منذ زوال نظام الحصص على الواردات النسيجية من الدول النامية، في كانون الثاني يناير الماضي، دخلت مصانع النسيج الأوروبية عموماً والفرنسية خصوصاً رغماً عنها في منافسة مستحيلة مع المنتوجات الصينية نظراً الى تدني أسعارها، مما بات يهدد قدرة هذه المصانع على البقاء. وأفادت الأرقام الأولية المتوافرة ان "الواردات النسيجية الصينية سجلت ارتفاعاً نسبته 46.5 في المئة في كانون الثاني الماضي، مقارنة بكانون الثاني 2004". وتجاوز التهديد الذي تمثله هذه المنتوجات نطاق أوروبا، مطاولاً دول حوض المتوسط، بعدما تبيّن ان واردات فرنسا من النسيج التونسي تراجعت بنسبة 12.3 في المئة فيما سجلت واردات النسيج في المغرب تراجعاً نسبته 22 في المئة. وأثار هذا الواقع المستجد نوعاً من الهلع في قطاع النسيج الفرنسي، اذ بدأت مصانع عدة تلوح باحتمال اضطرارها الى وقف انتاجها واغلاق ابوابها ما لم تقدم السلطات الفرنسية وبالتالي الأوروبية على معالجة الموضوع. وبالفعل، باستثناء المصانع المتخصصة بأنواع النسيج الذي يتمتع بجودة ودقة معينة في التصنيع، فإن عشرات المصانع الأخرى المنتشرة في المناطق الفرنسية، ربما لن تكون قادرة على الاستمرار في نشاطها في ضوء التراجع الملحوظ في الاقبال على منتوجاتها. ومن هذا المنطلق، طالبت المنظمات المهنية في قطاع النسيج الفرنسي رسمياً من الاتحاد الأوروبي اتخاذ اجراءات حمائية لوقف اجتياح الألبسة الصينية الصنع في أسواق فرنسا. لكن هذا المطلب اصطدم بالاجراءات المتبعة من منظمة التجارة العالمية، والتي تستدعي من الطرف الذي يلجأ الى اجراءات حمائية ان يبرهن ان صادرات الدولة المستهدفة بهذه الاجراءات تؤدي الى أذى فعلي على صعيد القطاع المطلوب حمايته. وبما ان نظام الحصص ألغي قبل أقل من ثلاثة أشهر، فإن الأرقام والاحصاءات التي من شأنها أن تشير الى مدى تضرر قطاع النسيج الأوروبي من المنافسة الصينية لم تكتمل بعد. واعتبر المسؤولون الأوروبيون ان الأصوات والانذارات التي تنطلق من صفوف المعنيين في قطاع النسيج الأوروبي مبكرة بعض الشيء. وقال المفوض المسؤول عن التجارة لدى الاتحاد الأوروبي بيتر ماندلسون في رسالة الى وزير التجارة الخارجية الفرنسي فرنسوا لوس، الذي كان أبدى تخوفه من غزو النسيج الصيني لأسواق بلاده، ان من السابق لأوانه استخلاص النتائج قبل الحصول على أرقام موثوق فيها تظهر مدى تأثير إلغاء الحصص على صعيد المنتوجات الأوروبية. وفي الوقت نفسه يخشى المسؤولون الأوروبيون ان يؤدي فرض اجراءات حيال النسيج الصيني الى استياء بكين التي تحضها أوروبا على تحرير قطاع الخدمات لديها، وتحديداً قطاعي الهاتف والمصارف، م/ا يفسح في المجال أمام توزيع رخص لتشغيل الهاتف النقال ويتيح للمصارف الأوروبية العمل في الصين.