تخلت جماعة"الإخوان المسلمين"والحكومة المصرية في آن عن ضبط نفس التزمتاه في الشهور الماضية، ودخلا في مواجهة. وذلك قبل ستة شهور على الاستحقاق الرئاسي وثمانية شهور على الانتخابات البرلمانية التي يتوقع أن يكون الطرفان اللاعبين الرئيسيين فيها. وحاول"الإخوان"امس ممارسة"عرض القوة"فاستبقتهم الحكومة بحملة اعتقالات طاولت 49 من رموزهم في محافظات مختلفة. وعندما انتصف النهار وقعت المواجهة فارتفع عدد المحتجزين من"الإخوان"إلى العشرات، على رأسهم عضو"مكتب الإرشاد"الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، وهو الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب. وكان"الإخوان"أعلنوا تنظيم"تظاهرة سلمية"، حددوا يوم أمس موعداً لها أمام مقر مجلس الشعب البرلمان لإعلان موقفهم من قضية الإصلاح السياسي. ومنذ الصباح فوجئ سكان القاهرة بآلاف الجنود من الأمن المركزي يحيطون وسط المدينة، ويغلقون كل الطرق المؤدية إلى مبنى البرلمان، ومنعت الشرطة حتى من السير في شارع قصر العيني المؤدي إلى شارع المكان. كما تعطلت حركة المرور تماماً في العاصمة، ووصل الارتباك إلى حدود العاصمة من كل الاتجاهات. وشوهدت باصات كبيرة على جانبي الطريق، قام رجال الشرطة بإنزال الركاب منها خشية أن يكونوا من"الإخوان"جاؤوا من محافظات بعيدة للمشاركة في التظاهرة. لكن مئات منهم استطاعوا التجمع في ساحة"بيت الأمة"، وهو الاسم الذي يطلق على ساحة منزل الزعيم المصري القديم سعد زغلول. وكان على رأس المتجمعين نائب المرشد العام للجماعة الدكتور محمد حبيب، ورئيس الكتلة البرلمانية ل"الإخوان"الدكتور محمد المرسي، والصحافي البارز محمد عبدالقدوس. ورفع هؤلاء لافتات تطالب بالحرية العامة وإنهاء حالة الطوارئ والسماح بإصدار الصحف وإجراء تعديلات دستورية تتضمن تحديد الولايات الرئاسية باثنتين والحد من صلاحيات الرئيس. وقال مرشد"الاخوان"محمد عاكف ل"الحياة"إن"قوات الأمن المصرية دهمت فجر أمس منازل نحو 49 من رموز وقادة الجماعة في محافظات: القاهرة والجيزة والدقهلية والغربية والمنوفية والقليوبية والبحيرة والفيوم، وعندما انتصف النهار تبين أن الحملة واسعة وشملت آخرين في محافظات أخرى". واستنكر عاكف الحملة التي رأى أنها هدفت إلى"الحد من حرية الإخوان في ممارسة العمل السياسي"، وأكد أن الجماعة ستشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة"مهما كانت تصرفات السلطة"، ومؤكداً حقها في العمل السياسي. ونفى أن تكون التظاهرة التي دعا إليها"هدفت إلى الإساءة إلى حالة الأمن أو تعطيل مصالح المواطنين"، ورأى أن سلوك الشرطة وآلاف الجنود الذين ملأوا الشوارع ومنعوا المرور فيها"تسببوا في ضرر بالغ باقتصاد البلاد ومصالح الشعب"، وأوضح أن"الجماعة أبلغت السلطات بنيتها تنظيم التظاهرة، ولم تتلق ردّاً... صممنا على تنظيم التظاهرة لأننا كنا أعضاء فيها كما أنها كانت مجرد مسيرة صامتة وتعبر عن أبسط حقوقنا التي ترفض الحكومة أن نمارسها"، لافتاً إلى"قوى معارضة أخرى تمكنت من تنظيم تظاهرات في المكان نفسه، بينها الشيوعيون وحركة كفاية التي ترفع شعارات تؤكد رفضها التمديد للرئيس حسني مبارك مهما كانت الظروف". وحاول"الإخوان"التحايل على الظروف الأمنية فوزّعوا أنفسهم على أكثر من مكان. فإلى التجمع في"ضريح سعد"، تجمهر عدد منهم في ميدان رمسيس وسط العاصمة أمام مسجد الفتح، وتجمع آخرون أمام مقر الحزب الوطني على كورنيش النيل. وأكد نائب المرشد أن"الإخوان حريصون على البلاد ونظامها ومازالوا. وكانوا يودون اعلان بعض مطالبهم التي تتمثل في توضيح رؤيتهم للاصلاح السياسي والدستوري كأحدى القوى السياسية على الساحة، وإظهار رؤيتهم أمام الرأي العام في مصر وأمام النظام ولكن بهذا الحصار الذي تم ومنعهم من أن يُبدوا كأحدى القوى السياسية على الساحة تصرف مرفوض بشدة". وقالت مصادر في الجماعة إن الدكتور عبدالمنعم ابو الفتوح حاول المشاركة في التظاهرة بعدما خرج من اجتماع في الجامعة العربية حضره بصفته الأمين العام لاتحاد الاطباء العرب، لكن رجال الشرطة اعترضوه ثم امسكوا به، وزجّوا به مع آخرين في سيارة شرطة إلى أحد مقار الشرطة.