سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كل الطرق فتحت والجيش منع تسربهم الى ساحة الشهداء وبعض الهتافات خالف المتفق عليه . ساحة رياض الصلح تفيض بمئات الألوف من مؤيدي سورية ورافضي "التدخل الأجنبي"
وحّد العلم اللبناني الحشود التي تدفقت بمئات الآلاف الى وسط بيروت على رغم تعدد المشارب. ونجح مسؤولو"التنظيم"في"حزب الله"في قيادة الناس الى حيث يرغبون في تجميعهم وفرزهم وضبط ايقاع هتافاتهم ولافتاتهم الى حد كبير. فيما تولى الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي مهمة تجنب أي احتكاك محتمل بين ساحتي رياض الصلح والشهداء عبر تشكيل سدود منيعة بالملالات والأجساد لمنع تخطي خطوط تماس مفترضة بين موالاة ومعارضة. كل الطرق الى ساحة رياض الصلح كانت مفتوحة امس، امام المشاركين في التجمع الذي دعت إليه أحزاب الموالاة في لبنان تحت شعارات الوفاء لسورية ورفض التدخل الأجنبي والقرار الدولي الرقم 1559 ومعرفة من قتل الرئيس رفيق الحريري، فلم تشهد مداخل العاصمة حواجز امنية تعرقل مرور الباصات الكبيرة والصغيرة التي كانت تقل الناس من مختلف المناطق وتتدلى من نوافذها الأعلام اللبنانية بكثرة. ساحة رياض الصلح تغيرت معالمها بين ليلة وضحاها، فبعدما ازال الجيش اللبناني ليل اول من امس، كل السيارات المتوقفة في المواقف المحيطة بالساحة، استحضر"التنظيم"في"حزب الله"رافعات الى المكان وعمل على بناء منبر حديد يشبه ذلك المنصوب في ساحة الشهداء ورفع اعلاماً لبنانية ضخمة في وسط الموقف الملاصق لنصب الرئيس رياض الصلح ولافتة كبيرة من القماش كتب عليها بالخط العريض"لا للتدخل الأجنبي"، وتم استحضار مكبرات صوت ثبتت في المكان وفي كل الاتجاهات، وانتشر عشرات الشبان الذين يرتدون قمصاناً سوداً عند المداخل والطرق المؤدية الى وسط بيروت للمراقبة والإشراف على التحضيرات. كانت مكبرات الصوت عبر سيارات تجوب ضاحية بيروت الجنوبية وقرى وبلدات الجنوب والبقاع تحث الناس على التجمع للانتقال الى بيروت, وكان صوت المذيع يختلط مع صوت النشيد الوطني وليس أي نشيد آخر اعتاد الناس على سماعه. و"النزول"الى بيروت كان فرادى وجماعات, وثمة من بكّر في الوصول قرابة الحادية عشرة مستبقاً موعد التجمع المحدد في الثالثة بعد الظهر، ولم تكن"الأطواق"الأمنية قد فصلت بعد بين الساحتين، فراح الناس يقصدون ضريح الرئيس الحريري يقرأون الفاتحة او يتطلعون الى الضريح وأضرحة مرافقي الحريري السبعة ويغادرون، فيما خلت ساحة الشهداء من شبانها إلا قلة يعتصمون في الخيم المنصوبة حول تمثال الشهداء"حتى جلاء الحقيقة". الناس كانوا يتدفقون الى ساحة رياض الصلح فيعبرون حواجز حديد يتولى من خلفها شبان"التنظيم"فرز النساء الى باحة والرجال الى باحة اخرى، وباحة النساء هي الطريق الخلفية لموقف السيارات حيث تجمعن مع لافتاتهن وقناني مياه وكعك احضرنه لإطعام الأطفال الذين اصطحبوهن. والطرق المفتوحة امام الحشود كانت تلك التي تؤدي الى مداخل بيروت الجنوبية كأوتوستراد سليم سلام وأوتوستراد بشارة الخوري فيما وجب على القادمين من الشمال الالتفاف من خلف ساحة الشهداء الى جسر فؤاد شهاب نزولاً الى مبنى اللعازارية. فاض الموقف بالقادمين ولم يكن الوقت شارف على الثانية بعد الظهر، فتجمعوا حوله، وفاضت الشوارع المحيطة بهم فجلسوا على التلال المقابلة لمبنى بيت الأممالمتحدة، ووقفوا فوق جسر فؤاد شهاب المطل على ساحة الصلح وبقي عشرات الألوف خارج المكان وتردد ان امتداداتهم وصلت الى تقاطع السفارة الكويتية أي على بعد كيلومترين من مكان التجمع. كان ثمة عريف للتجمع يتحدث عبر مكبر للصوت ويدعو الناس الى دخول موقف السيارات ويردد هتافات قال عنها انها يجب ان تكون موحدة، وبدا ان بعضها استعار مفرداته من هتافات تجمعات المعارضة وجرى تحوير بعض كلماتها لتلائم اهداف المتجمعين الآخرين. "بيروت حرة حرة، امريكا طلعي برا"و"علّي راسك يا لبنان شعبك صامد ما بينهان ويا سفير الأمريكان لا تتدخل بلبنان والحرية ما بتنصان إلا بوحدتنا في لبنان"، و"وحدتنا الوطنية هي كل القضية، لا تقسيم ولا توطين وحدة وحدة وطنية"، و"احرار بنبقى احرار