فجر قرار استقالة سبعة من أعضاء معهد رسمي لرعاية الثقافة الامازيغية في المغرب، نهاية الشهر الماضي، جدلا في أوساط المهتمين بالشأن الامازيغي، واعتبروه عودة الى نقطة البداية، وهي خيار تأسيس حزب سياسي واعتراف الدستور المغربي بالامازيغية. وقال الاعضاء السبعة من اعضاء المعهد ال32، في بيان استقالتهم، ان"الاعتراف الحقيقي بالامازيغية، لغة وثقافة وهوية وتاريخا، يستلزم اقراراً دستورياً برسمية اللغة الامازيغية وحماية قانونية لادماجها... وذلك بسن قوانين خاصة ملزمة للمجتمع". وجاء القرار بعد سلسلة من تحركات الجمعيات الامازيغية بدأت ثقافية بغرض احياء اللغة والثقافة الامازيغيتين، ثم بدأت تنحو الى مطالب سياسية على رأسها الاعتراف الدستوري بالامازيغية والحق في الاعلام والاتجاه الى تأسيس حزب أمازيغي سياسي. وفي العام 2000 وقعت اكثر من 20 جمعية أمازيغية على بيان شهير جاء فيه ان"اعتبار اللغة العربية هي اللغة الرسمية او الوطنية للمغاربة كلام مستفز وسخرية ظاهرة واستعلاء". ومنعت السلطات المغربية الامازيغ في بوزنيقة قرب الدار البيضاء العام 2001 من عقد مؤتمر لتدارس اوضاع الامازيغية. وأثارت أزمة"المعهد الملكي للثقافة الامازيغية"ردود فعل متباينة في اوساط الحركات والجمعيات الثقافية الامازيغية. ويرى المتتبعون ان استقالتهم تشكل مدخلاً للفت انتباه الجهات العليا للتعجيل بجعل الامازيغية لغة رسمية في الدستور المغربي الى جانب العربية. ولا يوجد حزب سياسي للامازيغ في المغرب ولا جمعيات ثقافية ذات صبغة سياسية. وتكثف نشاط الحركات الثقافية الامازيغية بصفة خاصة في التسعينيات من القرن الماضي. ويقول الباحث في الشأن الامازيغي عبدالاله المنصوري:"اذا كانت التسمية تحيل على حركة ذات مضمون ثقافي فإن ممارسة نشطائها يبقى ذات طبيعة سياسية بامتياز". واعتبر عبدالله حيتوس الكاتب العام لجمعية"تماينوت"الامازيغية غير الحكومية ان"لا حدود فاصلة بين الثقافي والسياسي. هناك تداخل بينهما. ومنذ تأسيس جمعيتنا في 1978 ونحن نطالب بالحق في اللغة والثقافة... والبرلمان اذا اقر حق تدريس اللغة الامازيغية فهذا قرار سياسي". وأقرت الحكومة في الموسم الدراسي الماضي تدريس اللغة الامازيغية في 317 مدرسة على سبيل التجريب في انتظار تعميمها على باقي المدارس المغربية. ويتركز الامازيغ في المغرب بصفة خاصة في شمال البلاد في منطقة الريف وفي وسط البلاد في جبال الاطلس وفي الجنوب في منطقة سوس. ولكل واحد منهم لهجته او كما يقول الامازيغ لغته الخاصة.. وساهم تنوع اللهجات او اللغات الامازيغية في اشكالية تدريس اللغة الامازيغية في المدارس المغربية في الموسم الدراسي الماضي الى جانب مشكلة الحرف، إذ احتدم الصراع في البداية على الحرف الذي يجب كتابة الامازيغية به، العربي أم اللاتيني أم"تيفيناغ"، أي الحرف الامازيغي ليحسم الأمر في النهاية لمصلحة هذا الاخير. ويسعى المعهد الملكي الى توحيد هذه اللغات الثلاث وجعلها لغة واحدة تدريجيا. ويقول حيتوس:"من حق أي مسؤول حكومي في هذا البلد ان يفشل تدريس الامازيغية ومن حقه ألا يرخص بانشاء قناة تلفزيونية امازيغية... من حقه ان يدمر الثقافة الامازيغية ما دام الدستور بجانبه ويخبره بان العربية هي اللغة الرسمية للبلاد". وتقول الاحصاءات ان 48 في المئة من سكان المغرب البالغ عددهم 30 مليون نسمة، امازيغ، ألا ان علماء الانثروبولوجيا يرون انه لا يمكن الجزم بعنصر امازيغي وعربي في المغرب. فالمغاربة خليط من الامازيغ والعرب والاندلسيين والافارقة. ويقول المحلل السياسي ياسين:"الامازيغ في المغرب على عكس نظرائهم في الجزائر لا يشكلون أقلية ولا غالبية انهم منصهرون مع العنصر العربي والاندلسي والافريقي منذ مئات السنين"، في اشارة الى ان أمازيغ الجزائر، أو البربر كما يطلق عليهم يتركزون في شمال البلاد في منطقة القبائل. ويضيف:"الاقتراح هو ان تبقى اللغة العربية رسمية والامازيغية لغة وطنية لانه اذا اصبحت رسمية سيقسم البلد الى قسمين". أما احمد ارحموش عن الشبكة الوطنية من اجل المواطنة التي توصف بان لها مواقف متطرفة في الحركة الامازيغية المغربية فيقول:"اصبح ايماننا راسخاً بأن الاعتراف بالامازيغية والديموقراطية شيئان متلازمان. واذا كنا نطالب بالامازيغية فذلك في اتجاه دعم الحريات والديموقراطية ... نريد ان نقطع منطق الاستبداد اللغوي في البلاد".