بيروت لن تهزم. سنخلع عنها رداء الحزن مهما كان الثمن"... قرار اتخذه عدد من متعهدي الحفلات في العاصمة اللبنانية ونجومها، بعدما ألغت بعض الفنادق سهرات ليلة رأس السنة. لا شكّ في أن الظروف الأمنية المتأرجحة التي شهدها لبنان أخيراً لعبت دوراً كبيراً في الحدث الفني الصاخب الذي تعيشه مدينة"الزمن الضائع"سنوياً. وفي وقت جرت العادة سابقاً أن تستقطب الساحة المحلية أسماء ونجوماً من مختلف الدول العربية، فضلاً عن الوجوه الكثيرة التي تفرزها الساحة الغنائية اللبنانية، يبدو المشهد هذا العام مختلفاً. فالأحداث السياسية الملتهبة التي مرّت بها خلال هذا العام وسلسلة التفجيرات والاغتيالات التي تلتها بدلت كثيراً من خريطة الفن اللبناني. لكن هدوء العاصفة خلال شهر رمضان الماضي، جعل الكثيرين يستبشرون خيراً في موسم موفق خلال احتفالات رأس السنة، يعوّض كثيراً عن صيف مضطرب، أبعد السياح، خصوصاً الخليجيين منهم عن مقاهي ومطاعم وأمسيات بيروت. وبدأت التحضيرات لحفلات"مميزة"في 31 كانون الأول ديسمبر المقبل. إلا أن اغتيال النائب والصحافي جبران تويني في النصف الأول من هذا الشهر أعاد الغيوم الملبدّة إلى ذلك إلى القطاع الذي كان يدرّ ذهباً على أصحابه وأصحاب السياحة المحلية. إذاً، متعهدو الحفلات الفنية يعانون هذا الموسم أزمة، بعد أن كانت سهرات العيد تشكل ورقتهم الرابحة. في الأعوام الأخيرة، كان لبنان المسرح الأضخم لتلك الأحداث الفنية. وكانت تبدأ منذ أوائل شهر كانون الأول، حملات دعاية مكثّفة، وازدحام في روزنامة السهر لآخر يوم من السنة: لافتات موزعة على الطرقات، حركة نجوم كبيرة، سوق سوداء لأسعار البطاقات، ترويج عبر منشورات ورقية على الطرقات، ورسائل قصيرة عبر الهواتف الخليوية... وشكلت حفلات رأس السنة محطة مهمة للفنانين أنفسهم، وكان السباق يحتدم بينهم لاستقطاب أكبر عدد من الجمهور. اللبنانيون ليسوا المستهدفين الوحيدين بل الخليجيون أيضاً. حفلات كثيرة كانت تضم وجوهاً عدة. وكانت أنجحها تلك التي تجمع أكثر من اسم كبير، خصوصاً الخليجيين. وشهدت بيروت لقاءات مهمة أبرزها مثلاً حفلة نبيل شعيل مع عبدالله الرويشد وشيرين قبل سنتين، وحفلة عمرو دياب مع شيرين وجدي، ونجوى كرم مع فضل شاكر، وصابر الرباعي مع إليسا، وراغب علامة الذي جمع في حفلة واحدة هيفا وهبي مع نانسي عجرم. وتخطت أسعار تلك البطاقات ال 800 دولار أميركي، حتى دخلت في الأيام الأخيرة حلبة السوق السوداء. معركة فنية جديدة هذا العام، تبدّلت ملامح المعركة الفنية. عدد كبير من الفنانين اللبنانيين قرر خوض رهان مضمون النجاح ففضل الغناء في الدول العربية المجاورة وأميركا. بعضهم يحضر في لبنان في شكل خجول، فيما يغيب مطربو الخليج ومصر عن المشهد الاحتفالي اللبناني... أبرز تلك التغييرات بدأت مع قرار بعض المتعهدين، بعد اغتيال تويني، إلغاء بعض الحفلات التي أعلنوا عنها سابقاً، وأبرزها حفلات لعبدالله الرويشد وشيرين عبد الوهاب وملحم زين وفارس كرم وباسم فغالي وغيرهم من الأسماء التي تضمن حضوراً جماهيرياً جيداً. "المسألة ليست خوفاً من نسبة الحضور"، يقول المتعهد الفني وسام عبود، ويضيف:"إنها فقط مراعاة للظروف التي تمرّ بها البلاد. لكننا في المقابل، أصريّنا على المضي قدماً في حفلات كثيرة، ونسبة البيع جيدة. نحن متفائلون بالمواطن اللبناني الذي يرفض الانكسار ويتابع حياته بفرح مهما كانت الظروف". ويتابع عبود:"نعم هناك حذر في الشارع