البدء بأعمال صيانة جسر تقاطع طريق الأمير نايف مع شارع الملك خالد بالدمام ... غدا السبت    الدفاع المدني السوري: «تماس كهربائي» أشعل نيران «ملعب حلب»    (عيد) أفضل حارس للبطولة الخليجية الأولى والثانية    الكويت فأل خير للأخضر    أمريكا تعلن إرسال وفد دبلوماسي إلى دمشق    تراجع أسعار الذهب 2596.89 دولارًا للأوقية    توقعات بتساقط الثلوج على تبوك    الخطوط السعودية ووزارة الإعلام ترفعان مستوى التنسيق والتعاون المشترك    كأس العالم    الأندية السعودية.. تألق آسيوي في الملعب والمدرجات    5 إستراتيجيات لإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا    رئيسا «الشورى» والبرلمان الباكستاني يبحثان تعزيز التعاون المشترك    «التعليم»: التحول المؤسسي في الإدارات والمكاتب لا يرتبط بالموظف مباشرة    لسرعة الفصل في النزاعات الطبية.. وزير العدل يوجه بتدشين مقر دوائر دعاوى الأخطاء المهنية الصحية    رغم المخاوف والشكوك.. «سورية الجديدة» تتحسس الخطى    خير جليس يودّع «عروس البحر» بتلويحة «جدّة تقرأ»    دروس قيادية من الرجل الذي سقى الكلب    الحصبة.. فايروس الصغار والكبار    مدربون يصيبون اللاعبين    تقطير البول .. حقيقة أم وهم !    328 سعودية ينضممن إلى سوق العمل يومياً    مشاعل الشميمري: أول مهندسة في هندسة الصواريخ والمركبات الفضائية في الخليج العربي    استغلال الأطفال على منصات التواصل الاجتماعي يهدد صحتهم النفسية والاجتماعية    الإسلامُ السياسيُّ حَمَلٌ وديع    25 ألف سعودية يثرين الأسواق الناشئة    الإخلاء الطبي يشترط التأمين التعاوني للممارسين الصحيين    الدفاع المدني يؤكد ضرورة إطفاء النار الناتجة عن الفحم والحطب قبل النوم    التأمين يكسب .. والعميل يخسر    «سكن».. خيرٌ مستدام    تمارا أبو خضرا: إنجاز جديد في عالم ريادة الأعمال والأزياء    إبراهيم فودة.. الحضور والتأثير    رسائل    تفسير المؤامرة    السعوديون في هيثرو!    بحضور تركي آل الشيخ ... فيوري وأوسيك يرفعان التحدي قبل النزال التاريخي    النصر ومعسكر الاتحاد!    "رينارد" يعلن قائمة الأخضر المشاركة في خليجي 26    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء ينقذ مراجعاً عانى من انسداد الشرايين التاجية    أدوية إنقاص الوزن قد تساعد في القضاء على السمنة لكن مخاطرها لا تزال قائمة    انفراد العربيّة عن غيرها من لغاتٍ حيّة    الإصابة تبعد الخيبري عن منتخب السعودية    أدبي جازان يحتفل بفوز المملكة بتنظيم كأس العالم ٢٠٣٤ بندوة رياضية أدبية    كاسبرسكي تتوقع نمواً سنوياً متوسطاً بنسبة 23% في السعودية بفضل خبرتها المحلية على مدى 17 عاماً    الهلال الأحمر السعودي بالمنطقة الشرقية يكرم المتطوعين المتميزين في عام 2024م    فيصل بن مشعل يستقبل العميد العبداللطيف بمناسبة تكليفه مديرا لمرور القصيم    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    أمير القصيم يرعى ورشة عمل إطلاق التقرير الطوعي لأهداف التنمية المستدامة في بريدة    وزير العدل يُوجه بتدشين مقر دوائر دعاوى الأخطاء المهنية الصحية بالمحكمة العامة    محافظ بدر الجنوب يستقبل مدير عام فرع الأمر بالمعروف    التجارة تضبط 6 أطنان مواد غذائية منتهية الصلاحية بمستودع في جدة    صحة الحديث وحدها لا تكفي!    