استمر الجدال والنقاش في المانيا أمس حول من فاز ومن خسر في الانتخابات النيابية. وفيما اعلنت مرشحة الاتحاد المسيحي أنغيلا مركل مساء الاحد انها ستكون"المستشارة الجديدة للبلاد"لأن حزبها حصل على أكثرية أصوات الناخبين، واصل المستشار غيرهارد شرودر التأكيد بأن"الشعب أعطاه الثقة مجدداً لتشكيل حكومة تقود البلاد في السنوات الأربع المقبلة". وانعكست نتائج الانتخابات سلباً على البورصات الاوروبية امس ما عدا بورصة لندن التي ارتفع مؤشرها 21.8 نقطة الى 5429.7 نقطة في حين اقتصرت خسارة مؤشر داكس الالماني عند الاقفال على 60.37 نقطة وسجل 4926.68 نقطة. واعتبر اقتصاديون ان"البازار السياسي"الذي ستشهده المانيا قبيل تشكيل الحكومة سيُهدد فرص انعاش الاقتصاد"لأن برامج مختلف الاحزاب اقترحت اصلاحات متضاربة جداً منها ما يعطي حوافز لزيادة عرض السلع ومنها لخفض الضرائب وآخرها لحفز انتاج الشركات وزيادة الطلب على بضائعها". وقال المعلق الاقتصادي اناتولي كالتسكي ان"من سيتسلم الحكم لن ينقذ المانيا التي ستبقى خاسرة على المدى البعيد". وستنعكس الأزمة على اليورو الذي تراجع امس امام الدولار الى ادنى مستوى منذ سبعة اسابيع قبل ان يسترد بعض خسائره. وبغض النظر عن النسب والأرقام التي خرجت من صناديق الاقتراع فالمؤكد أن"مفاجأة يوم الاقتراع"التي وعد بها شرودر تحققت بامتياز بعد أشرس انتخابات نيابية عرفتها البلاد حتى الآن. وتمكن شرودر كما في العام 2002من قلب الطاولة على رؤوس خصومه السياسيين الذين أصيبوا ليل الاحد بصدمة كبيرة، بعدما تأكد خطأ تقديرات معاهد الاستطلاع اذ تقلصت ال 42 في المئة المتوقعة لحزب مركل الى 35.2 في المئة فقط 38.5 في المئة عام 2002. وحصل"الحزب الاشتراكي الديموقراطي"حسب النتائج الرسمية التي أعلنت أمس على 34.3 في المئة 38.5 في المئة ايضاً عام 2002. أما الفائز الفعلي فكان"الحزب الليبرالي"الذي حصل على 9.8 في المئة 7.4 في المئة وكذلك"حزب اليسار الجديد"الذي نال 8.7 في المئة للمرة الأولى، فيما تراجع"حزب الخضر"من 8.6 الى 8.1 في المئة. وحسب هذه النسب، تبدو خريطة البرلمان المقبل على كالآتي : 225 مقعداً ل"الاتحاد المسيحي"، 222 مقعداً ل"الحزب الاشتراكي الديموقراطي"، 61 مقعداً ل"الحزب الليبرالي"، 54 مقعداً ل"حزب اليسار"و51 مقعداً ل"حزب الخضر". ويتوجب على أي مستشار مقبل ان يؤمن اكثرية نيابية لا تقل عن 307 مقاعد. وأمام عدم قدرة مركل أو شرودر على تشكيل حكومة ائتلافية تتمتع بغالبية المقاعد النيابية مع الحليف المباشر لكل منهما، اي الحزب الليبرالي وحزب الخضر على التوالي، استبعد كل منهما البديل البارز حالياً وهو"التحالف الكبير"بينهما الذي يفضله ايضاً قسم كبير من الناخبين، لكن الاحزاب والهيئات الاقتصادية والنقابات العمالية ترفضه متخوفة من تجميد الأوضاع. وتراجع خيار"التحالف الكبير"في المرحلة الحالية لمصلحة البحث عن تحالف ثلاثي بين الاتحاد المسيحي والحزب الليبرالي وحزب الخضر، أو بين الاشتراكيين والحزبين الصغيرين المذكورين. والمؤكد حتى الآن ان أحداً من هذه الاحزاب لا يريد التعاون مع حزب اليسار الجديد الذي أقفل الباب بدوره امام الجميع وأعلن زعيمه أوسكار لافونتين ان الهدف الآن"هو الدفع اكثر في اتجاه توسيع تأثير اليسار في البلاد وفي البرلمان". وبعدما أبدى قادة الاتحاد المسيحي أمس استعداداً للبدء بمفاوضات مع قيادة الخضر ل"جس نبضها"علق رئيس الحزب رابينهارد بوتيكوفر بأن حزبه لا يرفض اي بحث مع المسيحيين"لكن علهيم ان لا يتوقعوا ان يؤمن الخضر أكثرية نيابية لنهج نيوليبرالي في البلاد". وعلى رغم ان مهمة شرودر للتحالف مع الخضر والليبراليين ستكون بدورها معقدة جداً، إلا ان المحللين السياسيين يعتقدون بأن المستشار يملك خبرة وحنكة أكبر من غريمته مركل، وان ما يجمع الاشتراكيين مع الليبراليين والخضر أكثر مما يجمع الحزبين الصغيرين مع المسيحيين. لكن رئيس الحزب الليبرالي غيدو فيسترفييله بدا امس محبذاً تحالفاً ثلاثياً مع المسيحيين والخضر. ويعتقد مراقبون ان"التحالف الكبير"سيكون من قبيل"آخرالدواء الكي"ولن يتحقق بالتأكيد مع شرودر الذي لن يدخل عضواً في حكومة تشكلها مركل، وسيخلي الساحة عندئذ لقادة جدد في حزبه.