البنك الدولي يعزز تمويلاته المخصصة لتخفيف آثار التغير المناخي    محافظ حفرالباطن يرأس المجلس المحلي    محافظ الزلفي يلتقي مدير إدارة كهرباء منطقة الرياض    الأمم المتحدة تؤكد أنها نفذت خطط الاستجابة الإنسانية ل 245 مليون شخص    الأخدود يتعادل سلبياً مع القادسية في دوري روشن للمحترفين    أمطار متوسطة على منطقة المدينة المنورة    «المجنون» و«الحكومة» .. مين قدها    أبها تستضيف منافسات المجموعة الرابعة لتصفيات كأس آسيا تحت 20 عاماً    «الجيولوجيا»: 2,300 رخصة تعدينية.. ومضاعفة الإنفاق على الاستكشاف    5 محاذير عند استخدام العلم السعودي    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    وظيفةُ النَّقد السُّعودي    جمعية النشر.. بين تنظيم المهنة والمخالفات النظامية المحتملة    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    ديفيد رايا ينقذ أرسنال من الخسارة أمام أتلانتا    هدف متأخر من خيمينيز يمنح أتليتيكو مدريد على لايبزيغ    جوشوا ودوبوا يطلقان تصريحات التحدي    مصادرة صوت المدرجات    النصر وسكّة التائهين!    قراءة في الخطاب الملكي    ماكرون: الحرب في لبنان «ليست حتمية».. وفرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين    شرطة الرياض: القبض على مواطن لمساسه بالقيم الإسلامية    قصيدة بعصيدة    حروب بلا ضربة قاضية!    دراسات على تأثير غطاء الوجه على صحة الإناث..!    أدب تختتم ورشة عمل ترجمة الكتاب الأول بجدة    سوق المجلس التراثي بشقراء يواصل استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني 94    التزامات المقاولين    الذكاء الاصطناعي يقودني إلى قلب المملكة    أمانة الطائف تكمل استعداداتها للإحتفاء باليوم الوطني 94    جازان: إحباط تهريب (210) كيلوجرامات من نبات القات المخدر    صحة جازان تدشن فعاليات "اليوم العالمي لسلامة المرضى"    الاستثمار الإنساني    سَقَوْهُ حبًّا فألبسهم عزًّا    هيئة الأفلام تطلق النسخة الثانية من "منتدى الأفلام السعودي" أكتوبر المقبل    نائب أمير جازان يطلق البرنامج الدعوي "انتماء ونماء" المصاحب لليوم الوطني ال 94    محافظ الأحساء: الخطاب الملكي يحمل حرصا شديدا على حماية هويتنا وقيمنا    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    الكويت ترحب بتبني الأمم المتحدة قرارًا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    فريق بحثي سعودي يطور تكنولوجيا تكشف الأمراض بمستشعرات دقيقة    أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بالبرد وتؤدي لجريان السيول على 5 مناطق    المواطن عماد رؤية 2030    المهندس الغامدي مديرا للصيانة في "الصحة"    العواد إلى الثانية عشرة    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 7,922 رجل أمن من مدن التدريب بمناطق المملكة    اليابان تحطم الأرقام القياسية ل"المعمرين"    تعزيز التحول الرقمي وتجربة المسافرين في مطارات دول "التعاون"    الأمير سعود بن مشعل يشهد اجتماع الوكلاء المساعدين للحقوق    إلى جنَّات الخلود أيُّها الوالد العطوف الحنون    وفد من الخطوط السعودية يطمئن على صحة غانم    سلامة المرضى    كلام للبيع    كسر الخواطر    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الحرفي لتقرير ميليس قسم خامس
نشر في الحياة يوم 10 - 10 - 2006

فرق أوروبية للأدلة الجنائية ساهمت في معاينة مسرح الجريمة
استنتاج
كان من الصعب على أفراد من خارج "الحلقة الضيقة" المحيطة بالحريري ان يتوقعوا الطريق التي سيسلكها موكبه في 1 شباط 2005. شاحنة "الميتسوبيشي كانتر" التي ظهرت في شريط البنك البريطاني هي التي كانت تحمل المتفجرات. إهمال السلطات اللبنانية في اتخاذ إجراءات التحقيق الملائمة ومسح احترافي كامل لمسرح الجريمة بعد التفجير مباشرة جعل من الصعب حل مسائل رئيسة تتعلق بتنفيذ التفجير، مثل نوع المتفجرات المستخدمة، او قد يكون الإهمال تسبب في فقدان دليل مهم مثل أشرطة فيديو أمنية مفيدة.
