تستعد ميادين مصر لاستقبال حشود جديدة يومي الجمعة والسبت المقبلين وسط استمرار الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في ميدان سيمون بوليفار القريب من ميدان التحرير ومسجد عمر مكرم والمواجه للسفارة الأميركية. وفي وقت يستعد معارضو الرئيس للحشد الجمعة المقبل في ميدان التحرير، أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» التظاهر السبت في ميدان التحرير، وسط ارتفاع سقف مطالب الطرفين، إذ سترفع قوى معارضة عدة شعار «إسقاط النظام» يوم الجمعة، فيما سيتظاهر الإسلاميون ليس لتأييد الإعلان الدستوري الموقت فقط، بل أيضاً لدعم مسودة دستور دائم ستصوت عليها الجمعية التأسيسية اليوم رغم انسحاب قوى المعارضة منها والمطالبة بحلها. وقال الناطق باسم جماعة «الإخوان» محمود غزلان ل «الحياة»: «سنتظاهر السبت في القاهرة فقط... وسينتهي الدستور خلال يوم أو يومين على الأكثر»، مشيراً إلى أن الجماعة «فضلت عدم التظاهر الجمعة تجنباً لأي احتكاكات» مع المعارضة. كما أعلن حزب «النور» السلفي وقوى سلفية أخرى مشاركتها في التظاهرات وكذلك «الجماعة الإسلامية». في المقابل، تحشد قوى المعارضة لمليونية جديدة غداً في ميدان التحرير الذي زادت أعداد المعتصمين فيه، وامتلأت حديقته الوسطى بخيامهم. وعاود المعتصمون غلق الميدان بعدما كانوا فتحوه نسبياً أمام حركة المرور صباح أمس. وتظاهر أمس مئات في الميدان صباحاً وآلاف ليلاً ضد الإعلان الدستوري المكمل، وسط هتافات ضد الرئيس محمد مرسي ومرشد «الإخوان» محمد بديع. ودعا رئيس حزب «الدستور» المنسق العام ل «جبهة الإنقاذ الوطني» محمد البرادعي الشعب إلى «الثبات في كل ميادين مصر من أجل الحرية والكرامة»، فيما أعلن «التيار الشعبي» الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي عن تنظيم مليونية «حلم الشهيد» غداً، محذراً الرئاسة من «مغبة استمرار تجاهل المطالبة بالإسقاط الفوري للإعلان الدستوري، ومحاولات التحايل بطرح أفكار من نوع الاستفتاء على الإعلان الدستوري، أو المزيد من تصعيد حدة الخلاف بما يثار حول سرعة الانتهاء من عملية سلق الدستور وطرحه للاستفتاء». وطالب مجدداً في بيان بسحب الإعلان الدستوري وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية في شكل متوازن، موضحاً أنه سيبحث في «كل سبل التصعيد السلمي إذا لم تتم الاستجابة لمطالب الشعب المشروعة». وقال الناطق باسم «حركة 6 أبريل» محمود عفيفي ل «الحياة»: «سنشارك في مليونية الجمعة تحت سقف المطالبة بسحب الإعلان الدستوري من دون المطالبة بإسقاط النظام». أما عضو المكتب السياسي ل «حركة 6 إبريل - الجبهة الديموقراطية» شريف الروبي فقال إن مليونية الغد «ستطالب بإسقاط النظام»، مشيراً إلى أن «المطالب في الشارع تتصاعد ولم تعد قاصرة على إلغاء الإعلان الدستورى، وإنما رحيل النظام عن الحكم». وأضاف في مؤتمر صحافي أمس إنه فى حال عدم الاستجابة للمطالب «سيخرج الشباب في مسيرات زحف على قصر الاتحادية ومقار جماعة الإخوان المسلمين خلال مليونية الغد». وقالت «الجبهة الحرة للتغيير السلمي» في بيان إن مليونية الغد سترفع شعار «التراجع أو الرحيل». وخاطبت الرئيس قائلة: «انقذ مصر من فتنة التقسيم، ومن شبح الحرب الأهلية، فقد خرج الأمر من يد