الاحمدي يكتب.. الهلال سيعود ليُعانق البطولات    أمير الشرقية يستقبل السفير البريطاني    أمانة الرياض توقع استضافة "مؤتمر التخطيط"    "ترمب وإفريقيا.. وصفقة معادن جديدة    رؤية 2030.. كشف حساب للإنجازات قبل موعدها    فيصل بن مشعل يتسلم تقرير "أمانة القصيم"    المملكة تقدم 134 مليار دولار مساعدات ل172 دولة    العلاقات السعودية الأميركية.. الفرص والتحديات    إسبانيا: الحكومة والقضاء يحققان في أسباب انقطاع الكهرباء    محمد بن ناصر يزف 8705 خريجين في جامعة جازان    نجومية جمال تمنح برشلونة الأفضلية    رهيب والله رهيب يا أهلي    مجلس الوزراء: تبرع ولي العهد للإسكان حرص على تعزيز الحياة الكريمة للمواطنين    أمير الرياض يكرّم المتطوعين والمشاركين في {منقذ}    سعود بن نهار يثمن مبادرة "الطائف المبدعة"    "هيئة العناية بالحرمين": (243) بابًا للمسجد الحرام منها (5) أبواب رئيسة    مسؤولو الجامعة الإسلامية بالمالديف: المملكة قدمت نموذجاً راسخاً في دعم التعليم والدعوة    مدير عام الجوازات يستقبل أولى رحلات المستفيدين من مبادرة طريق مكة بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة    بدء المسح الصحي العالمي 2025    "الداخلية" تحتفي باليوم العالمي للصحة المهنية    مستشفى الملك خالد بالخرج يدشن عيادة جراحة السمنة    الاتحاد السعودي للهجن يؤكد التزامه التام بتطبيق أعلى معايير العدالة وفق اللوائح والأنظمة    فريق فعاليات المجتمع التطوعي ينظم فعالية بعنوان"المسؤولية الإجتماعية للأسرة في تعزيز الحماية الفكرية للأبناء"    إيلون ماسك يقلق الأطباء بتفوق الروبوتات    سان جيرمان يقترب من التأهل لنهائي "أبطال أوروبا" بفوز في معقل أرسنال    أسباب الشعور بالرمل في العين    اختبار للعين يكشف انفصام الشخصية    سيناريوهات غامضة في ظل الغارات الإسرائيلية المتكررة على لبنان    نائب أمير منطقة مكة يستقبل محافظ الطائف ويطلع على عددًا من التقارير    قصف مستمر على غزة لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية    أمين منطقة القصيم: مبادرة سمو ولي العهد تجسد حرص القيادة    قلعة شامخة    القبض على 4 وافدين لارتكابهم عمليات نصب واحتيال بنشر إعلانات حملات حج وهمية    تنوع جغرافي وفرص بيئية واعدة    أمير تبوك يستقبل محافظ هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    المسار يسهم في نشر ثقافة المشي والتعرف على المواقع التراثية وجودة الحياة    الصوت وفلسفة المكان: من الهمسات إلى الانعكاسات    ورم المحتوى الهابط    من شعراء الشعر الشعبي في جازان.. علي بن حسين الحريصي    "سيماكان" مدافع النصر : فريقنا سيقدم أفضل ما لديه من أجل الفوز والوصول إلى النهائي الآسيوي    الداخلية تعلن اكتمال الجاهزية لاستقبال الحجاج    الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    للعام السابع.. استمرار تنفيذ مبادرة طريق مكة في 7 دول    انطلاق أعمال الملتقى الصناعي السعودي المصري    أمير جازان يستقبل مدير فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    محمد بن ناصر يتسلّم التقرير الختامي لفعاليات