يواجه المصرف المركزي في مصر تحدياً دقيقاً في الشهور الثلاثة المقبلة مع بدء العد التنازلي لانتهاء المهلة الممنوحة للمصارف في السوق المحلية لاتخاذ الاجراءات الكفيلة بتمكينها من رفع رساميلها الى 500 مليون جنيه حداً أدنى طبقاً لما نص عليه قانون المصارف الصادر في تموز يوليو 2003. وعلى رغم انه لم يبق من هذه المهلة سوى ثلاثة شهور، فإن معظم المصارف التي يتعين عليها زيادة رساميلها لم تتحرك بجدية لتنفيذ الخطط التي سبق وتقدمت بها الى المصرف المركزي، ما يفرض عليه احد خيارين: إما تمديد المهلة ستة شهور جديدة، أو تنفيذ بنود المادة 79 من القانون التي تنظم معالجة المركزي لأوضاع المصارف التي تواجه مشكلات هيكلية في استمرارها داخل السوق? الا أن مصادر في المصرف المركزي استبعدت الخيار الثاني على المدى القصير. ورجحت ل"الحياة" الاتجاه الى تمديد المهلة للمصارف لتسوية اوضاعها، موضحة أن استخدام صلاحيات المادة 79 يصطدم بعائق مهم هو اضطرار المصرف المركزي في نهاية المطاف، في حال تعذرت كل اجراءات الاصلاح الهيكلي من زيادة رأس المال، الى الاندماج او الدمج. واعتبرت أن القرار الاخير سيكون اخضاع هذه الفئة للتصفية والخروج القسري من السوق. ورأى مصرفيون أن مبدأ تصفية المصارف العاجزة عن الاستجابة لقواعد السوق خيار مرفوض نظراً الى صعوبة تجاوب السوق مع هذا الاجراء في ضوء عدد المصارف الذي ينطبق عليه التوصيف السابق. وأشاروا الى أن عددها لا يقل عن نحو عشرة مصارف من بين 30 مصرفاً، ما زال يتعين عليها استكمال رفع حجم رساميلها الى الحد المقرر قانوناً. ولفتوا الى أن المصرف المركزي لا يرحب بهذا الاجراء نظراً الى الاثر السلبي الذي يتركه، في وقت تحتاج السوق الى حفز المستثمرين الاجانب والمؤسسات المالية العالمية على دخولها والمساهمة في تحمل التخلص من هذه الكيانات الصغيرة العاجزة عن مواجهة المنافسة. ورأى رئيس مجلس إدارة "البنك الوطني المصري" احمد قورة أن "خيار تصفية المصارف الصغيرة غير وارد لدى السلطات المصرفية"، مؤكداً أن اهتمامها "ينصب على ايجاد كيانات قوية قادرة على دمج الصغيرة او الاستحواذ عليها، لانها لا ترغب في تعريض السوق لهزات قد تؤثر في موقف الاستثمار الاجنبي من دخول السوق". لذا رجح أن "يعلن المصرف المركزي في الفترة المقبلة تمديد المهلة الممنوحة للمصارف لتوفيق اوضاعها". وأكد قورة "حاجة المصارف الى الاستفادة من الآليات المتاحة عبر المادة 79 لتحقيق زيادة رأس المال كما فعل مصرفه من طريق اللجوء الى الاكتتاب العام في بورصة أوراق المال لتوفير شريحة من الزيادة المطلوبة مع مراعاة تفادي اللجوء الى ذلك دفعة واحدة حتى تتوافر فرص النجاح". وأبدى الخبير المصرفي نبيل حشاد "مخاوف كبيرة من ضغوط حكومية تصب في اتجاه تقليص عدد الوحدات المصرفية في السوق الى اقل من 30 وحدة من أصل 54 وحدة قائمة الآن إضافة الى فروع المصارف الاجنبية، وفقاً لما سبق وأعلن عنه المسؤولون فيها، ما يدفع السلطات المصرفية الى اعطاء الضوء الاخضر لبعض عمليات الدمج أو الاستحواذ غير الناضجة التي قد تتسبب في هزات في السوق". ورأى حشاد ضرورة ان يبدأ المصرف المركزي وضع استراتيجية للتحرك لمرحلة ما بعد انقضاء المهلة، في حال قرر تمديدها، توفق بين الآلية التي حددت لمعالجة كل حال على حدة ضماناً لفرص نجاح اكبر لها خصوصاً في ظل عجز السلطات المصرفية عن تسوية حالات المصارف التي اعلنت منذ ستة شهور اخضاعها للدمج الاجباري وهي "المهندس" و"المصرف الاسلامي" و"المصري المتحد"و"التجاريون". ولم تنجح في تسوية حالاتها واكتفت بحالة "مصر اكستريور" التي تحملها "بنك مصر" الذي قام بدمج الاول في ايلول الماضي فقط.