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة    د. هلا التويجري خلال الحوار السعودي- الأوروبي: المملكة عززت حقوق الإنسان تجسيداً لرؤيتها 2030    وزير الدفاع يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأسترالي    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان "الحفاظ على مقدرات الوطن والمرافق العامة من أهم عوامل تعزيز اللحمة الوطنية"    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    الأمير تركي الفيصل يفتتح مبنى كلية الطب بجامعة الفيصل بتكلفة 160 مليون ريال    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انطلاق أوروبا من الواقع فرصة لاستئناف البناء
نشر في الحياة يوم 11 - 11 - 2006

حاول بعض من أدلوا برأيهم في الاستفتاء الفرنسي على الدستور الاوروبي، التقليل من خطورة الدواعي اليه، وتصوير هذه الدواعي في صورة الحوادث والعوامل الثانوية والقاصرة عن التطرق الى مسيرة بناء أوروبا الجليلة والفخمة. وهذا انحراف مقلق عن المنطق الديموقراطي. فكأن المسيرة الاوروبية مستقلة عن آراء المواطنين المقترعين. ولكن التقويم المستخف هذا لم يدم، فسرعان ما ظهر ان شعوباً اوروبية أخرى تقاسم الفرنسيين تحفظهم. وظهر ان حدة المطالبة الاجتماعية تتصل بالمعجزات المتوقعة من اوروبا الاتحادية، وان وراء الغضب الاجتماعي مشاغل غير بعيدة من الهوية الوطنية وهذه المشاغل لم تعتبر ولم تحتسب. وعلى هذا، لم يدر الفرنسيون والهولنديون ظهورهم الى اوروبا، ولم ينقلبوا مناهضين لها، ولكنهم دانوا صيغة"اوروبا"المفتعلة والمقحمة والمفرطة التي غلبت منذ بعض الوقت.
وأوروبا الواحدة، على مثال"ولايات اوروبا المتحدة"، صيغة مثالية ينبغي الرجوع عنها، على رغم حفزها الجهود السياسية غداة الحرب الثانية. فهي استنفدت اغراضها. ولعل صيغة"فيديرالية الدول - الامم"هي الاقرب الىالتعقل والمتاح. وهي، في ذهني، ضرب من الكونفيديرالية، وفي وسطها منطقة العملة الموحدة، اليورو، وتحوطها المنطقة هيئات فيديرالية. ويفترض هذا الاقرار بأن الدول - الامم الاوروبية لن تندثر. ولا ينكر ان الهوية والسيادة تنطويان على انحرافات محتملة، من غير ان يقود هذا الى انكار مشروعيتهما انكاراً تاماً وقاطعاً. ولا رجاء الا في الرجوع الى برنامج أو أفق أوروبي تقبله الشعوب. وأما الحلم باضطلاع بروكسيل، عاصمة اللجنة الاوروبية، بدور توحيد قومي كذلك الذي اضطلع به بعض ملوك ووزراء القرن السابع عشر، والحط بالامم والحكومات الى مرتبة الاقطاعيات البائدة، فالارجح ان استفتاءات الربيع الماضي طوتهما ودانتهما.
ولا شك في ان لهاث الاتحاد الاوروبي وراء صيغ متجددة كل ثلاثة اعوام، ووعد الادارة الاوروبية مواطني الدول بتخطي المراحل الوسيطة الى الصيغة الاوروبية الآتية والمفترضة أعمق من سابقتها وأكمل، ارهق الدول ومواطنيها. فتخلت الدول والحكومات عن مسؤولياتها السياسية، وألقتها على عاتق اوروبا. وذهب حكام، تارة، الى ان الذنب هو ذنب اوروبا. فاذا قبلنا ان البناء الاتحادي بلغ، عموماً، غايته، واستوى متوازناً، لزمن ان نستعيد مسؤولياتنا. فثمة صلاحيات اوروبية ينبغي تدبيرها وادارتها على خير وجه. وهي الصلاحيات الحالية نفسها، الى بعض الاضافات في مضمار البيئة أو الاطراحات بعض عناصر السياسة الزراعية المشتركة. ويبقى الشطر الاعظم، أي الوطني. وهذا لا مناص من الاضطلاع بمسؤولياته السياسية والوطنية المدنية. ولعل تمييز مراتب الصلاحيات واختصاصاتها دواء ناجع لمصادرة الديموقراطية، والشكوى منها التي تنتاب سكان البلدان الديموقراطية المعولمة، وتؤدي الى تعاظم الاستنكاف الانتخابي. ولا تقتصر صحة هذا على المضمار الاجتماعي.
