نجح أمس رئيسا المجلس النيابي والحكومة في لبنان، نبيه بري وفؤاد السنيورة، بالتعاون مع"الثنائية الشيعية"المؤلفة من حركة"أمل"و"حزب الله"والغالبية النيابية في البرلمان، في إضفاء جو من التفاؤل كان وراء تراجع التوتر السياسي الذي كاد لو استمر ان يضع الجميع أمام أزمة حكم حادة تتجاوز انهيار الوضع الحكومي الى تهديد اي فرصة لانقاذ البلد من المجهول. راجع ص6 و7 ولم يكن في مقدور بري والسنيورة إبقاء الباب مفتوحاً للبحث عن مخارج للأزمة الراهنة التي كانت وراء قرار الوزراء الشيعة تعليق حضورهم جلسات مجلس الوزراء، لولا مبادرة رئيس الحكومة الى تحضير الأجواء للقائه بري، والذي أدى الى التوافق على ثلاث نقاط لتكريس جو التهدئة كأساس لمعاودة التواصل بين رئيس الحكومة وقيادتي الحركة والحزب للاتفاق على الحلول المرجوة للمشكلات التي لا زالت عالقة وأبرزها الموقف من المقاومة وسلاحها. وعلمت"الحياة"ان بري والسنيورة اتفقا على وجوب التزام النقاط الثلاث، وهي أولاً وقف كل اشكال التوتير السياسي والاعلامي، ثانياً عدم الحديث عن العقدة الشيعية في الحكومة والتلويح بوجود نية للانسحاب منها، وثالثاً إعادة اطلاق الحوار من جديد في كل الاتجاهات. وكان لاجتماع القيادتين الشيعيتين برئاسة بري والأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله دور في شق الطريق امام التهدئة السياسية بخلاف ما كان يتوقعه المراقبون السياسيون من انه يشكل خطوة على طريق اتخاذ القرار النهائي بالانسحاب من الحكومة. وذكرت مصادر مقربة من القيادتين ل"الحياة"ان الحركة والحزب اللذين أكدا التزامهما مضمون الاتفاق بينهما وبين رئيس"تيار المستقبل"النائب سعد الحريري، وانهما في انتظار وضعه موضع التنفيذ، لم يوصدا الابواب في وجه البحث عن مخارج للازمة، ولا سيما ان الحريري كان ولا يزال على قناعته بأن المشكلة قابلة للحل ولن تقترب من نقطة اللاعودة. وبحسب أوساط في الغالبية النيابية، فإن موقف الحريري نقل الى بري ونصرالله اللذين قررا التريث في تقديم استقالة الوزراء الشيعة من دون ان يعني ذلك صرف النظر عنها كلياً. وقالت هذه الاوساط ان الحريري، الموجود حالياً في الرياض، لا يزال يراهن على الحوار بمشاركة الجميع بغية التغلب على المشكلة الراهنة وقطع الطريق على من يحاول تحويلها ازمة مستعصية يصعب ايجاد الحلول لها. وكان طبيعياً، بحسب الاوساط نفسها، ان يتلازم الموقف الايجابي للحريري مع موقف مماثل لبري ونصرالله اللذين ليسا في وارد تأزيم الوضع والدخول في مواجهة لا يستفيد منها سوى الذين يراهنون على ضرب الاستقرار، لا سيما بعدما أحيط الجميع علماً بأن هناك رغبة عربية وتحديداً لدى السعودية ومصر بالتهدئة وعدم التفريط بالتحالف القائم داخل الحكومة. وبالعودة الى لقاء بري والسنيورة الذي واكبته قيادة"حزب الله"التي استقبلت النائب علي حسن خليل موفداً من قبل رئيس المجلس لوضعها في صورة ما اتفق عليه بين رئيسي المجلس والحكومة، يشار الى ان لرئيس السلطة التشريعية رغبة كبرى في إنجاح الحوار بين الغالبية في البرلمان والثنائية الشيعية لأن ذلك يشكل أول اختبار جدي له وهو يقترب من رعايته للحوار النيابي - النيابي. وفي هذا السياق قالت الأوساط ان بري الذي يستعد لاطلاق الحوار في البرلمان فور عودته من مكّة المكرّمة، التي يتوجه اليها الثلثاء المقبل لاداء فريضة الحج، سعى أمس جاهداً لاثبات صدقيته وقدرته على رعاية الحوار النيابي، ولا سيما ان فشله في التوفيق بين الغالبية و"الثنائية الشيعية"يمكن ان يعطي تفسيراً بأن هذا الحوار المرجو وُلد ميتاً طالما أنه تعثر بين قوى تتمثل بأكثر من مئة نائب في البرلمان. وكان السنيورة الذي اطلع ليلاً الوزيرين مروان حمادة وغازي العريضي على أجواء اجتماع عين التينة، أكد في تصريح له بعد اللقاء مع بري:"اننا محكومون باتفاق وسنتفق ولن نختلف". وقال ان"المطلوب منا ان نطفئ المحركات ونفكر بهدوء، وليس هناك استقالة ولن نقبل بالاستقالة"، في إشارة الى المشكلة الراهنة مع الوزراء الشيعة. ولفت السنيورة الى انه"ممنوع ان نصل الى خلاف"، لكنه لم يشأ الإجابة عن سؤال عن الاتفاق بين الحريري و"حزب الله"و"أمل"او الدخول في ما اسماه"الدهاليز الصغيرة". وتعليقاً على كلام وزير الخارجية السوري فاروق الشرع قال:"أرجو ان لا يُغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مرة أخرى". ورداً على سؤال قال السنيورة:"علينا ان نتطلّع دائماً كيف يمكن ان نصل الى توافق بين جميع اللبنانيين وخصوصاً ان طبيعة الامور تقتضي التوافق". وحول ما تردّد من ان تنظيم القاعدة وراء اطلاق الصواريخ من جنوبلبنان باتجاه اسرائيل، قال:"أعتقد بان هذه فبركة وهي من ضمن المزحات، لأنه اذا جرى التدقيق بطريقة الاعلان عن البيان نكشف انه صادر عن جماعة هواة". يُذكر ان الجيش اللبناني نجح أمس في تفكيك صاروخي"كاتيوشا"عُثر عليهما في احد البساتين في بلدة الناقورة قضاء صور كانا جاهزين للاطلاق. ولم تحدّد قيادة الجيش المكان الذي كان يستهدفه الصاروخان.