مهرجان "شتاء جازان 2025"    كشف النقاب عن مشروع «أرض التجارب لمستقبل النقل» في السعودية    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    بوتين يعلن هدنة مؤقتة في ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي    الانتخابات العراقية بين تعقيدات الخريطة وضغوط المال والسلاح    الضيف وضيفه    زواجات أملج .. أرواح تتلاقى    أمير المدينة يدشّن مرافق المتحف الدولي للسيرة النبوية    الأمير فيصل بن سلمان:"لجنة البحوث" تعزز توثيق التاريخ الوطني    الفالح: 700 فرصة استثمارية في الشرقية بقيمة 330 ملياراً    بحث مع عراقجي مستجدات «محادثات مسقط».. وزير الخارجية ونظيره العماني يناقشان الأوضاع الإقليمية والدولية    محافظ محايل يكرم العاملين والشركاء في مبادرة "أجاويد 3"    نائب أمير مكة يشهد حفل تخريج الدفعة العاشرة من طلاب وطالبات جامعة جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة "القرار" بين الشرق والغرب
نشر في الحياة يوم 10 - 04 - 2005

بجملتين بسيطتين لكنهما معبرتان بكثافة بالغة عن وجه الاستقطاب الحاد الذي تعيشه بلادنا العربية والاسلامية، لخص الرئيسان الايراني محمد خاتمي والفرنسي جاك شيراك ذلك البعد السياسي الأكثر توتراً من ذلك الاستقطاب المدجج بنذر الحرب وعواصف الاجتياحات، وتحديداً من لبنان حيث ملتقى الشرق والغرب.
فأثناء حديثهما عن لبنان و"حزب الله"والمقاومة وصف خاتمي"حزب الله"بأنه"رمز المقاومة في وجه العدوان الاجنبي"، فيما تمنى شيراك ان"يتحول هذا الحزب ليصبح حزباً سياسياً كبيراً في اطار الديموقراطية اللبنانية".
في ظاهر الأمر كلاهما مهتم بالمصلحة اللبنانية وكلاهما يريد الخير لها! لكن الأمر أعقد من ذلك بكثير. كيف؟
في لبنان كما في العراق كما في فلسطين كما في سورية كما في ايران أو أي قطر"شرق أوسطي"آخر يمكن ان نختاره يطرح السؤال المركزي الآتي نفسه بقوة لدى طرح أي قضية للنقاش: ما هو موقع هذه القضية أو تلك من القرار الوطني المستقل؟ ولماذا مطلوب منا دوماً ان نرمي"ارادة المقاومة"جانباً كأولوية قصوى ثم نبدأ بمعالجة القضايا المطروحة علينا وغالباً حسب أجندة الخارج ومقاييسه ومعاييره؟!
ففي ايران أنت متهم أولاً وقبل كل شيء بأنك تجاوزت الحدود المسموح لك بها كدولة عالمثالثية مسلمة لا سيما في مجال علوم متقدمة مثل التكنولوجيا النووية وهي المحرمة عليك حتى لو كانت سلمية.
وفي العراق، أنت متهم عندما تطالب بأجندة واضحة لجلاء الاحتلال، حتى لو كان هذا الاحتلال يمارس اقبح أنواع الانتهاك المنظم لحقوق الانسان ويقتل ما لا يقل عن مئة ألف مدني من ابناء شعبك بحجة وذريعة خطر اسلحة دمار ثبت انها ملفقة وكاذبة.
وفي سورية، أنت متهم بإيواء"الارهابيين"ودعمهم واسنادهم ما لم تقدم أوراق الطاعة لدولة الارهاب المنظم المقرر لها ان تقود مشروع"الشرق الأوسط الكبير"وتتزعمه باعتبارها الدولة"الديموقراطية"النموذج والمثال رغم كونها دولة عنصرية"دينية"خالصة!
وفي فلسطين، أنت متهم بالترويج للعنف والتحريض عليه مقابل ارادة"السلام"التي تريد املاء الأمر الواقع الليكودي الشاروني حتى على الدولة الأقوى في العالم ورغم أنف الجميع!