استخدام بطاقات الهاتف المدفوعة سلفاً
144 أشارت التحقيقات التي قامت بها قوى الامن الداخلي والاستخبارات العسكرية الى ست بطاقات مدفوعة سلفا، واثبتت التسجيلات الهاتفية انها كانت محورية في التخطيط للاغتيال. وفي 14 شباط فبراير 2005، بدءاً من الساعة 11 قبل الظهر، اظهرت مراكز تسجيل المخابرات الخلوية ان ثمة هواتف خلوية تستخدم هذه البطاقات الست، وقد تم تحديد موقعها في المنطقة الممتدة بين ساحة النجمة وفندق سان جورج، ضمن مسافة بضع بنايات. وتم إجراء عدد كبير من الاتصالات بين هذه الخطوط حصراً. وتوزّع حاملو هذه الهواتف كلّ في موقع, بحيث يغطون كل الطرق التي تربط البرلمان بقصر قريطم. أي ان مراكز تسجيل المكالمات الخلوية اظهرت ان حاملي هذه الهواتف توزعوا بشكل يمكّنهم من تغطية كلّ طريق يحتمل ان يسلكها الحريري في ذلك اليوم. وأجرى أحد حاملي الهواتف، الذي حُدد موقعه قرب البرلمان، اربع مكالمات مع الهواتف الاخرى في الساعة 12.53، أي موعد مغادرة موكب الحريري ساحة النجمة في 14 شباط، دقائق قليلة قبل التفجير. وقد عُطلت هذه الخطوط الستة بعد التفجير.
145 اظهر التحقيق لاحقاً ان هذه الخطوط الستة إضافةً إلى خطين اخرين وضعت في التداول في الرابع من كانون الثاني يناير 2005 عبر الاتصال بالرقم 1456، كلها في وقت واحد، وفي المكان نفسه في شمال لبنان بين تربل والمنية. ومنذ ان تم شراؤها في مطلع كانون الثاني ينير 2005، وحتى وقت التفجير، لم تجر هذه الخطوط اتصالات سوى مع بعضها البعض. في تلك الفترة وحتى تاريخ الاغتيال، بدا انه ثمة علاقة بين مواقعها وتحركات الحريري، ما يفترض انها قد تكون استخدمت لتعقّب تحركات الحريري في تلك الفترة.
146 اللجنة، وبالتنسيق مع السلطات اللبنانية، واصلت التحقيق في مصدر تلك الخطوط. وتبين انه تم الحصول على الخطوط الستة، إضافةً إلى اربعة اخرى، من شركة "باور غروب"، وهو متجر يُزعم ان مالكه هو عضو ناشط في الاحباش تربطه علاقات طيبة بالشيخ احمد عبد العال. وبحسب سجلات الشركة، تم تسليم الخطوط الى فرع طرابلس التابع للمتجر. وافاد احد الموظفين في فرع طرابلس انه تلقى في30 كانون الاول 2004، اتصالا من رائد فخر الدين، وهو رجل اعمال ومستشار لرئيس الوزراء السابق عمر كرامي. اراد رائد فخر الدين شراء عشرة خطوط هاتفية مدفوعة سلفا بصورة عاجلة. ولاحظ الموظف ان الطلب نفسه غير معتاد لان رائد لا يشتري عادة خطوطا من متجر طرابلس وليس لديه علاقة تجارية مع متجر طرابلس بخلاف شراء اجهزة. الا انه تم تحديد موقع البطاقات العشر التي تحمل هذه الخطوط المحددة، وارسل رائد فخر الدين احد الاشخاص لاخذ البطاقات التي تحمل هذه الخطوط من متجر طرابلس. وافاد هذا الشخص اللجنة انه دفع 700 دولار نقدا في متجر طرابلس لشراء هذه البطاقات وسلّمها الى فخر الدين. وفي ذلك اليوم، لم يتم ملء استمارات الشراء المتوجّب ملؤها قانونياً عند شراء الخطوط، وتم ذلك بعد اسبوعين من شراء الخطوط، في 12 كانون الثاني 2005. وتبين ان البطاقات التعريفية اللازمة التي قدمها رائد كانت مزيفة. وفي 14ايلول 2005، اوقفت قوى الامن الداخلي رائد فخر الدين مع اخرين متورطين في نقل هذه البطاقات وبيعها. وقد استجوبت اللجنة رائد فخر الدين لاحقاً. وفي ذلك الاستجواب، بينما اعترف بشراء الخطوط، نفى فخر الدين انه يعرف أي معلومات حول استخدام هذه الخطوط في عملية اغتيال الحريري.
147 من بين الأجهزة الخلوية العشرة التي استخدمت فيها هذه البطاقات الخلوية العشر، تم تقفي خمسة أجهزة منها الى متجر في طرابلس.
إستنتاج
يعتبر التحقيق في قضية خطوط الخلوي المدفوعة مسبقا احد اهم الدلائل في هذا التحقيق لجهة معرفة من كان فعلياً ينفذ الاغتيال ميدانياً. يحتاج هذا الخط في التحقيق الى متابعة حثيثة.
اجهزة التشويش
148 - يتضمن موكب الحريري 3 سيارات مزودة اجهزة تشويش، مصممة للتشويش على اشارات التحكم عن بعد روموت كونترول للمتفجرات المرتجلة.
149- على رغم ان لجنة التحقيق تلقت معلومات من مصدر مفادها ان أحد المقرّبين الموثوق بهم من الحريري تلاعب باجهزة التشويش قبل الانفجار، الا ان اللجنة لم تتمكن من تأكيد هذه المعلومات. في الحقيقة، تشير كل الدلائل المتوافرة الى ان اجهزة التشويش كانت جاهزة للعمل وفي حال عمل جيدة وقت الاغتيال. وصرح المسؤولون عن ادارة اجهزة التشويش بأنهم كانوا يقومون بفحص شامل للاجهزة كل 3 اشهر، وان اخر فحص أُجري في كانون الثاني 2005 ولم تلاحظ اي مشاكل. وكذلك فإن اجهزة التشويش تم فحصها من قبل اعضاء فريق الحريري الامني بشكل شامل قبل يومين من الانفجار حيث كانت في وضع جيد. ومن بين اجهزة التشويش الثلاثة كان واحد منها مدمرا بالكامل بالانفجار، والاخر كان محترقا لكن تم استرداده والاحتفظ به كدليل، والثالث كان لا يزال يعمل، وبعد اخضاعه للفحص تبين انه يعمل بشكل جيد. كذلك فإن تقرير فريق خبراء المتفجرات الالماني حول الجهازين اللذين احتفظ بهما كدليلين اكد انهما كانا يعملان. اخيرا فإن شركتي الخلوي MTC TOUCH وALFA افادتا انه جرى التشويش على شبكتيهما في 14 شباط من نحو الساعة 12 حتى الساعة الواحدة بين ساحة النجمة وفندق السان جورج. اعادت لجنة التحقيق بناء الحدث في 19 آب بالتعاون مع MTC وALFA، من خلال تسيير 3 مركبات مشابهة للتي كانت في موكب الحريري ومجهزة بأجهزة التشويش نفسها، على الطريق ذاته التي سار فيها الموكب من ساحة النجمة الى فندق السان جورج. وكانت نتائج إعادة بناء الحدث مشابهة للتشويش الموقت للاتصالات الذي حدث في 14 شباط فبراير، وتم الأخذ بعين الاعتبار أيضاً العناصر الاخرى التي قد تؤثر على الاتصالات في المنطقة. لذلك، يمكن التصور انه على الاقل واحد من اجهزة التشويش الثلاثة كان جاهزا للعمل وقت الانفجار.
150 على الرغم من ان واحدا من اجهزة التشويش على الأقل كان يعمل، أظهر التحقيق ان هناك اساليب لتجاوز اجهزة التشويش أو تفاديها أو الهروب منها أو استعمالها. هناك احتمالات مختلفة تتضمن التفجير الانتحاري، تفجير لاسلكي باستخدام ترددات مختلفة عن ترددات جهاز التشويش، تفجير لاسلكي باستخدام ترددات اجهزة التشويش نفسها، تفجير لاسلكي باستخدام هاتف الثريا الذي يعمل بالقمر الاصطناعي، وهي الشركة الوحيدة المسموح لها العمل على الاراضي اللبنانية باستخدام موصلات الاقمار الاصطناعية، تفجير سلكي باستخدام سلك TNT او تفجير سلكي باستخدام نوع اخر من توصيلات الاسلاك مثل خطوط الهاتف كسلك توصيل. وبناء على تحقيق اللجنة حتى الان، وبنوع خاص في ما يتعلّق بنتائج فحوصات الطب الشرعي التي أجراها الفريق الالماني في مسرح الجريمة، تبين انه من المحتمل ان يكون انتحاريا تسبب بالانفجار، فإن الاحتمالات الاخرى تحتاج الى تحقيق ابعد، لمعرفة ما اذا كانت كافية وحدها او مرتبطة بتفجير انتحاري.
