اتهم مسؤول دولي كبير امس الحكومة السودانية بالفشل في كبح الميليشيا المتحالفة معها في اقليم دارفور المضطرب في غرب البلاد، وحذر المتمردين من الاستمرار في عرقلة محادثات السلام واستهداف قوافل الاغاثة، فيما يصل الى الخرطوم الثلثاء المقبل وفد من 70 قيادياً من"الحركة الشعبية لتحرير السودان"للمرة الاولى منذ توقيع اتفاق سلام في جنوب البلاد قبل شهرين. ووجه وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل، امس، انتقادات حادة ومفاجئة الى زعيم"الحركة الشعبية"جون قرنق، وقال انه يطرح نفسه"مخلصاً لحل أزمة دارفور على رغم انه صب الزيت على النار ودعم المتمردين". وقال اسماعيل للصحافيين في رد على اعلان قرنق استعداده للمساعدة في تسوية أزمة دارفور فور انضمامه الى الحكومة، ان"الحركة الشعبية دعمت التمرد وصبت الزيت على النار ولكنها تريد أن تلقي اللوم على الحكومة وتنسى انها وراء الأزمة". وأضاف:"قرنق يتحدث بتعال عن قضية دارفور كأنه لم يكن طرفاً فيها. نحن مستعدون للتعاون من أجل مصلحة السودان في الجنوب ودارفور ولكن ذلك يقتضي التواضع وترك التعالي". وأوضح اسماعيل ان حكومته لم ترفض اقتراح قرنق ارسال قوات من حركته والحكومة والاتحاد الافريقي لحفظ الأمن في دارفور، مشيراً الى أن قرنق طرح اقتراحه في مجلس الأمن ورفضه المتمردون ولم يعرض على الخرطوم حتى الآن. واجرى منسق الاممالمتحدة للمساعدات الانسانية يان ايغلاند محادثات منفصلة في الخرطوم امس مع النائب الاول للرئيس علي عثمان محمد طه ووزيري الخارجية مصطفى عثمان اسماعيل والشؤون الانسانية ابراهيم محمود حامد ركزت على الاوضاع الامنية والانسانية في دارفور وتنفيذ اتفاق السلام في جنوب البلاد. وقال حامد للصحافيين ان حكومته أبلغت ايغلاند رفضها ممارسات بعض المنظمات الانسانية العاملة في دارفور لتجاوزها النشاط الانساني والسعي الى لعب دور سياسي، موضحاً ان السلطات شرعت في اتخاذ اجراءات قانونية في مواجهتها. وافاد ان منظمات"اوكسفام"البريطانية و"المجلس النروجي للاجئين"و"اطباء بلا حدود"الفرع الهولندي و"الانقاذ الدولية"ظلت تتحدث عن ارتكاب جرائم واغتصاب في دارفور ونشر معلومات كاذبة من وراء ظهر الحكومة"لتحقيق اجندة سياسية"ما يؤدي الى تأجيج النزاع. واضاف حامد ان حكومته طلبت من المسؤول الدولي ممارسة ضغوط على متمردي دارفور وعدم منحهم اشارات خاطئة والسكوت عن استمرار انتهاكهم وقف النار وحملهم على العودة الى طاولة المفاوضات. واوضح ايغلاند انه التقى قادة سياسيين وعسكريين من المتمردين في منطقة مهاجرية في دارفور خلال زيارته الاقليم، ووجه اليهم رسالة قوية تحذرهم من فقدان تعاطف المجتمع الدولي ازاء الاستمرار في عرقلة المفاوضات واستهداف مراكز الشرطة وقوافل الاغاثة، وطالبهم بالعودة الى المحادثات مع الحكومة من اجل التوصل الى تسوية سريعة للأزمة واقرار اتفاق ينهي الاوضاع السائدة حالياً. وقال في مؤتمر صحافي عقد في مقر بعثة الاممالمتحدة في الخرطوم عصر امس انه ابلغ المسؤولين الحكوميين ان الحكومة لم تبذل جهداً كافياً لكبح جماح الميليشيا التي تروع الآمنين وطالبهم باحترام الهدنة والدخول الى محادثات السلام بجدية ومرونة من اجل التوصل الى اتفاق سريع. ورأى ايغلاند ان المجتمع الدولي فشل في رعاية مفاوضات سياسية بين اطراف النزاع لحملها على تسوية القضية وحل ازمة دارفور، ونشر قوات افريقية كبيرة في الاقليم لحفظ الامن ومراقبة وقف النار على رغم مرور ستة شهور من بداية العملية، مشيراً الى ان المنطقة في حاجة الى قوة تعدادها خمسة اضعاف القوة الحالية التي تبلغ 1900 جندي. وتابع المسؤول الدولي ان العالم نجح في احتواء الأزمة الانسانية في دارفور وفشل سياسياً في حل المشكلة والعكس في جنوب السودان. واعتبر المشكلة الرئيسية هي عدم وجود تعبئة دولية لدفع مساعي الحلول السياسية ودعم جهود الاتحاد الافريقي لنشر قوات مراقبة كافية. الى ذلك، اعلن وزير الاعلام السوداني عبدالباسط سبدرات ان وفداً من"الحركة الشعبية لتحرير السودان"سيصل الى الخرطوم في 15 الجاري برئاسة مسؤول العلاقات الخارجية نيال دينغ نيال ويتألف من 70 عضواً من بينهم سبعة يمثلون الحركة في لجنة صوغ الدستور الانتقالي. وقال سبدرات ان الوفد سيزور الخرطوم وولايتي جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق لمدة اسبوع لكن نيال سيبقى في العاصمة كضابط اتصال وتنسيق بين الجانبين من اجل تنفيذ اتفاق السلام. واضاف ان وفداً حكومياً سيتوجه الى نيروبي خلال ايام لتسريع تنفيذ اتفاق السلام مع"الحركة الشعبية". وفي نيويورك رويترز دعا الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان الى اجتماع طارئ مغلق لمجلس الأمن مساء أمس على مستوى السفراء لبحث الوضع المتدهور في دارفور وجنوب السودان حيث تنتظر قوة لحفظ السلام موافقة المجلس.