والحق ان الاستفتاءات لم تتولّ الا ادانة النزعة الاوروبية الغالية في نزوعها الى التوحيد والدمج والابتلاع. وما عدا هذا، فأوروبا لا تزال قائمة، هي وهيئاتها ومعاهداتها. وفي اطار اوروبا هذه، في الوسع التخطيط بين 25 عضواً لسياسات مشتركة، وتقوية التعاون، واتاحة المجال لمبادرات مجموعات جزئية داخل الهيئات والمؤسسات او خارجها، والمبادرة الى سياسات وطنية ذكية يتناغم بعضها مع بعضها الآخر ولو خارج الاطار الاتحادي والاختلاف على سياسة التوسيع يبعث على حدة المرونة. فغداة ماستريشت، تطلع الفرنسيون الى اليورو، ثم الى الوحدة السياسية، ورجوا ان تكون هذه مكافئ الولايات المتحدة الاميركية. وفي الاثناء، عقدت الدول الاخرى آمالها على ترشيح مرشحيها الى العضوية. وحُمل التوسيع، من غير مناقشة المعايير مناقشة جادة، على الخروج من ميونيخ التخلي عن تشيكوسلوفاكيا اتقاء تهديد هتلر، 1938، ويالطا تقسيم العالم بين الدول العظمى في 1943 وما تبعهما.
والى اليوم، ينكر البريطانيون ان ثمة قيوداً على توسيع الاتحاد الاوروبي ينبغي الاقرار بها والتزامها. ويذهب صحافيون ألمان الى ان قبول كردستان ديموقراطية في اوروبا، واجب اخلاقي وسياسي. ويقترح جيريميك الوزير البولندي سابقاً عضوية اسرائيل وفلسطين، فيما لا يهدأ برلوسكوني خاطر ما لم تقبل روسيا. ويسأل بعضهم: اذا استقبلت تركيا، فلم لا يستقيل المغرب؟ فيغفل عن ان رعاية الشعوب المكلومة او المتعثرة ليست شاغل اوروبا الاوحد، وعن ان اسداء اوروبا خدمات يسعها ان تسديها لا يعود على اوروبا نفسها بالقوة والتماسك والفاعلية. ورفض الاقصاء ينبغي ألا ينقلب فرض مصاهرة لازماً. ومن وجه آخر، ليست السياسة الزراعية المشتركة ماضياً بائداً وشراً كلها، على خلاف زعم توني بلير. وشراء اوروبا سلعها الزراعية كلها من خارجها، سياسة متهورة. ولكن بريطانيا جزء من اوروبا السياسية، وفرنسا لا تنادي بسوق مصغرة. فينبغي مناقشة بلير، وحمل مناقشته ونهجه على محمل الجد.
ومعاهدة نيس هي القانون الى حين بلوغ الاعضاء 27 دولة. والحقل الذي حضن ايرباص وآريان الاقمار الاصطناعية والاتصالات وايراسموس التنسيق البحثي وغاليليو التنسيق الفضائي لا يزال خصباً ومنجباً. ومناهضو الدستور الاوروبي لا يناهضون ايراسموس ولا غاليليو. فلا ينبغي توقع معجزات مصدرها الابنية الدستورية والهيئات. ففي اطار هذه، على ما هي عليه اليوم، يسعنا الا نصنع شيئاً، ويسعنا ارتكاب الاخطاء، كما يسعنا ان نتدبر أمرنا على أحسن وجه. فعلينا الاقلاع عن انتظار المجتمع المثالي من بين يدي الابنية والهيئات السياسية وليس تدبير السياسة الاجتماعية من شأن اوروبا. فهذه السياسة تفترض قرباً وتضامناً اطارهما الدولة - الامة. ولا ضمان اوروبياً للسير على خلاف وجهة العالم.
عن أوبير فيدرين وزير خارجية فرنسا في حكومة ليونيل جوسبان، 1997 - 2002، لوديبا الفرنسية، 9-10/2005


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.