استنتاج
يبدو ان اجهزة التشويش في موكب الحريري كانت جاهزة للعمل في 14 شباط وقت الانفجار. وقد يؤدي اجراء تحقيق اضافي الى تقديم معلومات عن كيفية تشغيل وحدات التفجير المستخدمة.
التدخل في الاتصالات في وسط بيروت
151 تلقت لجنة تحقيق الامم المتحدة المستقلة معلومات عن انه كان هناك تشويش في 14 شباط 2005 من الساعة التاسعة الى الساعة الثانية من بعد الظهر على هوائي اتصالات يغطي منطقة رياض الصلح، التي تتضمن مسرح الجريمة. جرى التحقيق في هذه المعلومات مع وزارة الاتصالات. تم تأكيد هذه المعلومات من خلال معلومات قدمتها شركة التشغيل MTC TOUCH. بناء على ذلك، فإن مستخدمي الهواتف الخلوية في مسرح الجريمة قد لا يكونون قد استخدموا هذا الهوائي المحدد وجرى تحويلهم الى هوائيات اخرى. لم يتم العثور على دليل الى الآن يمكن ان يشير بوضوح الى تلاعب داخلي في MTC TOUCH، علما ان هذا التلاعب لم يجر استبعاده كليا الى الان. يبقى احتمال مواز ان شخصا من الخارج، منظمة اجرامية، شركة او سلطة قد تكون قادرة على إثارة تشويش مماثل، على سبيل المثال من خلال تجهيزات خلوية. اضافة الى ذلك، لا يمكن استبعاد ارتباط مباشر بين هذه التشويشات والاغتيال.
استنتاج
يظهر انه كان هناك تشويش على هوائي اتصالات في مسرح الجريمة خلال وقت ارتكاب الجريمة. هذا خط في التحقيق يجب ان يتابع بشكل حثيث.
مسرح الجريمة
152 قبل إنشاء لجنة التحقيق، لم تعاين السلطات اللبنانية بشكل معمّق مسرح الجريمة. وبما ان هذا الأمر يعبتر اساسا لاي تحقيق في جريمة، رأت اللجنة انه من الضروري السعي للحصول على مساعدة الدول الاعضاء في الامم المتحدة لمساعدة الخبراء في تحديد، في الدرجة الأولى، ما اذا كان الانفجار حدث تحت الارض او فوقها.
فريق الأدلّة الجنائية الالماني
153 في 6 تموز 2005، قدّم فريق الأدلّة الجنائية الالماني الذي يتضمن 4 خبراء في الطب الشرعي، تقريره للجنة تحقيق الامم المتحدة المستقلة2. وورد في أهم فقرات التقرير: "ان النتائج والاستنتاجات التي توصل اليها فريق الخبراء السويسريين قد تكون صحيحة بالكامل, بسبب اجزاء شاحنة المتسوبيشي المتبعثرة، يمكن افتراض ان الشاحنة لعبت دورا اساسيا في العملية ويمكن ان تكون استخدمت كحاملة للقنبلة.
بعد تقويم كل الحقائق والتقديرات تبين إن الانفجار فوق الارض هو الامكانية الاكثر احتمالاً. ففي انفجار من هذا النوع، من المفترض ان يبلغ وزن المتفجرات المستعملة نحو 1000 كلغ. وتم استخدام متفجرات شديدة الانفجار.
وأظهر فحص عينة "أ" من جدار الشاحنة انه تم استخدام مادة TNT. لكن هذه النتيجة لم يتم التوصل اليها بحضور خبراء لجنة تقصي الحقائق التابعة للامم المتحدة، ولذلك يجب النظر اليها كنتيجة اولية وليس نهائية. خلال عملنا في موقع الحادث لم يكن باستطاعتنا تحري اي اشارات بالنسبة لنوع جهاز التفجير الذي استخدم.
