بعد سنوات طويلة من التعاطي الاجتماعي السري مع ظاهرة زواج السكرتيرة من مديرها، نجحت دراسة علمية جادة اجريت في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في القاهرة في القفز بالظاهرة المخفية الى هواء العلانية. وأكدت الدراسة وجود عشرة آلاف حالة زواج عرفي بين السكرتيرات ومديري المكاتب، بنسبة تبلغ 5،11 في المئة من حالات الزواج الخاصة بين السكرتيرة والمدير والتي بلغت وفق تقديرات الدراسة ما يقرب من 78 الف حالة. تعزو الخبيرة في المركز صاحب الدراسة الدكتورة عزة كريم انتشار الظاهرة الى"العنوسة"التي وصفتها بأنها قدر المجتمع المصري والعربي. ورفضت كريم وصف ظاهرة زواج المدير بالسكرتيرة بالخطرة، واعتبرتها عارضاً اجتماعياً لأزمة العنوسة، وطفحاً سطحياً لخروج المرأة الى العمل في المجتمعات الشرقية. واشارت الى ان ظاهرة زواج السكرتيرة والمدير شائعة في كل المجتمعات، ولا تثير قلق المجتمع، لكنها تتحول وحشاً مخيفاً يهدد كيان الاسرة في المجتمعات الشرقية ونتيجة للغموض والاشاعات. واضافت ان الخطورة الحقيقية تكمن في طبيعة الزواج العرفي الذي لا يقبله المجتمع ولا يعترف به القانون وهو ما يشكل خطراً على الاوضاع القانونية للمرأة. أضف الى ذلك، أن انتشار ظاهرة الزواج السري قد تثير في المجتمعات المنغلقة الفضولية، حالاً من الانحلال والفساد حتى على مستوى التصورات الاجتماعية. ترضى السكرتيرة ان تتزوج صاحب شركتها لئلا تظل عانساً او مطلقة. فوفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ارتفعت في مصر نسبة العنوسة إلى تسعة ملايين شاب وفتاة تجاوزوا سن الخامسة والثلاثين من دون زواج. وبلغت حالات الطلاق الرسمية المسجلة خلال العام الماضي نحو 57 ألف حالة. السلطة والنفوذ تشير الدراسة الى أنّ أحداً لا يقدر البتّ في أنّ هذه الزيجات تراعي شروط الزواج في الشريعة الإسلامية كما لا يمكن الجزم في قدرتها على الحفاظ على الحقوق الشرعية والمدنية للفتاة. وحذرت الدراسة من خطورة الاكتفاء بالإدانة والتحريم من دون النظر الى الظروف الاجتماعية والاقتصادية للظاهرة التي اتهمتها الدراسة بتهديد استقرار رجل متزوج وعائلة مستقرة ومستقبل فتاة مقبلة على الحياة. وعزا الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور محمد المهد انتشار الزواج بين المدير والسكرتيرة الى ان المدير رجل عانى الجهد والحرمان، ويشعر بأن من حقه أن يعوض ما فاته في سنوات العمل المرهقة والطويلة، خصوصاً انه يشعر الآن بقوته وسيطرته. لذلك، يعتقد انه يحق له أن يأخذ كل ما يريد لأنه ناجح وقوي ويستحق كل شيء بشهادة الجميع الذين يمتدحونه طوال الوقت. والسكرتيرة شخصية تميل في كثير من الأحيان إلى السمات الهستيرية، أي أنها تكون استعراضية تحب لفت الأنظار بشكلها وملابسها وزينتها وروائح عطرها. كما تحب أن تبدو رقيقة ونشيطة ومجاملة وجذابة. والاهم من هذا، انها تحصل على تقدير الآخرين بسبب ما يمنحه لها المدير من سلطات باعتبارها تشكل المدخل الحقيقي له وكلما كانت قريبة منه كانت اكثر نفوذاً. لذلك تبذل جهوداً كثيرة لغوايته حتى على المستوى اللاشعوري. ويتأثر المدير الذي يجلس معها اكثر من عشر ساعات يومياً بغوايتها، خصوصاً أنه لا يراها على غير صورتها المتأنقة الاستعراضية.