تنهي اليوم لجنة المتابعة المنبثقة من اللقاء الوطني في عين التينة جولتها التي بدأتها امس على المرجعيات الروحية لتحضير الاجواء لعقد قمة روحية يفترض ان تشكل الحماية المعنوية لانطلاق الحوار بين القوى والشخصيات السياسية لتبدأ غداً اتصالاتها بأركان المعارضة لتحديد مواعيد لزيارتها واطلاعها على خلفية تحركها من جهة ودعوتها الى التهدئة فسحاً في المجال امام اعادة الاعتبار للحوار على اساس اتفاق الطائف. وكانت اللجنة المؤلفة من النواب محمد رعد، باسم يموت، غسان الاشقر والنائبين السابقين مروان أبو فاضل وبهاء الدين عيتاني، نسيب حطيط، اميل رحمه، رشاد سلامه وآغوب بقرادوني، زارت امس البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبدالأمير قبلان والعلامة السيد محمد حسين فضل الله. وقالت مصادر في اللجنة انها نقلت الى المرجعيات الروحية وجهة نظر اللقاء في مسألة بدء حوار غير مشروط يكون سقفه اتفاق الطائف بما فيه العناوين الخلافية المتعلقة به، وأن يشمل جميع الاطراف بما فيها القوى المعارضة في لقاء البريستول لا سيما تلك التي كانت رفضت الحوار مع اللقاء الوطني، شرط ان يقر الجميع بضرورة العودة الى الخطاب الهادئ. ولفتت الى استعداد اللقاء الوطني مناقشة اتفاق الطائف لتصحيح الشوائب في تطبيقه اضافة الى نقطة الخلاف الأساسية الخاصة بالوجود العسكري السوري. وبالنسبة الى النتائج الأولية للقاءات اللجنة قالت مصادر فيها ان لا إشكالية من حيث المبدأ في عقد القمة الروحية مشيرة الى توافق بين اللجنة والمرجعيات على ضرورة اجراء تحقيق جدي لكشف ملابسات اغتيال الرئيس رفيق الحريري. اللجنة عند صفير ونقلت المصادر عن صفير قوله انه لا بد من التهدئة للعودة الى لغة الحوار وأن يتخذ الجميع عبرة من الحوادث الأليمة التي ألمت بالبلد أثناء الحرب، وأن لا غنى عن الحوار بين اللبنانيين، بدلاً من ان يتحاور بالنيابة عنهم من هم في الخارج. وأكد صفير - بحسب المصادر - ان هناك"علاقة سياسية واجتماعية ودينية تربطنا بسورية ونحن لا نتعامل معها كجيران انما كأخوة ضمن احترام الأخ لأخيه القادر على ادارة شؤونه". وشدد على"اننا لسنا في وارد العداء لسورية وأن لا مصلحة لنا في معاداتها ومن الأفضل ان نكون على علاقة طيبة معها على أساس الاحترام المتبادل والحرية والسيادة"، معتبراً ان هناك ما يشبه الاجماع على ضرورة الانتهاء من سوء تطبيق الطائف وتحديداً بالنسبة الى موضوع الوجود العسكري السوري الذي لا يجوز ان يبقى خاضعاً في تفسير تطبيقه للاجتهادات. وأوضحت المصادر ان المرجعيات أجمعت على انها ضد أي انقسام طائفي أو مذهبي لأن الشهيد رفيق الحريري لم يكن لفئة او لفريق انما لكل اللبنانيين، وان خسارته لا تعوض، وبالتالي لا يجوز التصرف وكأن الجريمة تعني هذا الطرف من دون الآخر. وأكدت ان المرجعيات الروحية شددت على أهمية التواصل بين اللبنانيين من خلال الحوار، داعية الى عدم اليأس من رفض البعض للحوار لأن اللبناني بطبيعته منفتح ويتصرف بعقلانية. وقال النائب رعد:"في اللقاء مع سيد الصرح كانت هناك كالعادة