بنحيي الأسد بشار", و"الحقيقة لازم تبان وما نخسر وحدة لبنان"، و"بالمحبة والحوار نحمي جو الاستقرار", و"الحلم الصهيوني ممنوع وعلى ارضي ما إلو رجوع". وكان للقادمين هتافاتهم الخاصة لم يخلُ بعضها من شتائم في حق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط والرئيس امين الجميل. وكان خطباء التجمع ينتقدون مثيلها صدر عن تجمعات المعارضة, فهتف شبان"يا وليد ويا ... شو جابك على بيروت"و"يا بشار ميّل ميّل وادعس على راس الجميل"،"توت توت على بيروت وجنبلاط عم يموت". وثمة هتافات جامعة كان يرددها كثر وبعضها يرد على مواقف اثارت استنكارات سابقة مثل:"ما بدنا نوعية اسلام ومسيحيي"، و"بدنا نقول الحقيقة سورية يا شقيقة", و"كل العالم مقهورين"امل"و"حزب الله"متفقين". وأصرت مجموعات قادمة من الضاحية الجنوبية على هتاف"الله ونصر الله والضاحية كلها"، وردد آخرون"من دمشقلبيروت شعب واحد ما بيموت"، و"يا امريكي ارحل عنا بالحرية ما تتغنى"، ورددت مجموعة اتت من زغرتا"انت البطرك يا سليمان"، وهتف الجميع مع العريف"لا تقسيم ولا توطين وحدتنا اكبر من 1559". العلم اللبناني وحد الحشود وأيضاً اللافتات التي تكررت بالمئات:"كل مصائبنا من امريكا"، و"نعم لحماية المقاومة"و"شكراً لسورية الأسد"و"الاستقلال يعني عدم التدخل"و"لبنان سيبقى عربياً". وسارعت مجموعة في خط مستقيم حمل اصحابها لافتات كتب على كل واحدة اسماء"هادي نصرالله"و"رفيق الحريري"و"سمير القنطار"وسناء محيدلي وبلال فحص وكتب على اللافتة الأخيرة"= النوعية", وثمة لافتات تكررت باللغتين الإنكليزية والفرنسية وبعضها كتب عليه"Surprise"وأخرى"Zoom in Zoom out USA out" ورفع المشاركون الصور فطغت صور الرئيسين بشار الأسد وإميل لحود والأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله كما رفعت صور للرئيس الحريري وصور لرئيس المجلس النيابي نبيه بري وأخرى للوزير سليمان فرنجية وباسل الأسد وأنطوان سعادة وثمة من رفع صورة علي يوسف عيد وكتب عليها"الوفاء هو الأبقى". اللافتات كانت من كل الأحجام وأبرزها"السلم الأهلي خط احمر"، و"لا للفتنة بين اللبنانيين"و"سجل انا لبناني انا لا اكره الناس ولا اسطو على احد لكنني اذا جرحت آكل لحم مغتصبي فحذار من غضبي"، وثمة لافتات حملت صوراً للرئيس الأميركي جورج بوش يرتدي العلم الأميركي ويتناول وجبة هي الدول العربية وأخرى صورة لآرييل شارون على شاكلة قرد وأجلس بوش في حضنه وهو ايضاً على صورة قرد صغير. بعض الشبان تسلق تمثال رياض الصلح ووضع عليه لافتة رُسمت عليها شارتا الصليب والهلال, وآخرون تسلقوا اشجاراً ورفعوا عليها العلم اللبناني الذي كان عريف التجمع يحث الناس على التلويح به وإنشاد النشيد الوطني كاملاً مع رفع القبضات عالياً في الهواء، وثمة فتاة راحت تجول بصليب خشبي عليه مجسم للنبي عيسى. وكانت الجموع ترد على كلام الخطباء الذين توالوا على الكلام بالتصفيق والصفير وإطلاق الهتافات المستنكرة ان اتوا على ذكر بوش أو المعارضة، وثمة مواكب سيارة كانت تخترق الحشود بصعوبة فتشرئب الأعناق ظناً انها تقل السيد نصرالله وتنثر عليها اوراق الأزهار. اكثر من اربع ساعات بقيت الناس في الساحة، اختلطت النساء خلالها مع الرجال، النساء لبسن تشادورات مع فتيات لبسن الجينز، رجال دين مع محامين ارتدوا ثوب المهنة الى جانب شبان طبعوا على اذرعهم اشكالاً وكلمات معظمها على علاقة بانتمائهم الديني. وأكثر من نصف ساعة انتظرت الجموع ظهور نصرالله الذي قال العريف"ان الشمس ما ركعت لكنها الآن ستركع مع ظهوره"، وطلب من الحشود الوقوف دقيقة صمت حداداً على روح الشهيد الحريري". ثم انشاد النشيد الوطني قبل ان تعلو الهتافات بشكل هستيري مع سماع صوت السيد نصرالله يخاطب الحضور من المبنى المقابل لموقف السيارات بعدما جرى تحصين النافذة التي اطل منها، بإجراءات وقائية. وما كادت الحشود تخلي الساحة عائدة الى المناطق التي جاءت منها حتى استعادت ساحة الشهداء مجموعاتها. لكن ثمة شوارع خلفية شهدت ما جرى تلافيه في قلب العاصمة، وسُجّل سقوط جريحين في عين الرمانة خلال اشكال حصل بين عائدين من التجمع وسكان المحلة.