الجميع». وأعلن حزب «مصر القوية» الذي يقوده الإسلامي المعتدل عبدالمنعم ابو الفتوح أمس اعتزامه تنظيم مسيرة اليوم إلى قصر الاتحادية الرئاسي لرفض الإعلان الدستوري. ميدانياً، استمرت الاشتباكات في ميدان سيمون بوليفار بين الشرطة وشباب وصبية غاضبين، وكالعادة زادت حدتها مع غروب الشمس. وطافت آليات للشرطة منطقة الاشتباكات ملقية سيلاً من قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين وسط حال من الكر والفر في المنطقة، فيما أُقيم جدار من السلك الشائك فوق سور السفارة الأميركية القريبة من موقع الاشتباكات، تحسباً لأي محاولات لاقتحامها. وتكرر دوي صافرات مدرعات الشرطة في المنطقة تحذيراً للمتظاهرين من إطلاق قنابل الغاز المسيل، فيما أصيب العشرات من المتظاهرين بحالات اختناق وكسور، وأمطروا قوات الشرطة بوابل من الحجارة. وتحولت منطقة الاشتباكات إلى ما يشبه ساحة حرب من آثار الحجارة وقنابل الغاز، خصوصاً مع قطع الكهرباء عنها مساء. وشب حريقان في بنايتين قريبتين من موقع الاشتباكات وحاول متظاهرون منع سيارات الإطفاء من دخول المنطقة للسيطرة على الحريقين، لكن قوات الأمن المركزي أمطرتهم بوابل من قنابل الغاز لمنح سيارات الإطفاء فرصة للسيطرة على الحريق. واعتقلت قوات الشرطة 18 شخصاً في ميدان سيمون بوليفار صباح أمس، وفق بيان لوزارة الداخلية التي سعت إلى الدفاع عن ضباطها بأن أكدت أن «الأجهزة الأمنية تحملت وتتحمل أعباء كثيرة وتبذل جهوداً مضنية على مدار الساعة»، مشيرة إلى أن «ما أثير في شأن انسحاب القوات من مهامها في بعض المناطق أمر مناف للحقيقة ويبخس ما تبذله من جهد وما تقدمه من تضحيات». وأضافت أنها «احبطت العديد من محاولات استغلال التظاهرات في تكدير أمن الشارع المصري»، مشددة على أنها «تدعم حق التعبير السلمي عن الرأي ولن تتعرض للتظاهرات السلمية، وأنه لا نية لديها لاقتحام ميدان التحرير». وشيع آلاف أمس من ميدان التحرير جثمان عضو حزب «التحالف الشعبي» فتحي غريب الذي سقط قتيلاً في ميدان التحرير خلال فعاليات مليونية «للثورة شعب يحميها» أول من أمس، وسط هتافات منددة بالإعلان الدستوري والرئيس مرسي. وفي المحافظات، بدت الأوضاع أكثر التهاباً، إذ اندلعت اشتباكات عنيفة بين أنصار مرسي ومعارضيه في أكثر من محافظة، كان أكثرها حدة في مدينة دمنهور في محافظة البحيرة وكذلك في الدقهليةوالغربية وفي محافظة بورسعيد حيث تحدث شهود عيان عن استخدام أسلحة نارية بين الطرفين. وحاول معارضو الإعلان الدستوري اقتحام مقر «الإخوان» في الاسكندرية لكن أنصار الجماعة تصدوا لهم بعد أن أسقطوا لافتة الجماعة من على واجهة المقر. ونظمت الجماعة مساء أمس مسيرات في أحياء عدة في الاسكندرية. وفي دمنهور، أصيب مدير إدارة البحث الجنائي في مديرية أمن البحيرة اللواء محمد الخليصي أثناء احباط محاولة عدد من المتظاهرين الرافضين للاعلان الدستوري اقتحام مقر جماعة «الإخوان» في المدينة. وأطلقت قوات الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، وأصيب عشرات. وفي مدينة المحلة الكبرى في محافظة الغربية (في دلتا النيل)، وقعت اشتباكات هي الأعنف سقط فيها أكثر من 100 مصاب، وقطع متظاهرون خط السكك الحديد في المدينة. وفي المنصورة سقط أكثر من 50 مصاباً في اشتباكات مماثلة.