فريق الأدلّة الجنائية الهولندي
154 بين 12 آب و25 أيلول 2005 تفحّص فريق أدلة جنائية هولندي موقع الجريمة ومحيطها ذي الصلة. تضمن الفريق سبعة خبراء متخصصين في الأدلة الجنائية الخاصة بالتحقيق بعد الانفجار. وكان غرض التحقيق الجنائي في موقع الانفجار هو العثور على أدلة مادية لتكوين القنبلة المعدّة محلياً، التي سبّبت الانفجار. وتفحص موقع الجريمة بعد مرور نحو نصف سنة على حدوثها امر غير مألوف. علاوة على ذلك، كان معلوماً ان موقع الجريمة عُبث به مرات عدة. وهذا يضعف كثيراً قوة الاستنتاج الذي يمكن استخلاصه من الموقع الذي وجدت فيه الأدلة. ولا يمكن ان نستبعد أبداً ان المواد في موقع الجريمة، قد عبث بها أحدهم، أو وُضعت عمداً هناك. وبغض النظر، كان ثمة احساس بضرورة اجراء مسح جنائي شامل للموقع، لا سيما لاحتمال ان بعض الأمكنة في موقع الجريمة لم تتلوّث، مثل الطوابق العليا في بيبلوس وفندق "سان جورج". وقد تم تطويق موقع الجريمة في 15شباط 2005، حسبما تقول قوى الأمن الداخلي، وأقيمت عليه الحراسة 24 ساعة في اليوم سبعة أيام في الأسبوع منذ ذلك اليوم.
155 ساعد كثير من الناس الفريق الهولندي في التحقيق في موقع الجريمة، منهم ضباط الأدلة الجنائية في قوى الأمن الداخلي، وفريق غطاسين بريطانيين، وخبير متفجرات فرنسي، وعالم أدلة جنائية من شمال ايرلندا، ومهندس كهربائي ألماني متخصص في اجهزة التشويش، وفريق خبراء يابانيين في التحقيق في مواقع الجرائم، وخبير سيارات ألماني، وخبير سيارات هولندي وعدد من الخبراء اللبنانيين.
156 سُلّم الى اللجنة تقرير متماسك وشامل عن الخلاصة والنتائج المستقاة من التحقيق في موقع الجريمة. والتقرير في 87 صفحة وقد تضمن في خلاصته اربعة استنتاجات أساسية:
1 انفجار مواد شديدة الانفجار
يثبت الضرر الذي لحق بالمباني والسيارات وأْعمدة الانارة المحيطة بالمكان والأشياء الأخرى القريبة من الانفجار ان مقداراً كبيراً من المتفجرات استخدم في التفجير عند الجانب الأيسر امام المدخل الاساسي في فندق "سان جورج"، في شارع ميناء الحصن. وأشعل الانفجار النار في عدد من السيارات على مسافة بين 20 و30 متراً من مركز الانفجار. ومن الضرر الذي تسبب به الانفجار يبدو واضحاً انه كان ناتجاً من مواد شديدة الانفجار.
2 شاحنة متسوبيشي الصغيرة
طبقاً للأدلة المادية التي جُمعت والبقايا البشرية التي تعرّف اليها خبير الأدلة الجنائية اللبناني، وشريط مصرف "اتش.اس.بي.سي" والضرر اللاحق بالسيارات التي كانت متوقفة في الشارع، يرجح ان التفجير حدث بواسطة شاحنة متسوبيشي صغيرة كانت تحمل القنبلة المصنوعة محلياً، ففجّرت لدى مرور سيارات موكب الحريري الست. وقد وجد رقم محرك هذه الشاحنة بين الركام في ساحة الجريمة. وأرشد رقم المحرك هذا الى رقم تسجيل السيارة وسنة صنعها.
ولم يُعثر على بقايا من القنبلة المصنوعة محلياً بين الركام، سوى قطع شاحنة المتسوبيشي الصغيرة التي وضعت فيها القنبلة المصنوعة محلياً. وكان هذا متوقعاً بسبب قوة الانفجار وحجم المتفجرات المستخدمة. ووُجدت بعض قطع متضررة من دارة كهربائية قد تكون استخدمت في التفجير. لكن لا بد اولاً من ان يتفحص خبراء كهرباء السيارات بقايا هذه الدارة، التي قد تنم عن وجه استخدامها.
3 موضع سيارات الموكب والسيارة المفخخة
حين فُجّرت الشحنة الناسفة كانت شاحنة متسوبيشي الصغيرة متوقفة تقريباً في صف السيارات الأخرى المتوقفة على الشارع امام فندق "سان جورج"، ومقدمها مواجه للغرب. ولم تكن متوقفة باصطفاف تام مع بقية السيارات، استناداً إلى اتجاه قوة الانفجار إلى سيارة فورد الحمراء التي كانت على الأرجح الغالب متوقفة مباشرة أمام الشاحنة متسوبيتشي. وقد أصيبت سيارة فورد هذه بأشد الضرر من يسار الخلف. وهذا يعني أن الشاحنة الصغيرة لم تكن متوقفة باصطفاف تام مع السيارة الحمراء فورد.