اللبناني... لكننا نضخّم الأمور نوعاً ما، وأكبر دليل على ذلك حفلة نانسي عجرم مع وائل كفوري في فندق"الحبتور"التي سجلت حتى الساعة نسبة بيع تذاكر كبيرة، حتى الأغلى ثمناً بينها... الإعلان ليس كبيراً ونسبة البيع جيدة". ويعزو عبود سبب الحذر والأقاويل التي تؤكد عدم نجاح حفلات هذا العام إلى أصحاب الفنادق"الذين يروجون لمثل تلك الإشاعات بغية تخفيض أجور الفنانين... الفارق الوحيد هذا العام هو نسبة الخليجيين الأقل من السنوات الماضية. والخليجي يحجز بطاقاته منذ شهر، فيما ينتظر اللبناني حتى الساعات الأخيرة قبل بدء الحفلة". ويؤكد عبود أن حفلتي نانسي عجرم ووائل كفوري وفارس كرم سجلتا نسبة حضور خليجي سعودي وكويتي وقطري مقبول... نعم هناك إجراءات أمنية مكثّفة، لكن حفلات نيويورك في رأس السنة تشهد إجراءات مكثفة". وعلى رغم تفاؤل عبود وأصحاب الفنادق الذين أكدوا ل"الحياة"أن حركة الإقبال جيدة، يطرح فتور الناس تجاه هذه الحفلات وجيوبهم الفارغة، وإعلانات السهرات التي تظهر في شكل خجول على الطرقات، وعدد الحفلات القليلة وأسعارها التي لم تتخط ال 500 دولار سوى نادراً حفلة نانسي عجرم في مطعم"أو دو في"في فندق فينيسيا ألف دولار أميركي للشخص الواحد، تساؤلات حول نجاح الفنانين والمتعهدين بهذه الحفلات. أين يسهر الفنانون؟ أربعون في المئة من الفنانين اللبنانيين يحييون سهراتهم في الخارج. أما في لبنان، فالباقون يحييون حفلات قليلة، منهم من يكتفي بحفلة واحدة، ومنهم حفلتين، فيما يوزع عدد قليل منهم سهرته في 3 أماكن. ملحم بركات سيغني في"كاستيل ماريا"بين منطقتي جبيل والبترون، ووائل كفوري يغني فقط في فندق"الحبتور غراند أوتيل"مع نانسي عجرم التي تحيي أيضاً حفلة في فندق فينيسا. عاصي الحلاني يغني في فندق"كونكورد سلام"في مصر، وهيفا وهبي أيضاً في سلسلة"الانتركونتيننتال"في القاهرة. نجوى كرم تسافر إلى ولاية فلوريدا لتحيي حفلة زفاف، فيما تغني نوال الزغبي في أبو ظبي. أما إليسا فتحيي حفلتها في فندق"مروج روتانا"في دبي، وراغب علامة يطلّ في الإمارة نفسها في مجمع"وورلد ترايد سنتر". أما وليد توفيق فيغني في مطعم"سيروز"في بيروت، كذلك ملحم زين الذي يغني في"الأوسكار بالاس"مع ريدا بطرس. زين العمر يتقاسم سهرته مع وسام الأمير في فندق"لو رويال"، وفارس كرم يغني في"الأطلال بلازا"وپ"الموفنبيك"، وسعود أبو سلطان في فندق"الموفنبيك"مع نجوم"ميلودي"تينا وماريا وجاد الشويري وسعيد أبو الريش، ثم يتابع ليلته في فندق"كواليتي إن"في طرابلس حيث يغني أيضاً عمار حسن. النجم التونسي أحمد الشريف يبدأ حفلته في"الريجنسي بالاس"في أدما وتغني معه أمل حجازي التي تغني أيضاً في"غراند هيلز"في برمانا، ويتابع الشريف ليلته مع جمهوره العريض في نادي"المندلون". وفي الريجنسي بالاس أيضاً يغني مروان خوري مع رولا. ويحل باسم فغالي ضيفاً على الحفلتين. ميريام عطاالله، نجمة"ستار أكاديمي"، تبدأ ليلتها في صالة"قصر النبلاء"وتختمها في مطعم"أوكسجين"في دمشق، فيما تغني مواطنتها رويدا عطية في"ميريديان الشام". فضل شاكر يغني في حفلة خاصة، ومي حريري في"الآيس سكايتنيغ"وپ"موفنبيك". وتسافر نيللي مقدسي إلى لندن، وباسكال مشعلاني إلى تونس، ودينا حايك إلى الأردن، وطوني كيوان إلى أستراليا. وتقام في بيروت أيضاً حفلات هادئة مع"وان مان شو"وعشاء فاخر... دجاجة العيد لم تعد تبيض ذهباً، وملامح الصورة ستتضح في أول يوم من السنة الجديدة.