حققت تظاهرة الثلثاء الماضي التي نفذها"حزب الله"وأحزاب الموالاة والتي كان احد اهدافها الرئيسة رفض القرار 1559، جزءاً مهماً من غرضها في تأمين المظلة الشعبية والسياسية للمقاومة وللحزب ازاء استهدافه من وراء القرار الدولي. وإذا كان السبب الرئيس لنجاح التظاهرة في تحقيق هذا الغرض، هو الحشد الهائل وغير المسبوق الى جانب الحزب، لأن مئات الألوف الذين تجمعوا في ساحة رياض الصلح في قلب بيروت ليسوا من الحجم الذي يمكن للقوى المعنية بالقرار 1559، ان تتجاهله، فإن باستطاعة الأمين العام للحزب، السيد حسن نصرالله ان يضيف الى تلك الحشود، بعضاً من الجماهير التي يستطيع بعض قادة المعارضة انزالها الى الشارع، فهؤلاء قالوا كلاماً واضحاً في اليوم التالي لتجمع ساحة رياض الصلح في بروكسيل كانوا يقولونه قبل الدعوة الى التجمع اثناء لقائهم مع مسؤولي الاتحاد الاوروبي هناك، حينما كرروا رفضهم وضع الحزب على اللائحة الأوروبية للتنظيمات المعتبرة ارهابية. وهؤلاء المعارضون اضافوا جهداً مباشراً، الى الجهد الذي كان بذله رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري، والذي اعلن عنه السيد نصرالله سابقاً في سياق حديثه عن خسارة الحزب باغتيال الحريري. وبهذا المعنى حقق الحزب، نجاحاً كبيراً، من خلال التجمع الحاشد الذي كان الاساس في تنظيمه، اذا اعتبرنا ان الالتفاف اللبناني الوسيلة الأولى لمقاومة الضغوط الدولية على المقاومة. وفي اسوأ الأحوال، فإن الحد الأدنى الذي حققه حشد الحزب، وما سبقه وما تبعه، هو اضطرار الأممالمتحدة وأميركا الى التسليم بأن مسألة"حزب الله"وتجريده من السلاح هي شأن لبناني. وهذا تراجع ليس ببسيط... حتى لو كان لدى الحزب شكوك في مواقف بعض الفرقاء اللبنانيين حيال القرار 1559. في موازاة النجاحات التي حققها الحشد الجماهيري للحزب ثمة اسئلة عما اذا كانت بعض المواقف التي اطلقها السيد نصرالله قد تؤدي الى إخفاقات تؤذي نجاحاته: - دعوته الى اخراج قضية استشهاد الرئيس الحريري من التجاذب: فهل المقصود من ذلك الحؤول دون ان يواصل فريق سياسي لبناني واسع وله وزنه، التعبير عن اعتقاده بأن إلغاء رفيق الحريري هو محاولة لإلغاء هذا الفريق ولوزنه مع حلفائه، وأنه مع خسارة بحجم الحريري وبوزنه فإن هذا الفريق يعتقد بأن تعويض خسارته لا يتم من دون اثمان سياسية مهما كان حجمها لا توازي حجم الخسارة؟ فالفريق الذي يبقي على قضية استشهاد الحريري حية، في تحركاته الشعبية والسياسية، يعتقد بأن ثمة من حقق باغتياله، انقلاباً مسبقاً، على تحولات سياسية جارية في البلاد بطريقة سلمية، وأن هذا الاغتيال هو الانقلاب الفعلي بالحديد والنار والدماء، على تحولات سياسية تجرى منذ اشهر في المجتمع السياسي اللبناني، وأن تحركات المعارضة ليست سوى احتجاج على هذا الانقلاب. وهل من المنطقي ان تتهم الحكومة المعارضين بالانقلاب، في وقت يبدون حاسمين بأنهم هم الذين تعرضوا لهذا الانقلاب عبر عملية الاغتيال وفي وقت قال السيد حسن نصرالله ان لا احد في لبنان يستطيع ان يفرض خياره على احد، لا بالكلمة ولا بالسلاح وفي وقت يرى المعارضون ان ثمة من سعى الى فرضه بالحديد والنار؟ - قال السيد نصرالله واثقاً انه"اذا كان البعض يتصور انه يسقط الدولة والأمن والاستقرار والخيارات الاستراتيجية للبنان... ببعض التظاهرات وبعض الشالات والهتافات ووسائل الإعلام فهو مشتبه ومخطئ". ويفترض المرء ان السيد نصرالله لا يقصد الهزء او الاستهزاء بشالات الجمهور المعارض ذات اللونين الأحمر والأبيض، فهو من صنف القادة والزعماء الذين يحترمون جمهورهم وتضحياته. لكن السؤال هو: اين الخط الفاصل بين الدولة صاحبة الخيارات الاستراتيجية والدولة الأمنية؟ وماذا اذا استخدم البعض الحشد الهائل في ساحة رياض الصلح من اجل حماية الثانية وتثبيتها، لا الأولى؟