ان التطبيع يخدم مصلحة اسرائيل الاقتصادية، والتوطين يحل عقد اللاجئين النفسية والاقتصادية. فمن يقول"لا للتوطين"لا يقدم برنامجاً بديلاً لتخفيف المعاناة عن أبناء المخيمات. ولا نزال ابناء المخيمات يحدوهم أمل العودة منذ العام 1948. ولكن اصبح لا امل لهم بالعودة قريباً بعدما انفرط عقد جامعة الدول العربية الذي كانت تزين به صدرها. هذا العقد كان يحتوي ثلاث حبات من اللؤلؤ عرفت ب"اللاءات الثلاث":"لا صلح، ولا تفاوض، ولا اعتراف". وهو ما يعرف بنتائج مؤتمر الخرطوم. اما نتائج مؤتمر الجزائر، من المتوقع ان تكون نتائجه"نعم"ثلاث مرات:"نعم للصلح، ونعم للتفاوض، ونعم للاعتراف"، ليتناسب مع زمن الهرولة الجديد. اما على الصعيد الفلسطيني فستبقى"اللاءات الثلاث"من اهم نتائجه:"لا للتوطين، لا للدعم، لا للمقاومة"وتعليل اللاءات الثلاث ان التوطين يحل ازمات ابناء المخيمات، وكل من يدعم فلسطين هو في محل تهمة دعم الارهاب، وخيار السلام هو وقف المقاومة. فاسرائيل وأميركا وكل العالم الغربي والمنطق المقلوب يقول المقاومة والسلام لا يجتمعان. ... ان مشروع الدولة الفلسطينية بحد ذاته لا يتناقض مع مشروع"الشرق الاوسط الجديد"، اذا تم على قاعدة"اندماج"دولة اسرائيل في المحيط العربي، لا على قاعدة الانسحاب الاسرائيلي من الضفة والقطاع من دون قيد او شرط. وهو المطلب الاساسي للانتفاضة الثانية. لا بل ان الدولة الفلسطينية، ضمن سياق مشروع"الشرق الاوسط الجديد"، تصبح المدخل الطبيعي للتغلغل الاسرائيلي في المنطقة العربية. وأما ما يتعلق باستراتيجيات تعزيز الديموقراطية في الدول العربية فهو من منطلق استراتيجيات صهيونية لتعزيز حكم الغالبية. وسياسة اسرائيل في الحرب والسلام يجب ان تتوجه نحو التخلص من الفلسطينيين عبر الاردن، ونقل الحكم للغالبية الفلسطينية هناك. وتغيير النظام شرق النهر يحل مشكلة المناطق، المكتظة بالسكان غرب النهر، فيكون الاردن لهم، والمناطق غرب النهر لليهود. والحقيقة ان مجرد الاعتراف بحق الدولة اليهودية بالوجود يترك مشكلة اللاجئين من دون حل. وهناك شبه اجماع صهيوني على هذا الموقف، والغريب هو الاجماع العربي على عدم التوطين باللاءات الثلاث:"لا للتوطين، لا للدعم، لا للمقاومة". ومن الخيارات المطروحة لحل مشكلة اللاجئين مشروع التوطين. لكن التوطين بالنسبة الى بلد مثل الاردن يفتح الباب لتسلل مشروع الوطن البديل، ويفجر النزعات الاقليمية، ويهدد أمن واستقرار البلاد والنظام، على حد سواء. ويصر لبنان على رفض التوطين لاعتبارات مماثلة، على رغم كونها اقل وطأة في الاردن منها في لبنان، بسبب ارتفاع نسبة الفلسطينيين في الاردن من السكان على أضعاف مثيلها في لبنان. لندن - مصطفى الغريب [email protected]