عندي نظارة شمس سوداء. ويضم هاتفي الخلوي تقنية بلوتوث BlueTooth. نظارتي رقيقة الملمس، لكنها قاسية اللون. في امكان يدي أن تحتوي تلك النظارة بالكامل، فأحس أنني امتلكها تماماً. لا يظهر لي من البلوتوث سوى تلك الأيقونة الصغيرة على شاشة الخلوي، وبقربها كلمة بلوتوث بالانكليزية. تحيط يداي بالشاشة، وتبقى الأيقونة محمية: انها هناك تحت الشاشة، في الضوء اللامع والألوان التي تسطع كلما رنّ الهاتف. لا تحيط يداي بالايقونة. وأعرف أنهما لا تستطيعان الإحاطة بتكنولوجيا البلوتوث. إذا كنت لا استطيع الإحاطة بها، فهل أنا فعلاً امتلكها؟ أضع النظارة على عيني، فتخفيهما. هل تخفيان وجهي وشخصيتي؟ أحياناً، أُفاجأ عندما أعرف أنها أخفتني عن بعض ممن يعرفونني. وتُخفيني البلوتوث. إنها تسمح لي بأن أختفي، وأن أحدث الآخرين وكأنني لست"أنا". اتّخذ لي اسماً وهوية. تعطيني البلوتوث اسماً وهوية، حتى لو كانت من اختياري. إنها هي سبب الاختيار ومُبرره وأداته: لأنها تستطيع أن تخفيني، وأن تجعلني"آخر"، وتُمكنني من اختيار ذلك"الآخر"كما أريد. لا أعرف أين سمعت أن اختياراً خفياً كهذا يفسح للانسان بأن يُسقط عليه رغباته الدفينة. هل هذا صحيح؟ هل أختار اسمي على البلوتوث لأنني"أرغب"في أن أكون من يشير اليه ذلك الاسم؟ لنقل ان يولا هو أحب الأسماء اليّ على البلوتوث، هل يعني ذلك انني اريد أن أكون يولا؟ وبعد، فمن هي يولا أصلاً لكي أحب أن أكونها! أنها مجرد اسم. أُسمي نفسي يولا لأدخل في لعبة الاسماء. البلوتوث تقنية افتراضية. يولا افتراضية أيضاً. تقول أغنية لفيروز"عينينا هيي أسامينا". وعندما تخفي النظارة عيني، فأي اسم تُخفي: يولا أم أنا؟ لا تخفيني النظارة، ولا تُخفي غيري أيضاً. شاهدت على التلفزيون فيلماً عربياً قديماً اسمه"النظارة السوداء"بطولة نادية لطفي. يقول الفيلم ان النظارة لا تُخفيها. وفي فيلم"ماتريكس"Matrix، تظهر شخصيات بنظارة سوداء، نعرفها لأنها تصنع نظارة سوداء. إذاً، النظارة لا تُخفي أحداً. وكذلك لا يُخفي البلوتوث أحداً. لكننا نُكثر من اللعب بالأسماء وبالنظارة وبالوجوه وبالأنا وبالآخر وبال... بلوتوث! [email protected]