اعلنت الحركتان المتمردتان في دارفور مقاطعة مفاوضات السلام مع الحكومة السودانية قبل تقديم الرئيس عمر البشير ونائبه علي عثمان محمد طه ومسؤولين آخرين على المحكمة الجنائية الدولية لاهاي، في إشارة الى تقرير لجنة تابعة للأمم المتحدة أوصت بمحاكمة 51 شخصاً بينهم مسؤولون سودانيون بتهمة التورط في جرائم في دارفور. وتبنت الحركتان موقفاً جديداً يتمسك ب"العدل قبل السلام"، واقترحتا ان تتولى اريتريا المساعدة في ملف السلام في السودان، وتوحيد منابر التفاوض لشرق السودان وغربه في منبر واحد برعاية الاممالمتحدة. ودعتا السودانيين في العالم الى التظاهر والاحتجاج لدى المنظمة الدولية لملاحقة المتورطين في قضايا جرائم الحرب في الاقليم المضطرب. وتصاعدت حدة الأزمة السودانية في اقليم دارفور الذي يشهد اضطرابات منذ عامين، ودخلت نفقاً سياسياً جديداً باعلان حركتي"تحرير السودان"و"العدل والمساواة"، في مؤتمر صحافي مشترك عقدتاه في العاصمة الاريترية اسمرا، مقاطعتهما المفاوضات مع الحكومة في أبوجا قبل تقديم 51 متهماً بينهم مسؤولون سودانيون نافذون الى المحكمة الدولية بتهم التورط في جرائم حرب وانتهاك القانون الدولي وحقوق الانسان في دارفور. وقال الأمين العام ل"حركة تحرير السودان"منى اركو مناوي ان الحركتين قررتا تغيير اولوياتهما ازاء قضية دارفور و"نريد ان يسبق العدل السلام بحيث تبدأ اجراءات تحقيق العدالة قبل استئناف المفاوضات". وقال ان المتمردين ابلغوا موقفهم الى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة. واعتبر"عملية التفاوض في ظل عدم تقديم المجرمين الى المحاكمة بعد معرفتهم يعد تحدياً حقيقياً للعدالة واستفزازاً للضحايا. السلام يصبح امراً ضرورياً مع اصحاب الايادي النظيفة وليس مع المجرمين". واكد رئيس"العدل والمساواة"الدكتور خليل ابراهيم"ان الرئيس البشير ونائبه علي عثمان طه ومسؤول الأمن اللواء صلاح عبدالله ووزير الحكم الاتحادي الدكتور نافع علي نافع يجب ان يدفعوا ثمن ما ارتكبوه. إننا لن نذهب مرة اخرى الى التفاوض معهم". لكن المتمردين اكدوا التزامهم بالسلام والاتفاقات الموقعة في نجامينا وأبوجا"على رغم عدم اصدار التزام الخرطوم بها". واشاروا الى"استمرار المعارك على رغم اتفاق وقف النار". وشن المتمردون هجوماً عنيفاً على رئيس الاتحاد الافريقي الرئيس النيجيري أولوسيون اوباسانجو ووصفوا مواقفه الأخيرة بأنها"غير اخلاقية"بسبب مطالبته بعدم محاكمة المتهمين بجرائم دارفور في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وشددوا على انه"من غير المقبول اخلاقاً وقانوناً ان تتواطأ دول ذات سيادة بل ومؤسسات اقليمية في عدم تقديم المجرمين الى المحاكمات". وفيما اقر المتمردون"بالتحسن على المستوى الانساني في دارفور على رغم الحاجة الى المزيد من الجهود الدولية"، فإنهم انتقدوا"القمم المصغرة التي تدعو اليها بعض الدول لأنها مربكة ولا تسير في اتجاه الحل الصحيح"، في اشارة الى قمتي طرابلس ونجامينا العام الماضي وقمة القاهرة التي دعت اليها الحكومة المصرية لمناقشة الاوضاع في دارفور. وعن المطالبة بسحب ملف دارفور من الاتحاد الافريقي، أكد المتمردون أنهم ماضون في هذا الاتجاه، ودعوا الى"أن تتولى الأممالمتحدة رعاية أي مفاوضات مقبلة مع الخرطوم، مع دخول اريتريا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي"على هذا الخط. وقال مناوي، في هذا الإطار،"إن اريتريا هي أكثر دولة معرفة بالشأن السوداني، ولن تتم أي معالجة من دونها، على أن تكون المعالجة شاملة وعادلة". وأضاف:"لا نريد نيافاشا جديدة تجزئ الحلول مثلما حصل في الاتفاق بين الخرطوم والحركة الشعبية بزعامة جون قرنق في نيروبي بداية العام الجاري". فيما اقترح ابراهيم"أن تلعب اريتريا دور الشريك بالتنسيق مع الأممالمتحدة وتولي مسؤولية لجنة آلية مراقبة وقف النار، على أن تكون المفاوضات في العاصمة أسمرا". ودعا رئيس"حركة تحرير السودان"عبدالواحد نور الى"منبر واحد لحل قضايا دارفور والشرق وأقصى الشمال"، مع التشديد على الدور الاريتري في أي منبر لحل الأزمة الشاملة"في إطار واحد". وناشد المتمردون"السودانيين في الداخل وفي دول المهجر تنظيم تظاهرات احتجاج وتقديم مذكرات الى الأممالمتحدة للضغط على الحكومة والتظاهر في الخرطوم لمحاصرة الحكومة واسقاطها لتسببها في الأزمة". ورأوا ان"اللحظة أصبحت مواتية بعدما انكشف ظهر الحكومة وأصبح قادتها على رأس قائمة الواحد والخمسين". كما انتقدوا"النظام القضائي السوداني"، وشككوا في نزاهته لوجود عناصر في جهاز الأمن تعمل في المجال القضائي.