أبدت الهيئات الاقتصادية ورجال الاعمال وخبراء الاقتصاد في المانيا قلقاً شديداً من استمرار ازمة تشكيل الحكومة الجديدة وانعكاساتها السلبية على اقتصاد البلاد، بعدما فشلت الانتخابات النيابية الاخيرة في افراز غالبية نيابية الحكومة المستشار غيرهارد شرودر الائتلافي مع حزب الخضر أو للمعارضة المسيحية ? الليبرالية. وتجاوز هذا القلق حدود المانيا ايضاً بسبب الدور المهم الذي يلعبه الاقتصاد الالماني على المستويين الاوروبي والعالمي. وأظهر عدد من اتحادات ارباب العمل ومسؤولو"صندوق النقد الدولي"و"البنك المركزي الاوروبي"تخوفاً كبيراً من تعرض النمو الاقتصادي الى انتكاسات، في حال لم تتمكن الاحزاب الالمانية من التوصل بسرعة الى تشكيل حكومة مستقرة، ووجهوا نداء اليها لمتابعة نهج الاصلاحات في البلاد. وحذر رجال الاعمال الالمان في اليومين الماضيين اضطرارهم الى"وضع خطط لخفض عدد الوظائف في مصانعهم وشركاتهم، في حال تشكلت غير راغبة في متابعة سياسة الاصلاح في البلاد". ورأى رئيس"رابطة ارباب العمل في المانيا"ديتر هوندت ان الوضع الاقتصادي"مقلق جداً"، محذراً من انه"في حال تأخر تشكيل الحكومة سيتراجع النمو الاقتصادي المنتظر لهذا العام وللعام المقبل ايضاً". وقال انه باسم"اتحاد روابط ارباب العمل"في المانيا"يدعم بقوة"البيان الذي وجهه اتحاد صناعة السيارات، وحذر فيه من انه اذا لم تتشكل حكومة سريعاً تحسن الشروط الاقتصادية العامة لصناعة السيارات"ستلجأ شركات صناعة السيارات الى اجراء تعديلات في هيكلياتها بهدف خفض النفقات الكبيرة للانتاج". ومن جانبه حض رئيس"البنك المركزي الاوروبي"جان كلود تريشيه المسؤولين في المانيا"على مواصلة نهج الاصلاحات لتأمين المزيد من النمو وفرص العمل". وقال لصحيفة"فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ"تعقيباً على ازمة تشكيل حكومة في المانيا ان"الرسالة الموجهة الى كل الحكومات هي الحث على التعاون المشترك بقدر الامكان لتحقيق الاصلاحات البنيوية الضرورية، ما يسمح بزيادة النمو وتأمين أمكنة عمل اضافية". ودعا"صندوق النقد الدولي"الاحزاب الالمانية الى"ممارسة سياسة اقناع اكبر في المجتمع بهدف اقرار المزيد من الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية". وذكر رئيس خبراء الاقتصاد في الصندوق راغهورام راجان لصحيفة"هاندلسبلات"أول من امس ان المانيا"تحتاج الى حوار اجتماعي واسع حول الاصلاح، ومن المهم جداً متابعة عملية الاصلاحات لحصد ثمار الخطوات الاصلاحية الاولية على الاقل"، لافتاً في الوقت نفسه الى ان"عكس ذلك سيؤدي الى تأزم الوضع في المانيا". واقترح راجان"تخفيف مفعول قانون الحماية من الصرف لتشجيع الشركات على المزيد من التوظيف فيها". وأيد مدير"معهد الاقتصاد الالماني"ميشائيل هوتر اجراء اصلاحات اضافية في البلاد داعياً الى"ضرورة تعميق روزنانة 2010 الحكومية على يد حكومة جديدة قوية"، مؤكداً في هذا المجال تفضيله قيام حكومة"تحالف كبير"بين الحزب الاشتراكي الديموقراطي والاتحاد المسيحي على عكس رأي غالبية رجال الاعمال المستقلين". وبحسب استطلاع نشرته صحيفة"هاندلسبلات"ايضاً ذكر 50 في المئة منهم انهم يفضلون حكومة تضم الاتحاد المسيحي والليبيراليين والخضر في مقابل 11 في المئة فقط يؤيدون قيام تحالف كبير. كما ان رئيس"اتحاد غرف التجارة والصناعة الالمانية"لودفيغ غيورغ براون ورئيس رابطة ارباب العمل هوندت كانا رفضا بشدة قبل الانتخابات قيام تحالف كبير بحجة انه"سيجمد تنفيذ الاصلاحات المطلوبة". وطرح مدير معهد الاقتصاد هوتر برنامج عمل للحكومة المقبلة يمتد حتى 2009، ويتقاطع جزئياً مع برنامج الاتحاد المسيحي من جهة وبرنامج الحزب الاشتراكي الديموقراطي من جهة اخرى. وينص البرنامج على خفض ضريبة الشركات من 25 الى 19 في المئة وهو مطلب الاشتراكيين، فيما دعا المسيحيون الى خفضه الى 22 في المئة، وخفض اشتراكات ارباب العمل والعمال في صندوق ضمان البطالة من 6.5 الى 5.5 في المئة المسيحيون اقترحوا خفض النسبة الى 4.5 في المئة، فيما رفض الاشتراكيون الفكرة كلها، والغاء ضريبة التضامن مع شرق البلاد التي اعتمدت بعد الوحدة الالمانية لإنماء الولايات الخمس الجديدة، وهو مطلب غير مطروح إلا من جانب الحزب الليبيرالي. ولتأمين التمويل المطلوب في الموازنة المالية السنوية اقترح هوتر رفع ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات من 16 الى 18 في المئة، كما يطالب بذلك الاتحاد المسيحي فيما ترفضه الاحزاب الاخرى. ودعا مدير المعهد الحكومة المقبلة الى اصدار قانون خاص للتقشف يجمد نفقات الدولة المختلفة باستثناء مجالات البحوث والتطوير والتعليم والاستثمارات الحكومية". وتوقع هوتر ان"يوفر برنامجه المطروح مليون فرصة عمل جديدة حتى عام 2009".