في عددها الجديد، الخامس والعشرين، تُولي فصليّة "مشارف" الأدبيّة الحيفويّة اهتمامها بالفكرة كعادتها منذ انطلاقتها الأُولى كسؤالٍ جديرٍ بالتأمل، كما ذكرت هيئة التحرير في الافتتاحية. وتحتل غلاف المجلة صورة لبوّابة بيت وشجيرة تُدعَى "المجنونة"، التقطها الرّاحل محمّد حمزة غنايم، قبل وفاتِه مخلّفاً لنا صورةً وقصيدة: "مجنونة تطاوِلُ الجدار، وترسمُ السِّياجَ في حدودِ الدّار". أول المحاور التي تتصدّر العدد بوّابة الشِّعر التي تُشْرِعُ مصراعيها، أمام قصائد "شبابيّة"، إن صَحَّ التّعبير. حيث تُدرَجُ في هذا الملفّ قصائد لثمانية شعراء شباب. وتَمَحوَرَ ملفّ آخر حول ما يصدر عن الكاميرا الفنيّة في شأن القضيّة الفلسطينيّة، وكرّست المجلّة ثلاثة مقالات تحليليّة عن السينما الفلسطينيّة. ومن هنا تأتي أهميّة هذا الملفّ الذي تزامَنَ مع مهرجان الأفلام الفلسطينيّة في حيفا، آخرَ الشّهر الفائِتِ والذي حضره كلّ من المخرجين ميشيل خليفي وصبحي الزّبيدي وعمر القطّان وإيال سيفان والذي كان تحت رعاية فصليّة "مشارف". أما محور "غياب"، والذي يأخذ "شكلاً آخَرَ" هذه المرة لأنه "اختطف قطعة غالية" من هيئة التحرير فهو حول الزميل الشّاعر والأديب والمترجم محمد حمزة غنايم، الذي استلبه الموت في أوج عطائه وإبداعه الغزير. الملفّ الأوّل إذاً خاص بالشِّعر، واحتوى على باقة من الشعراء تؤكّد أسماؤهم ما ذكرته "مشارف" في افتتاحيتها، حيث ان "الفكرة الجديرة الأُولى تكمن في ما نوليه، عدداً عدداً، من اهتمام للنّصّ الجديد، نصّ الشّباب، لا من حيث انتماء صاحبه العمريّ فحسب بل وأيضاً، وأساساً، بما يتلاءَم مع رهاننا على أدبيّة النّصّ كبادرة توكيد على استمراريّة الإبداع". في ملف الشعر يشترك كل من الشعراء: معتز أبو صالح وسام جبران ونوال نفاع وبشير شلش وعثمان حسين والطيب غنايم وأيمن إغبارية. واحتوى ملف "نصوص" على مقاطع نثريّة للكاتب فؤاد سليمان، لامست حدود القصّة القصيرة والتصوير الفنّي الأدبيّ. وفي استقراء "مشارف" لرؤاها، خصّصت في هذا العدد مساحة لمقاله بقلم حنان حيفر، أستاذ النقد الأدبي في الجامعة العبريّة في القدس، وتناوَلَ فيه ديوان الشّاعر سلمان مصالحة، الصّادر باللغة العبريّة عن دار "عام عوفيد"، عام 2004. ملفٌ آخر ساهم في تنوّع الطروحات التي تسعى "مشارف" اليها، وهو خاصّ بالسينما الفلسطينيّة، وعنوانه: "سينما في عين العاصفة"، واحتوى على ثلاثة مقالات، الأول للمخرج صبحي الزبيدي، بعنوان "شذرات من عالم قيد الولادة" والثاني لعلاء حليحل، بعنوان "روميو فلسطين"، ويحاول فيه نقد فيلم "أولاد آرنا"، من اخراج جوليانو مر - خميس ودانيئيل دانيئيل. والثالث للمؤلفين نوريت جيرتس وجورج خليفي، بعنوان "طريق دون مخرج". في ملفّ "غياب"، ترثي "مشارف" زميلها الذي استلبه القدر: الشّاعر والأديب والمترجم الشّاب محمّد حمزة غنايم. وتقدّم توثيقاً لمرحلةٍ مملوءة بالغزارة والعطاء. وفي الملف مجموعة من أشعار محمد حمزة غنايم، كتبها في فترة محنته، فترة صراعه مع المرض، تحت عنوان "إسحب غطائي الى أعلى جسدي". وتلي الأشعار مقالة تحليلية كتبها الشاعر فوزي كريم. الباحث ساسون سوميخ، يقول إن الراحل كان "شعلة من الحماسة الإنسانية"، ويسرد تجليات هذه النار الإبداعية في كل مراحل حياته، حتى في فترة المرض العضال. باسيليوس حنّا بواردي، يقدم دراسة مفصلة عن شعر محمد حمزة غنايم وعن مركبات مفهوم الثورة والمرجعيات الشعرية لديه. في المحور الأخير، "الثقافة العبرية"، تقدم المجلة الشاعر الراحل يهودا عميحاي، عبر ترجمة لقصيدة مطولة من آخر دواوينه. قام بهذه الترجمة، الراحل محمد حمزة غنايم. تتضافر هذه الملفات والمحاور في المجلة مؤكدة لقرائها مواصلتها درب البداية، التي شقها مؤسسها الأول، الراحل اميل حبيبي. فما زالت بصماته تقود الدرب، لدرجة ان المتتبع لها منذ بداية صدورها يدرك ان المسار ما زال على المنوال نفسه الذي ابتدأت به. رئيسة تحرير "مشارف" سهام داوود، وهيئة التحرير تضم الناقد انطوان شلحت، الشاعر سلمان مصالحة، الكاتب محمود رجب غنايم، الباحث رمزي سليمان، الشاعر الراحل محمد حمزة غنايم والروائي انطون شمّاس. عنوان المجلة الالكتروني: [email protected]