اكتب اليوم مقالاً من شقين، فأنتصر لايران ضد اسرائيل وأبواقها، ثم انتصر لدول الخليج ضد مواقف ايرانية غير مبررة، وأقول للرئيس محمود احمدي نجاد ان"صديقك من صَدَقك". البعثة الايرانية لدى الاممالمتحدة نشرت اعلاناً الشهر الماضي شغل صفحة جريدة كاملة دافعت فيه عن سياسة ايران النووية، وردت اسرائيل عبر رابطة مكافحة التشهير باليهود بنشر اعلان شغل ايضاً صفحة كاملة من جريدة وهاجمت فيه الرئيس احمدي نجاد شخصياً. بالنسبة الى البرنامج النووي الايراني هناك حل واحد لا ثاني له، هو اعلان الشرق الاوسط منطقة مجردة من الاسلحة النووية وهذا يعني تخلي اسرائيل عن سلاحها النووي في مقابل منع ايران وكل دولة اخرى من السعي الى الحصول على سلاح مماثل. لا يوجد عربي أو مسلم، في المنطقة أو خارجها، يقبل استثناء بلاده من حق الحصول على اسلحة نووية، فيما اسرائيل تملك ترسانة نووية مؤكدة، مع وسائل ايصالها الى اهدافها، ومع وجود حكومة متطرفة تقتل بنات المدارس وتمارس اضطهاداً من مستوى نازي ضد الفلسطينيين. بكلام آخر، طالما ان اسرائيل تملك اسلحة نووية فانا اؤيد محاولة ايران امتلاك اسلحة مماثلة، واطالب كل بلد عربي قادر على مواجهة الاسلحة الاسرائيلية بمثلها، مع رجائي ان يغلب العقل وان تقود الولاياتالمتحدة حملة لتجريد الشرق الاوسط كله من اسلحة الدمار الشامل، لانها ان فعلت فأنا شخصياً سأؤيدها بقوة. وهكذا، فأنا اؤيد بيان قمة مجلس التعاون الخليجي في ابو ظبي هذا الشهر ودعوة قادة الخليج الى اخلاء الشرق الاوسط، بما في ذلك منطقة الخليج، من اسلحة الدمار الشامل. غير ان البيان لا يعكس كل الحقيقة، ففي تصريحات صحافية وبيانات لاحقة اظهر المسؤولون الخليجيون قلقهم من برنامج ايران ومواقفها ونياتها، ما ارجو ان يكون الرئيس الايراني سمعه، وقرر التعامل معه بايجابية، فأنا اخاطبه بالايجابية الممكنة، وارفض مثله مزاعم رابطة مكافحة التشهير وكل الابواق التي تعتم على جرائم اسرائيل ضد الفلسطينيين. واعلان الرابطة كان دخان تعمية فهو"يتهم"الرئيس الايراني بانتهاج سياسة تدمير دولة اسرائيل، وهو لا يستطيع حتى لو اراد ذلك، ويضيف ان احمدي نجاد ينكر المحرقة، وانا اقول ان هناك محرقة راح ضحيتها ستة ملايين يهودي واعترض على كل عربي أو مسلم ينكرها، فنحن لم نكن القاتل او الضحية. ثم يضيف الاعلان ان ايران تسعى الى الحصول على اسلحة نووية، وارجو ذلك طالما ان اسرائيل تملك هذه الاسلحة. كما يرى الرئيس الايراني انا معه، لذلك ارجوه ان يسمع بقية كلامي، بدءاً بمخاوف جيرانه الخليجيين فهم ينتظرون منه مبادرة حول جزر الامارات الثلاث، وتعاملاً افضل مع كل دولهم، ومنع التدخل السري والعلني في شؤونهم الداخلية، والابتعاد عن تحريض طائفة على طائفة. الخليجيون قالوا رأيهم بصراحة، ويبقى ان نسمع تجاوباً ايرانياً. وازيد بعد الرأي الخليجي، او المحلي، رأياً عاماً سمعته من اسلاميين سُنّة عرب، اكثرهم من المصريين، لهم صلات بالاسلاميين في كل بلد، ورأيهم التالي: بعد الثورة الاسلامية في ايران كانت الجماعات السنية تستلهم من فكر آية الله الخميني وثورته لتقود ثورة شعبية، وبقي التعاون قائماً حتى اغتيال الرئيس السادات، عندما شغل الاسلاميون بحالهم في وجه المحاكمات والاعتقالات والتشريد. مع ذلك بقي خط قائم عبر ايمن الظواهري، الذي كان يزور ايران، وانقطعت هذه الصلة بعد 11\9\2001 عندما سلمت حكومة محمد خاتمي بعض الاسلاميين الى الاميركيين، وانتكست العلاقة مع ايران. اليوم يرى الاسلاميون من العرب السنة ان الخطاب السياسي للرئيس احمدي نجاد يمكن ان يعيد الحيوية الى العلاقات بين السنة والشيعة، وهم يدركون انهم لن يستطيعوا حل نقاط الخلاف التاريخية، وانما يريدون تجاوزها للتركيز على نقاط لا خلاف عليها، مثل اسرائيل ودعم الفلسطينيين بكل الوسائل، ومعارضة السياسة الخارجية الاميركية. ما يقلق الاسلاميين السُّنّةَ هو تصرف بعض فئات التحالف الشيعي في العراق، فهي عندما قدرت وتمكنت اظهرت تطرفاً مذهبياً، وتنكرت لشعارات المستضعفين، وكان سلوكها غير مطمئن بالمرة. الاسلاميون السُّنّةَ لا يتحدثون عن جميع فئات التحالف، فهناك درجات، والاسوأ في رأيهم هو المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، الذي يريدون من الحكومة الايرانية وقف اعتداءاته على السُّنَّة العراقيين وتحميلهم جميعاً مسؤولية الارهاب. وكان بعض الاسلاميين المصريين اجتمع مع رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري في الكويت ووجده معقولاً ومقبولاً. كما ان حركة مقتدى الصدر تقدم مواجهة الاحتلال الاميركي على أي موقف آخر. الاسلاميون السُّنَّة العرب، يريدون من الجماعات الشيعية في حكم العراق ان تشعر السُّنَّة بانهم شركاء وان تعطيهم طمأنينة الى يومهم وغدهم. وهم يقدرون كثيراً السيد حسن نصر الله، الامين العام لحزب الله، ويرون انه يستطيع ان يلعب دوراً اساسياً في التقريب بين الشيعة والسنّة في العراق، وبين الاسلاميين العرب وحكومة الرئيس احمدي نجاد. مرة اخرى، صديقك من صدَقَك، واذا لم يستطع الطرفان في العراق، او الطرفان الاكبر في الشرق الاوسط، التعاون، فالسبب ليس اسرائيل، وانما هم افراد وجماعات، والخاسر هو قضاياهم.