وبين سيارات الموكب الست كانت السيارة السوداء مرسيدس، ورقمها 404 هي الأقرب إلى مركز الانفجار، حين فجّرت الشحنة الناسفة، وكانت اتجاه قوة الانفجار نحو هذه السيارة من الجانب الأيمن. وهذا يعني على الأرجح انها كانت بجانب الشاحنة ميسوبيتشي. ومن ملامح الضرر يمكن القول إن السيارات حاملة الأرقام 401 و402 و403، وكان في الأخيرة السيدان الحريري وفليحان، كانت قد مرت لتوّها بجانب الشاحنة ميتسوبيشي حين حدث الانفجار. ووقع أشد الضرر بالسيارتين 405 و406 في الجانب الأمامي الأيمن، أي انهما لم تكونا قد تجاوزتا الشاحنة ميتسوبيشي بعد، حين حدث الانفجار.
4 جهاز تفجير القنبلة المصنوعة محلياً
تدل الأدلة المادية في هذا التقرير والعثور على أشلاء بشرية صغيرة لشخص غير معروف، وعدم العثور على أشلاء كبيرة مثل السيقان أو الأرجل أو الكف أن تشغيل العبوة الناسفة تولاه انتحاري.
وثمة احتمال آخر أضعف بقليل، وهو التفجير من بعد. إلا أن أي أثر لجهاز التفجير من بعد، لم يعثر عليه في موقع الجريمة.
فريق الأدلة الجنائية البريطاني
157 في 5 أيلول 2005، سلم فريق الأدلة الجنائية البريطاني تقريره إلى اللجنة. وكان الفريق مؤلفاً من سبعة أشخاص. وكان غرضه فحص قاع البحر ومرفأ السفن السياحية المجاور لموقع الجريمة. وفيما كان الفريق يقوم بمهمته، عاونه غطاسون لبنانيون من فريق الإطفاء والإنقاذ في الدفاع المدني. وجمعت 40 قطعة في هذا المسح البحري، ومعظمها ركام سيارات.
فريق الأدلة الجنائية الياباني
158 في 27 أيلول 2005، سلم فريق الأدلة الجنائية الياباني تقريره، وكان مؤلفاً من ثلاثة خبراء أدلة جنائية يرافقهم مترجم. وكان غرض الفريق التعرف على شاحنة ميتسوبيشي الصغيرة.
159 تفحص الفريق الياباني كل الأدلة المجموعة من موقع الجريمة وأحصى 69 قطعة يشتبه في أنها قطع من الشاحنة المذكورة، من هذه 44 قطعة تأكد انها قطع شاحنة ميتسوبيتشي صغيرة، من صنع شركة "ميتسوبيتشي فيزو" في اليابان.
160 عرفت أخيراً الشاحنة الصغيرة ميتسوبيشي. فقد سُرقت من مدينة ساغاميهارا في اليابان، في 12 تشرين الأول 2004.
خبراء القنابل المصنوعة
محلياً الايرلنديون والفرنسيون
161 وافق الخبراء على ما جاء في تقرير خبراء الأدلة الجنائية الهولنديين.
الاستنتاج
حدث الانفجار الذي قتل السيد الحريري و22 آخرين فوق سطح الأرض، ولهذا الغرض استُخدم ما لا يقل عن 1000 كيلوغرام من المتفجرات العسكرية.
162 - بذلت اللجنة جهوداً مكثفة لوضع خريطة تحرك الحريري وما فعله قبل الانفجار، وكذلك التحركات الأخرى، من أجل اكتشاف الحافز والأسباب وراء هذه الجريمة.
163 - عُقدت لقاءات مع أقاربه ومعاونيه وأصدقائه والعاملين معه وزملائه، ولم يفض أي من هذه الجهود إلا إلى الوقائع التي مهدت لاستقالة الحريري من رئاسة الحكومة.
164 - عززت هذه المعلومات الفكرة عن التوتر الذي ساد العلاقة بين الحريري من جهة وبين الرئيس لحود والسلطات السورية من جهة أخرى. واستخلص دليل من مكالمة هاتفية أجريت بين اللواء غزالة ومسؤول لبناني كبير في 19 تموز يوليو 2004، والحوار بين الرئيس الأسد والحريري في 26 آب 2004، في سورية، والطلب الذي توجه به الى السيد الحريري كل من يحيى العرب، ووسام الحسن وسليم دياب في تشرين الأول اكتوبر - تشرين الثاني نوفمبر2004 لزيادة الأمن حوله بسبب التوتر، فردّ الحريري "أنهم لا يجرؤون على المسّ بي"، واللقاء بين الجنرال غزالة ويحيى العرب في 13 شباط فبراير 2005، وردّ السلطات اللبنانية على توزيع زيت زيتون خلال شباط 2005.
