اختارت "مشارف" - الفصلية الثقافية الصادرة في حيفا رئيسة تحريرها الشاعرة سهام داوود، افتتاح عددها الجديد 26، شتاء 2005 بملف خاص عن الفيلسوف الراحل جاك دريدا. الدافع هو ما يعنيه هذا المفكر في انتماءاته المركبة وطروحاته المعمقة، من رمزية ومضمون إنساني، يتجاوزان الحلقات المتوارثة، ليحلق في فضاء الفكر والثقافة الانسانيين. وقبل ذلك، كان لا بد من التوقف عند رحيل آخر: هو رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، حيث ان في الأمر تلاقياً للسياسي مع الثقافي، كما تشير المجلة في افتتاحيتها. وجاء في المقدمة:"لا نفشي سراً حين نستعيد الآن في معرض حوصلة ما يتبقى لنا من ياسر عرفات، انه كان في طليعة الذين شجعوا وآزروا صدور"مشارف"فور ان هجس بها وبرسالتها مؤسسها ورئيس تحريرها الاول، الأديب الراحل إميل حبيبي. وليس هذا فقط بل اننا نفقد ايضاً طرازاً من قائد اعطى حتى الرمق الأخير وزناً للثقافة بصفتها من مقومات النهوض المرتجى لشعبنا الفلسطيني والشعوب العربية جمعاء". وكما في اعداد"مشارف"المتجددة، يتواصل الاحتفاء بالشعر. نقرأ فوزي كريم، الشاعر العراقي المقيم في لندن، في 13 قصيدة هي: تمضي الرسائل/ قد يعبر جندي/ قارئ في الظلام/ الدورة الدامية/ الى بدر شاكر السيّاب/ الغزاة/ بقالية الرسائل المنسية/ رائحة التوت/ عند باب غاردينيا/ التلميذ العاق/ السحلية/ سأعود غداً/ والمدينة الغائبة. طه محمد علي، الشاعر الفلسطيني ابن صفورية المهجّرة يطلّ في قصائد ثلاث: ليس إلا/ بين النوم واليقظة/ قبل ذاك.. ومن بعده. الشاعر السوري صالح دياب يكتب ل"مشارف"من باريس، تحت عنوان"قصائد كوفونيثي". وفي الابداع الفلسطيني نقرأ قصائد للشاعر محمد حلمي الريشة ابن نابلس المحتلة. في باب"شرفة"تنشر الفصلية قصائد للشاعر الفرنسي فيليب جاكوته، وقد نقل القصائد الى العربية أنس الحكيم. ونقرأ: موسيقى ليلية/ الشاعر متأخراً/ كتاب الموتى/ كراسة المروج/ حكي. ملف"الثقافة العبرية"يتواصل في عدد الفصلية الجديد، وهو يلقي الضوء على الكاتبة العبرية رونيت مطلون، اذ ينشر قصة مترجمة لها، ويقدم مقالة نقدية للباحثين حنان حيفر ، الناقد والمحاضر في الادب العبري في الجامعة العبرية، وموشيه رون الناقد والمحاضر في موضوع الأدب الانكليزي. اما في باب"رؤى"فيتناول هشام نفاع الفيلم التوثيقي المتميز"درب 181"للمخرجين: الفلسطيني ميشيل خليفي، والاسرائيلي أيال سيفان، وهو فيلم يلتقط القصص والذاكرة والشخوص على طول الخط الوهمي لما كان يفترض ان يشكل خط قرار التقسيم تشرين الثاني/ نوفمبر 1947 الذي أقرته الأممالمتحدة. ويكتب:"في داخل الفضاء الصهيوني هناك من يمكنه الاصغاء على الاقل. أهمية الفيلم في هذا السياق انه يشكل مادة ممتازة لمن بات مستعداً للتراجع عن دوره في ثلاثي القردة الشهير:"لا يسمع، لا يرى، ولا ينطق". فمن قلب أجواء الفيلم تتشابك المضامين والرؤى بحيث"تُخربط"التقسيمات المسطّحة بالأسود والأبيض لصراعٍ دامٍ يتواصل منذ حوالى القرن". وتحت عنوان:"نفسي حزينة جداً حتى الموت"تكتب نسرين مغربي مقالاً استطرادياً تبدأه من الانتقادات التي وُجهت الى فيلم"آلام المسيح"وحتى الخوض في مسألة الطبقات النفسية والفكرية للنص الديني وقصته ومخزونه، وقضية الانسان ، الآخر. الكاتب ماجد خمرة، يتناول الانتاج الجديد لمسرحية"أم الروبابيكيا"، رائعة الراحل إميل حبيبي. وفي باب"رؤى"ايضاً، مقالة للروائي المصري المقيم في هولندا رؤوف مسعد تحت عنوان"عن الكتاب العربي والثقافة العربية في فرانكفورت". وهي مقالة نقدية غنية بالتفاصيل، تتناول معرض فرانكفورت للكتاب، كلحظة مواتية للخوض في قضية الكتاب، بين تجاذب الكثير من الاطراف في السياق الثقافي العربي. وهو يسهب في تشريح نقاط الالتقاء بين مختلف العناصر: السياسية السلطوية الاقتصادية والأدبية/ الثقافية، للمسألة. في باب"نصوص"، نقرأ نصين:"تفاح الظل"للشاعر والكاتب المغربي ياسين عدنان، و"زيارة لينين"للشاعر العراقي المقيم في برلين مؤيد الراوي. وتنشر المجلة رواية خصّها بها الروائي الجزائري الطاهر وطار تحت عنوان"الوالي الطاهر يرفع يديه بالدعاء"، وقد اهداها الى"الشاعر الكبير سميح القاسم".