صعدت الحكومة السودانية لهجتها تجاه الضغوط، واكد الرئيس عمر البشير قدرة الجيش على حسم المتمردين في دارفور عسكرياً خلال عشرة ايام لكنه يفضل الحل السياسي. وهدد نائبه الاول علي عثمان محمد طه ب"قطع اليد التي تمتد الى السودان بالشر"، فيما اتهم مسؤول بريطاني الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"بالتخوف من البدء في تنفيذ اتفاق السلام في جنوب البلاد". وقال البشير في لقاء جماهيري في مروي في شمال البلاد:"على رغم كل الاجراءات والعقوبات التي صدرت ضدنا في وقت سابق فإننا في احسن حالاتنا وعلى رغم الكيد استطعنا تجاوز كل المشاكل ونحن اكثر اطمئناناً وقوة". واضاف ان حكومته لن تخيفها العقوبات التي يلوح بها في وجهها"لانها تمرست على هذا النوع من التآمر وفرضت عليها عقوبات في ظروف اسوأ ولكنها خرجت اكثر صلابة". ودعا البشير متمردي دارفور الى استجابة صوت العقل بعد تشريد اهلهم وتحويلهم الى نازحين ولاجئين في دول الجوار، موضحاً ان حكومته تفضل حل القضية سياسياً على رغم قدرتها على حسمها عسكرياً خلال عشرة ايام لو أرادت. وأقسم البشير بالله انه لا توجد فتاة اغتصبت في دارفور، متهماً منظمات الاغاثة بالاستثمار في الاقليم. وقال انها توظف لنفسها 9 من كل 10 دولارات تنفقها في نشاطها الانساني. وفي السياق ذاته اكد النائب الاول للرئيس علي عثمان محمد طه ان بلاده لن ينالها شر وان"اليد التي تمتد اليها بالسوء ستقطع من حدها". وقال امام حشد جماهيري في منطقة العيدج في ولاية الجزيرة المجاورة للخرطوم ان وحدة البلاد وسيادتها غير قابلة للمساومة. ودعا الى التمسك بالوحدة. الى ذلك اتهم المبعوث البريطاني الى السلام في السودان اليستر ماكفيلد الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية"بالتخوف من البدء في تنفيذ اتفاق السلام في جنوب البلاد الذي وقعاه في 9 كانون الثاني يناير الماضي، وقال في مؤتمر صحافي في الخرطوم امس ان الطرفين لم يبذلا جهداً كافياً لتنفيذ الاتفاق موضحاً ان وقف القتال لن يحقق سلاماً. وذكر انه اجرى محادثات مع النائب الاول للرئيس علي عثمان طه وزعيم"الحركة الشعبية"جون قرنق ركزت على ضرورة تسريع تنفيذ اتفاق السلام. ورأى ان كثيراً من الجهد ينتظرهما للوفاء بتعهداتهم تجاه المرحلة قبل الانتقالية المحددة بستة اشهر قبل الدخول في الفترة الانتقالية 6 سنوات. وشدد على ضرورة مشاركة كل القوى السياسية في تنفيذ الاتفاق لأن طرفيه وحدهما لن يتمكنا من ذلك. وفي شأن مساعي لندن لحل ازمتي دارفور وشرق البلاد، اكد ماكفيلد دعم بلاده لمساعي الاتحاد الافريقي للسيطرة على الاوضاع في دارفور واستئناف محادثات ابوجا، موضحاً ان بريطانيا ترفض الشروط المسبقة، مشيراً الى انه نقل رسالة الى قادة متمردي دارفور والشرق الذين التقاهم في اسمرا اخيراً"ان الوقت ليس وقت قتال وان الحقوق لا تؤخذ بقوة السلاح وان وضع شروط مسبقة غير مقبول اطلاقاً"وطالبها بالجلوس الى طاولة المفاوضات فوراً ومن دون شروط على اساس اتفاق السلام في جنوب البلاد. وعلى صعيد متصل افاد وزير الدولة للخارجية نجيب الخير عبدالوهاب ان حكومته ستطلب من مفوض الامن والسلم في الاتحاد الافريقي سعيد جينت الذي يزور الخرطوم غداً ضمن وفد من وزراء خارجية دول الاتحاد، تحديد موقف المتمردين في دارفور تجاه حل الازمة ومعاودة محادثات السلام. وقال عبدالوهاب للصحافيين امس ان لجنة وزراء خارجية دول الاتحاد الافريقي الذي ترأسه جنوب افريقيا ويضم وزراء ومسؤولين من اثيوبيا وكينيا والجزائر ومصر والسنغال والغابون ونيجيريا سيحدد احتياجات البلاد للاعمار والتنمية خلال المرحلة الانتقالية وسيزور دارفور وجنوب البلاد وشرقها ويجري محادثات مع الرئيس عمر البشير ونائبه الاول. من جهة اخرى اعلنت"الحركة الشعبية"انها ستبعث الاحد المقبل وفداً من مئة من قادتها وكوادرها الى الخرطوم ومدن في جنوب البلاد وشرقها لاجراء محادثات مع المسؤولين في الحكومة والقوى السياسية لتعزيز السلام وتنفيذه، وذكرت ان الوفد سيعود الى الجنوب بعد اسبوع بينما سيبقى مسؤول العلاقات الخارجية نيال دينغ في الخرطوم كضابط اتصال بين"الحركة"والحكومة. وفي القاهرة أ ف ب دعا رئيس"حركة تحرير السودان"المتمردة في دارفور، أمس، القادة المشاركين في القمة العربية في الجزائر الى تفادي تأييد موقف نظام الخرطوم. وقال عبدالواحد محمد احمد النور في اتصال هاتفي مع وكالة"فرانس برس":"أناشد القمة العربية ان تتبنى قرارات في مصلحة الشعب في دارفور والشعب السوداني عموماً وليس لمصلحة حكومة الخرطوم". وأضاف:"أدعو القادة العرب الى الامتناع عن تشجيع حكومة الخرطوم على ارتكاب مزيد من الجرائم". كما دعاهم الى"دعم طلب الحركة احالة المسؤولين عن جرائم الحرب في دارفور امام المحكمة الجنائية الدولية". وتؤيد غالبية اعضاء مجلس الأمن احالة هؤلاء الى هذه المحكمة، في حين ان واشنطن التي تعارض هذه المحكمة، تقترح محكمة خاصة يكون مقرها في اروشا تانزانيا .