أثار اعلان النائب العراقي مشعان الجبوري نفسه مرشحاً للقوى السنية لرئاسة الجمعية الوطنية البرلمان الانتقالية، جدلاً واسعاً بعدما رفضته الكتلتان الكردية والشيعية، وقدمت الأخيرة مرشحاً لهذا المنصب السني يُتوقع أن يفوز بغالبية أصوات النواب. وهدد الجبوري 48 سنة ب"انسحاب"العرب السنة من البرلمان في حال اختارت كتلة"الائتلاف العراقي الموحد"الشيعية مرشحها، معتبراً أن ترشيحه هو"خيار العرب السنة". وأضاف:"لم يسألنا أحد عندما رشح الشيعة ابراهيم الجعفري لمنصب رئاسة الوزراء، كما لم يسألنا أحد عندما رشح الأكراد جلال طالباني لرئاسة الجمهورية". وزاد:"لست ساعياً الى هذا المنصب رئاسة البرلمان ولم أتخيل يوماً أن أُرشح له، لكن هناك ثلاثة مناصب سيادية، وعلينا أن نجد مرشحاً لشغل منصب رئاسة الجمعية، وهو ما قمنا به". وتابع:"هذا قرار العرب السنة، أما اذا كانوا يريدون مرشحاً مفصلاً لهم، فيمكنهم ذلك ومبروك عليهم سلفاً، وعندئذ سيكون العرب السنة خارج العملية السياسية". وتابع الجبوري أن الانسحاب من الجمعية سيكون الرد السني في حال اختيار شخصية سنية من"الائتلاف"لمنصب رئاسة الجمعية، مشيراً إلى أن تحالف السنة العرب مع قائمة اياد علاوي جاء بعد توافق في البرنامج السياسي في ما يتعلق بالمصالحة مع البعثيين وبناء جيش وطني واستخبارات قوية ودولة مؤسسات، بعيداً عن المحاصصة الطائفية. وتحدث عن"اجتماع عقد الأربعاء حضره ممثلو نحو 30 حزباً من اليسار الى اليمين، وشارك رئيس الحزب الاسلامي محسن عبدالحميد ورئيس الوقف السني عدنان الدليمي وعدنان الباجه جي، والحركة الملكية وحزب البعث والمقاومة والسلفيون والصوفيون ومعظم القوى السنية". وروى الجبوري الذي يرأس كتلة"المصالحة والتحرير":"أجري تصويت بيني وبين عدنان الجنابي من القائمة العراقية بزعامة علاوي وحصلت على 29 صوتاً من 30 صوتاً، وامتنع واحد عن التصويت، وكلف بعدها الباجه جي نقل القرار اليهم. اذا كانوا يريدوننا أن نكون جزءاً من العملية السياسية، فهذا قرارنا واذا أرادوا شيئاً آخر فهم أحرار، هم الغالبية ولهم الحق في فعل ما يشاؤون"، مؤكداً أن"هذه الأحزاب والقوى السنية ستجتمع لدرس موقف الائتلاف من الموضوع". ولمح الى امكان انسحابه من الجمعية الوطنية احتجاجاً على هذا الرفض. في المقابل، قال فواز الجربا عضو كتلة"الائتلاف"ل"الحياة"إن الأخير اختاره مرشحاً للعرب السنة لتولي رئاسة الجمعية، مضيفاً أن كتلة علاوي وتياراً في"التحالف الكردستاني"يدعمان ترشيحه رئيساً للبرلمان. وتابع أن"جلسة الأحد المقبل ستشهد عملية تصويت لاختيار فواز الجربا او مشعان الجبوري الذي يرأس مجموعة برلمانية صغيرة من مقعدين". وقال جواد المالكي النائب من"حزب الدعوة الاسلامية"بزعامة ابراهيم الجعفري، ان اسم الجبوري"مرفوض في شكل مطلق وأبلغناهم رفضنا. هم السنة رشحوا هذا الاسم ولهم الخيار. لكننا لا نوافق. ان موقع الرئاسة أكبر بكثير من أن يتولاه شخص لا يحظى بالموافقات المطلوبة". أما مريم الريس عضو"الائتلاف"فشددت على ان اسم الجبوري"قدم رسمياً الى الائتلاف، لكنه لم يحظ بالموافقات اللازمة، لأن هناك كثيراً من التحفظات". وأضافت أن"الجبوري غير مؤهل لتولي ذلك المنصب، وهو مرفوض من الكتلتين الرئيسيتين في البرلمان"،"الائتلاف"و"الاتحاد الكردستاني". وكانت أزمة اختيار رئيس البرلمان في ثاني جلسة له الثلثاء الماضي، اتسعت بعدما اعتذر أكثر من مرشح سني عن عدم تولي المنصب. الى ذلك، قال فرج الحيدري عضو الكتلة الكردستانية