قبل أقل من عام تابعت برنامجاً تلفزيونياً على احدى القنوات العربية استضاف المخرج السوري - العالمي الراحل مصطفى العقاد في احد الاماكن التاريخية في دمشق، وحوله مجموعة من المحاورين والمتدخلين كان ظاهراً عليهم انهم من الموالين لسياسات النظام جيء بهم بترتيب معين ليواجهوا آراء ومواقف الضيف اذا دعت الحاجة الى ذلك، خصوصاً ان هذا الفنان معروف بصراحته المعهودة وبتوجهاته الليبرالية وميوله الديموقراطية المناهضة للديكتاتورية والاستبداد، وقد سئل عن اعماله ومشاريعه السينمائية المستقبلية فكان جوابه انه بصدد تنفيذ مشروع استراتيجي بانتاج واخراج عدد من الافلام المتعلقة برموزنا التاريخية خصوصاً صلاح الدين الايوبي والظاهر بيبرس كردي وأمازيغي. وأضاف انه عرض مشروع الفيلم الاول على معظم القادة العرب طالباً منهم تقديم المساعدة المالية لانجاز هذا العمل العظيم الذي سيرفع من شأن الامة بين شعوب العالم لكن الجميع ومن دون استثناء لم يبدوا الاستعداد لتقديم الدعم اللازم وكان يسرد ذلك بألم وحسرة امام عدسة التلفزيون وعلامات الاحباط بادية على محياه. وعلى عكس ما كان يتوقع من تعاطف مع طموحاته المشروعة واحتجاج على مواقف قادة الانظمة العربية من جانب الحضور الذي فاجأه - كما كان مرسوماً - بتوجيه اللوم اليه لأنه اختار اسماء غير مقبولة لدى المتشددين القوميين على رغم افضالهم على العرب في المشرق والمغرب ثم ووجه بأسئلة من نوع: لماذا لا تضع افلاماً حول رموزنا وأبطالنا القوميين امثال جمال عبدالناصر وصدام حسين وحافظ الاسد؟ فانتفض العقاد ورد على سائليه بشفافية وصراحة قائلاً لهم: لا يزايدّن احدكم على عروبتي ووطنيتي ومشاعري الانسانية، ومن جهة اخرى فإن اختياري للابطال والرموز يعود الى اطلاعي الكامل على تاريخنا ودراستي الوافية كخبير مجرب منذ عقود لذهنية وطبيعة الرأي العام العالمي وما هو الاصلح والأنفع في صفحات ماضينا يمكن ان نعرضه على العالم حتى ننال تقدير واعجاب واحترام الآخرين، وانني اقول بصراحة لست من المعجبين بالكثير من قادتنا في الحاضر والماضي وهم لا يستحوزون احترام شعبنا الذي لا يعتز بهم ولم يخلفوا لنا وللبشرية ما يمكن الافادة منه او الافتخار به وعندما اخترت صلاح الدين فمن اجل ان اعلن للعالم ان تاريخنا يحمل الكثير من المآثر والمفاخر والتجارب حول مثل الحق والعدل والتسامح والتآخي بين الشعوب واحترام الآخر المقابل، واننا ننشد السلام ولسنا طلاب العنف والحروب والاعمال الارهابية ولا يهمني هنا ان يكون صلاح الدين غير عربي فيكفي انه جزء من نسيج المنطقة وواجه الظلم باسم ثقافة المنطقة ووحدة اطيافها وارادة ابنائها من مختلف الشعوب ونحن بأمس الحاجة في حالنا الراهنة لمثل هؤلاء الرموز ومزاياهم الحميدة في تحقيق الوحدة والتلاحم ومن ثم الانتصار لنعيد الثقة بأنفسنا ونسترجع احترام العالم لحاضرنا لنبني مستقبل اجيالنا. صلاح بدر الدين - بريد الكتروني