165 - جرى استجواب كل اللاعبين الرئيسيين في السلطات اللبنانية ذات الصلة، وكذلك الخبراء المنخرطين في الاجراءات الأولية للتحقيق. فاظهر التحقيق الاولي ان أحداً لم يقل ان لديه أي مؤشر مهما كان صغيراً الى ان شيئاً ما يجري حول الحريري ويمكن ان يهدد حياته. الجهود التي قامت بها اللجنة خلال فترة محدودة من الوقت وصلت إلى استنتاج مناقض تماماً. فكانت هناك اشارات عدة متعلقة بأمن الحريري في محيطه المباشر، بعد ما حصل في النصف الثاني من عام 2004، خصوصاً في ما يتعلق بمحاولات لبنانية سابقة لاستهداف أفراد بالمتفجرات.
166 - في 30 آب 2005، أوقفت السلطات اللبنانية واحتجزت أربعة مسؤولين رفيعي المستوى في الجهاز الأمني والاستخباراتي اللبناني، بعد مذكرات اعتقال أصدرها المدعي العام اللبناني بالاستناد إلى توصية من لجنة التحقيق الدولية بأن هناك سبباً يستدعي توقيفهم واحتجازهم بتهمة التآمر للقتل المرتبط باغتيال الحريري. الأشخاص الموقوفون هم المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيّد والمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج والمدير السابق للاستخبارات العسكرية العميد ريمون عازار ورئيس الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان.
167 - استجوبت لجنة التحقيق الأربعة بحضور محامين، وبقي كل منهم ينفي أي تورط له بتخطيط أو تنفيذ اغتيال الحريري، أو أي علم مسبق بمثل هذه المؤامرة، أو القيام أو إصدار الأمر بالقيام بأعمال مخصصة لاعاقة التحقيق بعد ذلك.
168 - كما في أي تحقيق، انطلقت اللجنة من ضحايا الجريمة، ومسرح الجريمة والشهود، وركزت على خمسة تحقيقات فرعية.
- أحمد ابو عدس
169- ركز عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المتعلق بالسيد أحمد ابو عدس على محاولة تحديد أماكن وجوده وتقويم احتمال ان يكون هو فعلاً المفجر الانتحاري مثلما زُعم.
170- لم تتمكن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة من مقابلة والد السيد أبو عدس، الذي كان خضع لاستجواب من قبل السلطات اللبنانية في 14 شباط 2005، لأنه توفي في 7 آذار مارس بعد فترة قصيرة على استدعائه للمثول امام قاضي التحقيق.
171- والدة السيد ابو عدس، نهاد موسى، خضعت للاستجواب من قبل لجنة التحقيق الدولية المستقلة في 7 تموز 2005، وهي كانت خضعت قبل ذلك للاستجواب اربع مرات على الاقل من قبل السلطات اللبنانية، المرة الاولى في 14 شباط 2005. واحتجزت هي ووالد السيد ابو عدس، تيسير موسى، في شكل غير شرعي لنحو 10 ايام. وأفادت انها أبلغت السلطات اللبنانية التالي: اختفى ابنها في 16 كانون الثاني يناير 2005 ولم تسمع عنه شيئاً منذ ذلك الحين. ووفقاً لما قالته، أوضح لها مطلع كانون الثاني انه التقى شخصاً تعرفه هي فقط باسم "محمد" وهو يريد التحول من المسيحية الى الاسلام، وانه ابو عدس كان يساعده في ذلك. وأشار ابو عدس الى ان محمد كان يبدو غنياً وانه يغيب احياناً لفترة اسبوع او ما يقارب ذلك. وبعد إحدى غيباته، عشية السبت في 15 كانون الثاني 2005، اتصل محمد على رقم المنزل. أخبر محمد ابو عدس انه سيأتي لاصطحابه في الصباح التالي وانه يحضّر له مفاجأة. غادر ابو عدس مع محمد في الصباح التالي واعداً أمه بأنه قد يغيب لساعات قليلة، بما انها كانت طلبت منه مساعدتها في تنظيف سجادة كبيرة. لم يعد ابو عدس أبداً. صباح الاثنين تلقت والدته اتصالاً من شخص قال لها ألا تقلق في شأن أحمد فهو في طرابلس حيث تعطلت سيارتهم وهم في انتظار تصليحها. خمّنت السيدة موسى ان هذا الشخص هو ذاته المدعو "محمد" الذي تحدثت معه عبر الهاتف قبل يومين. طلبت التحدث الى ابنها، ولكن قيل لها ان ابنها ينتظر في منزل ليس فيه هاتف وان المتصل يتحدث من مرأب تصليح السيارة. وقال المتصل للسيدة موسى ان ابنها سيعود في الوقت لمساعدتها في تنظيف السجادة. وعند الساعة التاسعة، في اليوم نفسه، تلقت اتصالاً آخر من الشخص المدعو "محمد" الذي قال انهم لم يتعرضوا لحادث وان السيارة لم تتعطل. ومضى المتصل للقول ان ابو عدس اراد الذهاب الى العراق وانه لن يعود. وعندما أعربت السيدة موسى عن دهشتها وقالت ان ابو عدس لم يذكر لها ابداً أي اهتمام من هذا النوع من قبل، قال المتصل انه سيحاول الحصول لها على رقم هاتفه لعلها تغير رأيه. وانهى المتصل المكالمة ولم يتصل بعد ذلك ابداً. ابلغت العائلة عن مفقود لدى قوى الأمن الداخلي في 19 كانون الثاني 2005.