ل"الحياة"إن"الأمر لم يحسم بعد لمصلحة الجبوري"، مضيفاً أن على المرشح لرئاسة البرلمان أن يتمتع بشعبية واسعة بين السنة العرب، ويحظى بقبول غالبية الكتل البرلمانية، اضافة إلى امتلاكه"ثقلاً سياسياً". ولفت إلى أن"الموقع حساس، وهو أكثر أهمية من أي مواقع أخرى لجهة تمثيله أعلى سلطة تشريعية في البلد". وأكد أن الكتل الكبيرة لم تقرر بعد هوية المرشح، وان"التصويت سيحسم الموضوع". ونبه الى إن المشكلة تكمن في محدودية الخيارات، اذ تضم الجمعية 17 عضواً فقط من السنة العرب، كما ان"عدم امكان الاستعانة بشخصية من خارجها لتولي المنصب، أمر يزيد الوضع تعقيداً". وأشار إلى ان مشاركة كتلة"العراقية"في الحكومة المقبلة"محسومة"، وأنها الكتلة قدمت مجموعة من الشروط التي لقيت استجابة. في السياق ذاته، لفت حسين الصدر عضو كتلة علاوي إلى أن اجماع السنة العرب على تسمية مرشحهم لرئاسة الجمعية الوطنية"مسألة شائكة"، بسبب"غياب المرجعية السياسية الواضحة لديهم". لكنه أكد أن"أحداً لا يملك حق التدخل في خياراتهم"، وقال إن كتلة"العراقية لم تسم مرشحاً لهذا الموقع وسياستها هي التعاون مع الجميع". ولفت إلى أن"الأمر متروك للجمعية وجلستها المقبلة ستشهد اعلان الموقف من هذا الترشيح". رئيس الوقف السني عدنان الدليمي قال ان اختيار الجبوري جاء بعدما رفض الرئيس غازي الياور تولي رئاسة البرلمان، وفي ظل عدم رغبة الجهات السنية في اختيار عضو سني من قائمة"الائتلاف"، مشيراً الى أن الجبوري"مستقل وحازم، ويستطيع تمثيل أهل السنة في هذه المرحلة". وقال الدليمي ل"الحياة"إن الوقف السني أجرى استطلاعاً لآراء أهل السنة وزع على ائمة المساجد والمصلين في مساجد في بغداد وخارجها، تتعلق بآرائهم في المشاركة في انتخابات 2006، فأفضى إلى نتائج إيجابية نعم في حدود 96 في المئة. وزاد ان"السنة بدأوا يتفهمون ان الجهات التي تدعو إلى المقاطعة والانعزال لا تريد مصلحتهم، وأن المشاركة في التمثيل السياسي وكتابة الدستور ستُخرج قوات الاحتلال"من العراق. لكن نصير العاني عضو المكتب السياسي ل"الحزب الاسلامي العراقي"اعتبر أن ترشيح الجبوري لرئاسة الجمعية الوطنية يحظى بتأييد مجموعة من السنة العرب لا تمثل الغالبية. وقال ل"الحياة"إن هذه المجموعة لم تصوت بالاجماع ليكون الجبوري مرشحاً عن العرب السنة، بديلاً من الياور. وزاد:"لا يزال بعض الأسماء السنية العربية من قوائم أخرى مطروحاً لهذا المنصب، وفي الصدارة الجربا ونزار الخيزران عن كتلة العراقية". علي الدباغ، العضو في"الائتلاف"أبلغ"الحياة"أن المجموعة السنية العربية التي رشحت الجبوري لا يمكنها التحدث باسم غالبية السنة العرب في العراق. ورأى أن الجربا هو الأوفر حظاً بين مرشحين آخرين لرئاسة البرلمان، بسبب انتمائه إلى كتلة برلمانية كبيرة جداً. في غضون ذلك، أكدت كتلة علاوي موافقة كتلتي"التحالف الكردستاني"و"الائتلاف"، على تسعة شروط من أصل عشرة قدمتها الكتلة، تمهيداً لمشاركتها في التشكيلة الحكومية المقبلة. وقال الصدر عضو الكتلة ل"الحياة"إن"استجابة تسعة شروط من أصل عشرة دليل إيجابي من الكتلتين"، موضحاً أن الشرط العاشر يقضي بمنح كتلة"العراقية"حق اقالة الحكومة في حال مخالفة أحد الأطراف الرئيسية المشكلة لها البرنامج السياسي المتفق عليه. وأشار إلى ان الكتلتين لم ترفضا هذا الشرط، لكنهما طلبتا مهلة للاجابة، ولفت إلى أن الاجتماع الأخير بين الكتل الثلاث "اتسم بالشفافية"مؤكداً أن"باب المشاركة في الحكومة المقبلة بات مفتوحاً".