خسر المشاهدون العرب في العام الراهن، وفي سنوات قليلة فائتة، ومن دون أي مقدمات، برامج"الكاميرا الخفية". ربما كان هذا البرنامج"الديناصور"- لقدمه وعمره المديد - الذي تنقل من قناة إلى أخرى، وفي كل اللهجات،"فاكهة"رمضان الوحيدة، قبل عقد أو عقدين. وهو يشبه برامج"فوازير رمضان"، بكونها"ديناصور"هي الأخرى، والتي غابت العام الراهن أيضاً. وجه شبه آخر بين"الفوازير"وپ"الكاميرا الخفية"هو أنهما عرضة للاستنساخ، والأمثلة كثيرة. فبرنامج"زكية زكريا"لإبراهيم نصر، لا يختلف عن برامج الكاميرا الخفية المعهودة في القنوات العربية والغربية، وكذلك برنامج"صادوه"- الكويتي - الذي يقدم للمرة الثالثة أو الرابعة - ما الفارق إن كان للمرة العاشرة حتى؟ أما برامج الفوازير، فحلت محلها هذا العام برامج المسابقات الكثيرة الكثيرة ولا ضرورة للأمثلة. لكن الفارق بين الفوازير والمسابقات أن الأخيرة تستهلك فلوس المشاهد على غفلة، فيما كانت الفوازير تسلينا وتكسبنا. لذلك يمكن اعتبار فوازير رمضان انقرضت، بعدما كفت ووفت هي وبرامج"الكاميرا الخفية"، كما انقرضت"الديناصورات". اللافت أن البرامج"الديناصورية"لا تنقرض، خصوصاً الخليجية منها، بل أصبحت موضة ودليلاً على نجاح برنامج ما. فهذا"طاش"في جزئه الپ13، وهذا"قرقيعان"وپ"صادوه"يسيران على الخطى ذاتها في جزأيهما الثالث أو الرابع - لا يهم! لا يمكن أحداً إنكار نجاح هذه البرامج في فترة ما، مقارنة بنظيراتها الخليجية، وبين المشاهدين الخليجين فقط. بل إن النجاح امتد لتكون هذه البرامج لازمة لرمضان بالنسبة إلى أولئك المشاهدين كل عام. بل أيضاً، هي محط أنظار فضائيات كثيرة - قادرة على دخول مزادات برامج رمضان الثقيلة والمكلفة. ولكن ماذا قدمت هذه البرامج الثلاثة تحديداً في رمضان الحالي؟ ولماذا هذه البرامج الثلاثة دون برامج أخرى؟ هل لكونها تمثل رؤوس"الأهرام"الثلاثة لبرامج الكوميديا الخليجية؟ وهل اعتبار هذه البرامج رؤوس الأهرام ناتج عن اهتمام الفضائيات بها، وعرضها في وقت الذروة، والموافقة على إعادة إنتاجها كل عام؟ بعيداً من المقارنة بين البرامج الثلاثة - وإن كان القدم واهتمام القنوات يصنعان ترتيباً لا يمكن تجاوزه:"طاش"ثم"قرقيعان"ليأتي بعده وبپ"فارق"كبير"صادوه"- فإن هذه البرامج، وتحديداً"طاش"وپ"قرقيعان"مثلت ظاهرة ليست اجتماعية فقط، بل تلفزيونية أيضاً، على مستوى البرامج الخليجية. ولعلّ الظاهرة الاجتماعية تجلت في"طاش"أكثر من تجليها في"قرقيعان"، كون الأول أثار جدلاً اجتماعياً وإعلامياً ودينياً كبيراً وقدم طرحاً جريئاً في سنوات مضت، خصوصاً في حلقات مثل"المحرم"وپ"واتعليماه". وفي حلقة"وشو من لحية"وپ"سووايق نواعم"في"طاش 13"- إذا استثنينا حلقة"سلطة الجماهير"كونها أنتجت سابقاً وحجبتها القناة الأولى، إضافة إلى حلقات أخرى حُجبت أيضاً وتنتظر العرض هذا العام على mbc. أما الظاهرة التلفزيونية فكانت من نصيب البرنامجين، وتظهر في محاولة استنساخهما. إذ ان محاولة الاستنساخ للبرنامجين تعبر عن مدى نجاح العملين جماهيرياً وفي الوسط الفني - الخليجي طبعاً. وبحصر أمثلة ذلك الاستنساخ بإنتاج هذا العام فقط، نجد برنامج أو مسلسل"إخواني أخواتي"يحاول استنساخ فكرة الثنائي السعودي، من"طاش"في برنامج كوميدي. إذ يمثل فايز المالكي - الذي خرج من cbm - إلى جانب محمد العيسى، في محاولة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة من ممثلين ومنتجين سعوديين لجذب"مدمني""طاش"وجمهوره. وربما كانت فكرة إقناع هذا الجمهور بأن ناصر القصبي وعبدالله السدحان ليسا"الفنانين"السعوديين الكوميديين الوحيدين، حتى لو كان ما قدمه"طاش"هذا العام من أفكار ومستوى لم يرض جمهوره. فهذا الجمهور يسأل كل عام قبل رمضان عن عناوين حلقات"طاش"، ولا يزال يحلم بوهم حلقات"طاش"الجريئة. وإذا كان"إخواني أخواتي"استنسخ فكرة الثنائي السعودي فقط من"طاش"، فپ"ريموت كونترول"استنسخ فكرة"قرقيعان"في انتقاد الفنانين والبرامج التلفزيونية ذاتها. حتى أن البرنامجين قدما حلقتين على الأقل، متشابهتين، عن الفنانة اللبنانية القديرة صباح وعن برنامج"سيرة الحب"الكويتي. وهذا التشابه في اختيار البرامج أو الفنانين منطقي، وليس مستغرباً في ظل غياب الابتكار في"ريموت كونترول"باستنساخ فكرة"قرقيعان"، وإصرار القائمين على"قرقيعان"أن يكون"ديناصوراً"، ويحضر كل رمضان. وبعيداً من المقارنة بين"طاش"وپ"إخواني أخواتي"، ومن تقويم الأخير، فإن الصحافة المحلية السعودية لم تعد تفرد صفحات لمناقشة حلقات"طاش"- باستثناء حلقتين هذا العام. كما أن الفتاوى وساحات الإنترنت السعودية تبحث أموراً أخرى غير"طاش"مع هذا الكم من المسلسلات، خصوصاً تلك المتعلقة بالإرهاب والتي تبحث لجنة الإفتاء السعودي مدى شرعية بعضها. أما بالنسبة إلى"قرقيعان"فلم يعد يقدم جديداً غير برامج أخرى مستنسخة مثل"ريموت كونترول"، تتقاطع معه في أفكار الحلقات. وإذا كان"طاش"يبرر بتقديم قضايا آنية وجديدة مثل دخول السعوديين سوق الأسهم، فإن"قرقيعان"يبرر أيضاً بتقديم حلقات عن برامج جديدة تظهر من رمضان إلى رمضان. لكن كلا البرنامجين يعتمد على فكرة رئيسة واحدة، ليبقى أمر ثانوي هو"تركيب"الحلقات على مقاس الأبطال والفكرة الرئيسة. فهل ذلك يعني أن ممثلي الكوميديا في الخليج يفضلون الناجح القديم، على الفكرة الجديدة والابتكار؟ وهنا تشرع المقارنة: هل حقق"طاش"و"قرقيعان"نجاحاً على المستوى الجماهيري وپ"المادي"أكثر مما حققه مسلسل"الأصدقاء"-"فريندز"- الأميركي الذي توقف على أي حال؟ إذاً متى تنتهي"ديناصورات"كوميديا الخليج، خصوصاً أنها احتكرت"مبدعين"على مستوى الممثلين الخليجيين مثل القصبي والسدحان وداوود حسين؟ مع الأخذ في الاعتبار أن هؤلاء الثلاثة يتربعون، حالياً، على عرش الكوميديا الخليجية - جماهيرياً. إضافة إلى أن القصبي أثبت في حلقات كثيرة أنه قادر على أداء أدوار متنوعة، مقارنة بنظرائه، فمتى ينتهي احتكار هؤلاء؟