحل الجلوس فيه. وتواصلت أمس، نشاطات اليوم الثاني من البرنامج. وتحت شعار"منركض متحدين"، وملصقات"اشتقنا لعيونك"و"نستحق لبنان. نستحق رفيق الحريري"، انطلق الماراتون المصغر الذي نظمته"لجنة ماراتون بيروت"الرياضية في إطار نشاطات"يوم الوحدة الوطنية". واحتشد منذ التاسعة من صباح أمس، عشرات الآلاف من المشاركين والمتفرجين، من أعمار وجنسيات مختلفة في ساحة رياض الصلح التي زينت بالبالونات الحمر والبيض والخضر، في مقابل صورة عملاقة للرئيس الحريري تغطي مبنى اللعازارية المجاور، فيما انشغلت إحدى السيدات بتوزيع الشرائط الحمر ترمز إلى توجيه الشكر إلى القوى الأمنية والجيش اللبناني على الحاضرين. وشارك عدد من السياسيين والفنانين بلباسهم الرياضي في النشاط. "جئنا نركض بعيداً من السياسة والعمل، شكلنا فرقاً من الأصدقاء وسجلنا للمشاركة في النشاط"، يقول أحد المشاركين وهو يقف تحت منصة الانطلاق التي زينت بمجسمات ملونة لرياضيين ورياضيات. ومع اقتراب موعد الانطلاق، جالت النائبة الحريري في المكان، فانطلقت هتافات التأييد والتصفيق."لا خوف على لبنان طالما اللبنانيين يملأون الساحات، ولن يتركوها للعابثين"، تقول الحريري، وتضيف:"هذه الرسالة هي بوجودكم في قلب بيروت الذي أراده رفيق الحريري نموذجاً للعيش المشترك ودليلاً على إرادة اللبنانيين بالنهوض بوطنهم. انتم هنا لتوجهوا رسالة إلى كل الأصدقاء والأشقاء والمصطافين والمستثمرين أن يأتوا إلى لبنان، ويتضامنوا مع لبنان رفيق الحريري. لا خوف على لبنان طالما هذا الشعب العظيم مصر على تمسكه بوحدته الوطنية وسلمه الأهلي واستقلاله ودولته الأمنية". ثم انشدت النائبة الحريري مع الفنان وديع الصافي النشيد الوطني اللبناني، وأدت الفنانة سمية البعلبكي مقطعاً من أغنية"لبنان يا قطعة سما" قبل أن تطلق البالونات الملونة و 50 حمامة بيضاء في الهواء، تعبيراً عن رغبة اللبنانيين في السلام. وقبل أربع دقائق من انطلاق صفارة البدء، انطلق المعوقون الرياضيون المشاركون في الماراتون، ثم تلاهم المشاركون في سباق الركض، فيما تولت وحدات من قوى الأمن الداخلي والجيش حفظ أمن مسيرة المشاركين المنطلقين من ساحة رياض الصلح مروراً بموقع حادثة اغتيال الرئيس الحريري أمام فندق سان جورج، صعوداً باتجاه ساحة الشهداء حيث ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وترافق هذا النشاط مع نشاطات فنية ورياضية أخرى كانت تقام في ساحة الشهداء، استعداداً لوصول المتسابقين. وحصل كل الواصلين على ميداليات رمزية، وزرعت شجرة زيتون في ساحة الشهداء، ونثر عليها تراب مجموع من كل المحافظاتاللبنانية.