في تحدّ مباشر للبيت الأبيض وسياسة الرئيس الأميركي جورج بوش في ولايته الثانية، قدّم 59 ديبلوماسياً أميركياً سابقاً من الحزبين الجمهوري والديموقراطي أمس، رسالة خطية إلى مجلس الشيوخ تعترض على تعيين جون بولتون نائب مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون التسلح، ممثلاً لبلاده لدى الأممالمتحدة. وانتقد معدو الرسالة مزاعم بولتون"غير الصلبة"في شأن تطوير سورية وكوبا أسلحة بيولوجية، وطالبوا الكونغرس بالتصويت ضد تعيينه الأسبوع المقبل. وأشرف على صوغ الرسالة التي تصف بولتون 56 عاماً ب"الرجل غير المناسب لهذا المنصب"أسماء بارزة من إدارات الرؤساء جيرالد فورد وريتشارد نيكسون وجيمي كارتر ورونالد ريغان وجورج بوش الأب وبيل كلينتون، بينهم السفير السابق لدى فرنسا آرثر هارتمان، ونائب السفير لدى الأممالمتحدة سابقاً جايمس ليونارد. وانتقدت الرسالة التي وُجههت إلى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس ريتشارد لوغار، خط بولتون"المتشدد والمتهكم من الأممالمتحدة"و"إصراره على عدم جدوى المنظمة طالما أنها تعارض السياسة الأميركية". ويعتبر بولتون من المقربين من خط نائب الرئيس ديك تشيني وأحد مؤيدي سياسة أكثر بطشاً في التعامل مع الملف النووي الإيراني. كما يتميز بقربه من اللوبي اليهودي الأميركي. نيغروبونتي في الوقت نفسه، سلطت الأضواء على أول سفير أميركي في العراق الجديد، الديبلوماسي المحنك جون نيغروبونتي الذي يستعد الشهر المقبل للحصول على موافقة الكونغرس على تعيينه مديراً قومياً للاستخبارات الأميركية، ما يطرح سؤالاً عما إذا كانت خصاله التي ساعدته في مهماته الديبلوماسية، مناسبة لشغل منصب يتطلب منه أن يخبر رئيس الولاياتالمتحدة بما يريد الاستماع إليه. ويبدو أن التوتر سيعتري هذا الديبلوماسي الذي نجا من مساءلة مجلس الشيوخ في الثامن عشر من أيلول سبتمبر 2001، لمناقشة ساخنة في شأن تعيينه سفيراً لدى الأممالمتحدة، لتأتي"11 أيلول"وتنقذه من جلسة كانت ستتناول دوره المحتمل في الحرب الوسخة على النظام السانديني وتمويله بأرباح صفقات بيع سلاح سرية. واللافت في هذا الإطار زيارة دوان كلاريدج الصيف الماضي لنيغروبونتي في المجمع المحمي الذي كان يقيم فيه في بغداد، عندها فاجأ الأخير ضيفه بمناداته"السيد مارون"،. وهو الاسم الذي كان يعرف به كلاريدج عندما التقيا قبل عشرين عاماً، وكان يدير حينها الحرب السرية التي قادتها وكالة الاستخبارات المركزية حينها على الشيوعية في أميركا الوسطى عبر هندوراس، أول دولة عيّن فيها نيغروبونتي سفيراً. ويأتي هذا اللقب للتذكير بأن نيغروبونتي 65 عاماً الذي عرف على مدى أربعة عقود بالعمل الديبلوماسي، غالباً ما عمل في كواليس عالم الاستخبارات. وها هو يستعد اليوم بينما تقود بلاده حرباً من نوع آخر للانتقال إلى وسط العالم للتنسيق بين 15 وكالة استخبارات، بهدف تجنيب بلاده مفاجأة مماثلة ل"11 أيلول"، أو المعلومات الخاطئة كما كان الحال في شأن برامج تسلّح العراق. وتميزت مسيرة نيغروبونتي المهنية بمساندة مستمرة لسياسات الحكومة، سواء مساعدته في تسليح المتمردين في نيكاراغوا أو جمع التأييد للحرب على العراق خلال شغله منصب سفير بلاده لدى الأممالمتحدة. ونيغروبونتي بدأ عمله مستشاراً سياسياً عام 1964 في سايغون ثم سفيراً في هندوراس ثم سفيراً في المكسيك خلال الثورة الزاباتية.