استعار الشارع السياسي الأردني أمس مشاهد وتعبيرات من المعارضة اللبنانية في اعتصام حاشد دعت إليه الأحزاب والنقابات المهنية أمام البرلمان، احتجاجاً على مشروع قانون النقابات الذي فتح ملف الحريات العامة في الأردن، وأدى إلى تعميق الأزمة بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني. وحرص آلاف النقابيين والحزبيين في بداية الاعتصام على حمل الأعلام الأردنية التي أضفت الألوان الحمراء والخضراء على رصيف شارع حيوي في وسط عمان اكتظّ رصيفه الآخر بالمئات من قوات مكافحة الشغب، فيما وجد أعضاء المجلس النيابي صعوبة في اختراق الحشود للوصول إلى مقر البرلمان لحضور جلسة مناقشة مشروع القانون الذي أحالته الحكومة على المجلس بصفة الاستعجال. وارتدى المشاركون من الأحزاب اليسارية والقومية، ومعظمهم من الشباب ألوانا متشابهة تناغمت مع ألوان العلم الأردني، وهتفوا ضد"القانون العرفي"ونددوا ب"التراجع عن الديموقراطية". ولم يرفع الإسلاميون رايات جماعة"الإخوان المسلمين"وذراعها السياسية"جبهة العمل الإسلامي"مفضلين رفع العلم الوطني، تعبيراً عن"حجم التهديدات التي تتعرض لها الحياة السياسية"في البلاد، بسبب"التضييق على الحريات العامة وانتهاك حقوق الإنسان". وتوقف قليلون من أعضاء المجلس النيابي ال110 في الاعتصام، للاعراب عن تضامنهم مع مؤسسات المجتمع المدني، فيما كان متوقعاً أن يمرر القانون في المجلس بفضل الغالبية النيابية الموالية للحكومة. وقال النائب المستقل محمود الخرابشة ل"الحياة"أن"مشروع القانون مفصل أساسي في المشهد الداخلي، ويعني رفضه برلمانياً الانحياز للأردن ومصالحه، لأنه يضر بالعمل العام ويسيء إلى الحريات". وشارك نقابيو المحافظات على نحو لافت في الاعتصام، وحرصوا على الهتاف بأسماء مدنهم ضد مشروع القانون الذي يقوم على نظام"الصوت الواحد للناخب الواحد"ويُلغي حقّ الهيئات العمومية للنقابات في انتخاب النقباء والمجالس، وبدلا من ذلك تصبح العملية الانتخابية في يد هيئة وسيطة تُعين النقباء ونوابهم، كما أنه يفرض رقابة حكومية للمرة الاولى في تاريخ الأردن على أموال النقابات. وركز المعتصمون على مطالبة مجلس النواب بردّ القانون، وإلزام الحكومة فتح حوار مع النقابات من أجل صيغة جديدة للقانون، تقوم على التمثيل النسبي في الانتخابات للقوى السياسية والمهنية في النقابات، بدلا من"الصوت الواحد". واتهمت النقابات الحكومة ب"الهجوم على الحريات العامة وقوننة ممارساتها العرفية والإصرار على تكميم الأفواه"، مؤكدة في بيان أن"المناخ الذي تفرضه الحكومة لن يؤدي إلا إلى الاحتقان السياسي والشعبي، بعدما عجزت عن تسويق سياستها العرفية وادعاءاتها بالعمل من أجل توسيع المشاركة الشعبية وبناء مجتمع ديموقراطي". كما نددت"جبهة العمل الإسلامي"بما وصفته ب"التجاوز الحكومي على الدستور والقانون، مع استمرار تفشي الفساد واستشراء آلياته وأساليبه". وتدافع الحكومة عن"الصوت الواحد"قائلة أنه سيؤدي الى"تغليب المعايير المهنية وكسر الاصطفافات السياسية داخل النقابات، من خلال وجود هيئات وسطية للنقابات تنتخب النقباء، مع مراعاة التخصص والتمثيل الجغرافي".