172- في مقابلة تالية مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، أضافت السيدة موسى ان أفضل صديق لأبو عدس رجل اسمه زياد رمضان وكانت التقته باعتباره موظفاً في شركة كومبيوتر قبل نحو سنتين. الاتصال الاخير لها بالسيد رمضان كان بعد ايام على اختفاء ابنها وهو سألها ما اذا كان لديها أي خبر عن ابنها. في المقابلات مع السلطات اللبنانية أكدت السيدة موسى ان ابنها لا يمتلك رخصة قيادة وانهما لا يملكان خط انترنت في منزلها.
173- ان لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة لم تتمكن من تحديد مكان زياد رمضان لاستجوابه. فبعد استجوابه من قبل السلطات اللبنانية في 14 شباط 2005، يبدو ان رمضان عاد الى سورية مع عائلته. وفي مقابلة مع السلطات اللبنانية اعترف رمضان بأنه عرف ابو عدس لنحو سنتين باعتبارهما عملا في الشركة نفسها لمدة شهرين. والمرة الاخيرة التي رأى رمضان فيها ابو عدس كانت يوم الخميس او الجمعة السابق لاختفائه عندما ناقشه ابو عدس في شأن تصاميم أغلفة كتب في عمله الجديد.
174- هناك شخص لم تتمكن لجنة التحقيق الدولية ولا السلطات اللبنانية من مقابلته حتى الآن، يدعى خالد مدحت طه، وهو زميل متدين آخر، وله أهمية مميزة استناداً الى سجلات السفر المسنودة اليه والى بعض الصدف غير العادية. التقى طه ابو عدس عندما كانا طالبين في الجامعة العربية حيث كانا يلتقيان عادة في مسجدها؟ وفقاً لسجلات السفر، غادر طه عبر مطار بيروت الدولي الى الامارات العربية المتحدة في 21 تموز 2003 وعاد الى بيروت في 17 تشرين الاول اكتوبر 2003. السجل التالي له يظهر انه دخل لبنان من سورية براً في 15 كانون الثاني 2005، أي في اليوم السابق لاختفاء ابو عدس. وفي اليوم التالي عاد طه الى سورية براً. لا تظهر السجلات مغادرة لبنان قبل 15 كانون الثاني 2005 ما يشير الى انه دخل سورية قبل ذلك التاريخ في شكل غير شرعي. وكشف تحقيق معمق ان ثلاثة من عناوين البريد الالكتروني لطه كانت تمر عبر سورية والرابع عبر لبنان فيما كان يزعم انه في تركيا. أكثر من ذلك، فان موعد مغادرته الى سورية من لبنان في 16 كانون الثاني 2005 - هو نفسه موعد اختفاء ابو عدس، ما يوحي بوجود علاقة ما بين زيارة الاول لبنان واختفاء الثاني. اضافة الى ان السلطات اللبنانية لم تشر في تقاريرها الى ان طه لم يعتقل ابداً لدخوله غير الشرعي الى سورية قبل 15 كانون الثاني 2005 ولا حتى لدى عودته اليها في 16 كانون الثاني، وهي صدفة غير عادية، ما يعني ان شخصاً ما سهل مغادرته ودخوله. واتصلت لجنة التحقيق بالسلطات السورية لتأخذ منها معلومات مفصلة عن خالد طه، خصوصاً سجلات سفره الى سورية ومنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.