قبل أسابيع قليلة كان الحديث عن المجموعة الرابعة ينصب على أي من الثلاثة الكبار، إيطاليا وإنكلترا وأوروغواي، سيتأهل للدور الثاني من «مجموعة الموت»، وكان المنتخب الكوستاريكي لا يذكر إلا لكونه سيحدد المتأهلين الاثنين بعدد الأهداف التي ستستقبلها شباكه في مبارياته ضد الثلاثة الكبار... وربما هذا هو المنطق الكروي، كون المنتخب المغمور سيواجه ثلاثة أبطال حملوا كأس العالم في السابق... لكن كرة القدم لا تعرف منطقاً، على رغم أن هذا ليس مصطلحاً دقيقاً، لأننا في الواقع لا نعرف معنى المنطق الكروي بمصطلحه الصحيح، لأن ما حققته كوستاريكا في أولى مباراتيها ليس سوى المنطق بعينه، وهو النمط السائد في هذه البطولة. عندما هزمت كوستاريكاإيطاليا بهدف وحيد، اعتبر كثيرون أنها حققت المفاجأة الثانية في هذه البطولة، وسارت بعكس التوقعات في «مجموعة الموت»، على رغم أن تأهلها للدور الثاني وللمرة الأولى منذ 1990، بل إن ضمان تصدرها «مجموعة الموت» هو بعينه إنجاز رائع، لكن إذا بحثنا ونظرنا أعمق سنجد أنه منطقي، بل ربما متوقع. إذا بحثنا في تاريخ نهائيات كأس العالم سنجد أنه كلما أقيمت النهائيات في بلد من القارة الأميركية الشمالية أو الجنوبية فإن اللقب لا يخرج عن منتخب فيها، والعكس صحيح، فإذا أقيمت المسابقة في أوروبا، عدا الاستثناء الوحيد عندما توجت البرازيل بطلة في السويد عام 1958، وتقاسم قطبا اللعبة من أميركا اللاتينية وأوروبا اللقبين، عندما أقيمت البطولة في آسيا (البرازيل بطلة 2002 في كوريا الجنوبية واليابان) وأفريقيا (إسبانيا بطلة 2010 في جنوب أفريقيا). إذا نظرنا إلى البطولة الحالية فسنجد نجاحاً مطلقاً لمنتخبات قارتي أميركا الشمالية والجنوبية حتى الآن، ففي المجموعة الأولى تهيمن البرازيل والمكسيك، وهما الأقرب إلى التأهل للدور الثاني أكثر من كرواتيا والكاميرون، أما في المجموعة الثانية فأبدعت تشيلي وأقصت بطلة العالم، بعدما توقع كثيرون تأهل هولندا وإسبانيا عن هذه المجموعة، وفي المجموعة الثالثة نجحت كولومبيا في التأهل تاركة البطاقة الثانية يتصارع عليها اليونان واليابان وساحل العاج، وفي الرابعة تأهلت كوستاريكا وربما ترافقها أوروغواي إذا نجحت في الفوز على إيطاليا، في حين ودعت إنكلترا. والأرجنتين تسيطر على المجموعة السادسة، في حين سارت الولايات المتحدة بخطى ثابتة، وربما تقصي البرتغال اليوم (الأحد)، فيما خلت المجموعة الثامنة من أي منتخب من الأميركيتين، وكان الاستثناء الوحيد في المجموعة الخامسة بإخفاق منتخبي الإكوادور وهندوراس، على رغم أن الفرصة ما زالت قائمة لكليهما لإقصاء سويسرا ومرافقة فرنسا إلى الدور الثاني. ربما يكون لعوامل الطقس والقرب الجغرافي وانحياز الجماهير البرازيلية إليها، دور في نجاح منتخبات الأمريكيتين، لكن ما سر إخفاق منتخبات بقية القارات، وخصوصاً الأوروبية الكبيرة، مع تأكد إقصاء حاملة اللقب إسبانيا والعريق إنكلترا وربما البرتغال؟