وفي لبنان، أخيراً لا آخراً، أنت متهم ب"المقاومة"ومقاومة ماذا؟ مقاومة مخطط الاذعان للارادة الأجنبية التي ارتأت من جديد ان تحول لبنان الى مرتكز وقاعدة للانطلاق منها والزحف على مقاومات وممانعات"الشرق الاوسط الكبير"الاخرى التي رفضت مسايرة الاجنبي في مخططه الذي بات مكشوفاً وهو تقسيمنا جميعاً مهما كبرنا الى اجزاء متناثرة ومبعثرة من"دول"الأقوام والأعراق والطوائف والمذاهب والأديان لا يجمع بينها جامع ولا هوية لها الا الهوية"الشرق أوسطية".
أعرف ان الكثير من ابناء جلدتنا سيقول فوراً: هل تنكر تفشي الفساد وتجذر الاستبداد في أنظمتنا السياسية وشيوع الظلم واللاعدالة وغيرها من المفاسد، لكن سؤالي الفوري هو: هل هذهن صفات وسمات خاصة ببلادنا فقط؟! ام ان اضعافاً مضاعفة منها كماً وكيفاً متفش ومنتشر في بلاد عدة اخرى، ومنها البلدان التي تطالبنا بنزع"ارادة المقاومة"اولاً وأخيراً؟! وهم غير صادقين في ما عدا ذلك بالمناسبة. أي انهم لا يريدون بعد ذلك أي اصلاح لأمورنا لأن ذلك يفسد عليهم منافعهم ومصالحهم الاستعمارية والتوسعية.
ثم لماذا يحق لهم ان يحددوا أولوياتهم كما يشاؤون عندما يتعلق الأمر بارادتهم وقرارهم الوطني المستقل فيصبح الاقتصاد مرة والتنمية البشرية مرة أخرى وحماية البيئة احياناً أو الحريات الاجتماعية أو المنظور الديني للدولة رغم تورط أنظمتهم وامعانها في فضائح حروب ابادة أو انتهال حقوق الشعوب الأخرى أو تعريض الأمن العالمي للخطر؟!
هل لأنهم هم ابناء الذوات ونحن ابناء الجارية؟! أم لأن موازين القوى مختلة لمصلحتهم وبالتالي يحق لهم ما لا يحق لنا بفعل هذا الاختلال الفاضح؟! انه الامران معاً وللأسف الشديد. وقد قيل يوماً ان التاريخ تكتبه القوة المنتصرة.
انها ارادة السيف والصولجان والقوة العارية ترفعها الدول القوية والمتنفذة بما بات يسمى بالمجتمع الدولي ضد الدول المستضعفة في العالم في اطار معركة غير متكافئة يراد من ورائها، في ما يراد اعادة صوغ للمفاهيم والقيم والمعايير في الشرق كله، وذلك في لحظة طغيان مفاهيم"الديموقراطية الليبرالية الغربية"رغم انف الجميع! اليس كذلك، وهي الحالة التي تريد بنا العودة الى بدايات عصر"التنوير"والاستعمار الحداثي الغربي حيث لخصها رجلهم المشهور سلامة موسى في العام 1923 عندما قال:"علة الأقطار العربية ورأس بلواها اننا ما زلنا نعتقد ان هناك مدنية غير المدنية الأوروبية، فلا نتقبل مبادئ البرلمانية والديموقراطية والاشتراكية، وهذه مبادئ لم تعرفها آسيا أم الاستبداد الاتوقراطي في الحكومة والدين والأدب والعلم مع انها لب النجاح القومي".
انها تذكرة استحضرها بين ايدي مثقفينا وكتابنا ونخبنا المحكومة والحاكمة وجمهورنا الفقير على امتداد هلال الشرق المظلوم والمضطهد من طنجة الى جاكارتا حتى لا ينسوا جوهر الصراع ولب المشكلة بيننا وبين المستعمر المتجدد في اساليب خداعه رغم جذابية شعارات الاصلاح ومكافحة الفساد ومطالبات العدالة والحرية التي تقدسها ثقافتنا الشرقية ولطالما دافعت عنها. ورغم جذابية شعار"الانتخابات والديموقراطية"و"المشاركة الشعبية في صناعة القرار"وهو هنا عندما يوظف في اجندة نزع سلاح وارادة المقاومة لدينا يصبح بلا شك كلاماً حقاً يراد به باطل.
كاتب متخصص في الشؤون الايرانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.