فرصة لمخاطبة العقل ولتأكيد الدعوة لكل اللبنانيين من اجل ان يترفعوا الى مستوى المسؤولية الوطنية ويضعوا كل نقاط خلافاتهم على الطاولة ليتبادلوا حواراً مفتوحاً وغير مشروط، وكانت الزيارة وسط الصدمة التي فجع بها اللبنانيون جميعاً بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وشعرنا بأننا نتبادل التعازي بهذا الرجل الكبير الذي اعطى لبنان الكثير الكثير وحق عليه لدى اللبنانيين ان يقدروه التحاماً وتلاقياً ومزيداً من التفاهم لحفظ الانجازات التي تحققت في المرحلة الماضية من تاريخ البلاد". وأضاف:"لقد اكدنا للبطريرك ان لقاء عين التينة وضع في أولوية مقرراته السعي الجاد مع كل المعنيين لاجراء تحقيق شفاف ودقيق وعميق وجدي يكشف الجناة الحقيقيين، واأكدنا له ان لقاء عين التينة بمن ضم من فاعليات وقوى وقيادات سياسية وطنية هو اليد الاخرى الممدودة ومصافحة اليد التي امتدت في البريستول وليس كما يشتهي البعض ان يصور بأنه اصطفاف في مقابل اصطفاف. نحن ندعو الجميع الى طاولة حوار مفتوح حول كل القضايا التي ربما نتوهم اننا نختلف عليها وربما نجد الحلول عبر وضع آليات مناسبة لاجرائها على قاعدة اتفاق الطائف وانقاذ الوضع اللبناني بأيدينا لا بأيدي غيرنا". وأضاف:"الجميع ينطلق من اتفاق الطائف وعلى رغم وجود تباينات في تفسير بعض بنوده فالحوار هو المدخل الوحيد لتفسير هذه التباينات ولتحديد آليات العمل وتطبيق هذه البنود وانفتاح اللبنانيين بعقولهم ومشاعرهم حول مستقبلهم وهو الطريق الواضح الذي يمثل القاسم المشترك بيننا وبين صاحب الغبطة وبين الكثير من اللبنانيين". وأضاف:"او أولوية الكشف عن مرتكبي جريمة الاغتيال هي أولوية لبنانية وليست عند فئة من اللبنانيين وان السبيل البديل عن الحوار هو الاحتقان والتصعيد ووضع لبنان على حافة المجهول، نحن نطلب من الذين تسرعوا ورفضوا الحوار ان يعيدوا النظر ويقيموا الامور لأنهم سيجدون لاحقاً ان الفرصة المؤاتية المناسبة لاستعادة المبادرة لانقاذ البلاد هو الحوار". وعن تأخير السلطة في الحوار قال:"أولاً نحن لا ننطق باسم السلطة نحن لقاء عين التينة الوطني الموسع الذي يضم بين اقطابه البعض من السلطة". وعن مطالب المعارضة بانضمام"حزب الله"الى المشروع الوطني أجاب:"تعرفون موقع"حزب الله"من التحرير والتحرر وموقع أمينه العام وهو والد شهيد في سبيل تحرير لبنان، وأعتقد اذا كان هناك التباس حول مفهوم الحرية فيقتضي ان نتحاور لنوضح هذا المفهوم". وكرر النائب رعد بأن"كل الامور مطروحة للبحث وهناك ظروف للبحث وهناك ظروف تقتضي ايجاد آليات لفهم موحد لطريقة تطبيق هذا البند وغيره من بنود الطائف فما الذي يمنع ان نجتمع ونتحاور حول الآلية المتواجدة". وسئل: ولكن المعارضة تعتبر ان الحوار يجب ان يجري مع السوريين وليس لديها مشكلة معكم؟ أجاب: أعتقد ان قذف الكرة الى ملعب الآخرين لا يفيد ولا يحل المشاكل ولا يلغي التباينات الحاصلة بين اللبنانيين انفسهم حول الكثير من النقاط التي نص عليها اتفاق الطائف والتي استجدت مع الظروف اليومية". عند قباني وبعد لقاء المفتي قباني في دار الفتوى أمس، تحدث النائب باسم يموت باسم اللجنة قائلاً:"نحن علينا مسؤولية تجاه وطننا ولا يمكن تركه للأصوات البعيدة عن ثوابتنا وقواسمنا المشتركة، وبالتالي نحن نقول انه لا يوجد إلا طريق واحد نحو إنقاذ هذا الوطن وهو الحوار"، مضيفاً ان"المفتي قباني توافق معنا في هذا الرأي، وقال سماحته يجب خرق جدار ممانعة الحوار، يجب ألا نستمع إلى الأصوات المتطرفة التي ترفض الحوار، ويجب ان يكون هذا الحوار تحت سقف واضح هو سقف الميثاق الوطني الذي وضعناه في الطائف". وكان قباني استقبل النائب السابق تمام سلام الذي اعتبر أن"الحال العامة في البلاد غير مرتاحة، ولا يمكن معالجة هذا الوضع بمزيد من التصعيد أو بمزيد من التطرف من هنا وهناك، المطلوب كلمة تعقل، المطلوب موقف عميق يأخذ في الاعتبار هذه قبلان وفضل الله وزارت اللجنة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان في مقر المجلس. ورأى قبلان أن"البحث في موضوع العلاقات اللبنانية - السورية أمر تقرره الدولتان الشقيقتان ومؤسساتهما الرسمية، ولا يجوز أن يتحول الى مادة استغلالية وابتزازية لدى بعض القوى السياسية"، مضيفاً:"يجب ان نتعاطى مع موضوع الوجود السوري من موقع أن سورية دولة شقيقة تربطها علاقات اخوة وتعاون وتنسيق مع لبنان"، داعياً إلى"توطيد القيم والتعاليم السماوية". ورحب"بعقد قمة روحية في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ لبنان". وأكد العلامة محمد حسين فضل الله خلال لقائه اللجنة، ان"قيمة لبنان تتمثل في انه بلد الحوار، وعندما يكف عن الحوار يفقد معناه تماماً"، مشدداً على"أهمية الاستمرار في الدعوة إلى الحوار والسعي إلى إيجاد آلية له، لأن الحوار اذا لم يكن بمثابة الخيار الاول للبنانيين فهو الخيار الاخير على كل حال". لجنة الحوار الإسلامي على صعيد آخر، باشر عدد من اعضاء لجنة الحوار الاسلامي ? المسيحي المنبثقة من القمة الرحوية، اتصالاتهم بالقادة الروحيين من أجل تحضير الاجواء لعقد قمة روحية تكون بمستوى الحدث الذي هز لبنان باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وعلمت"الحياة"ان الاتصالات الأولية التي اجراها اعضاء اللجنة بالمرجعيات الروحية اسفرت عن موافقة مبدئية لعقدها، لكن تحديد زمان عقدها ومكانها يتوقف على التحضيرات الجارية". وفي هذا السياق قالت مصادر في اللجنة ان التحضيرات تتجاوز تحديد المكان والزمان الى الاتفاق على اسماء المدعوين للمشاركة فيها اضافة الى البيان الختامي الذي سيصدر عنها، مشيرة الى ان عقدها مرتبط بالاتفاق الكلي على البيان الذي يفترض ان يكون شاملاً عبر اتخاذ مواقف عملية وخصوصاً ان عقدها يأتي في ظروف دقيقة وصعبة تتطلب الارتفاع بالموقف الى مستوى الحدث، خصوصاً ان الجريمة دفعت باتجاه وحدة الموقف الشعبي الذي تجلى في حجم المشاركة في التشييع ومن ثم في تقبل التعازي وفي المسيرة الشعبية الكبرى التي جابت أحياء بيروت لمناسبة مرور اسبوع على استشهاد الرئيس الحريري. ورأت المصادر ان حجم المشاركة الشعبية والسياسية يجب ان يؤسس لموقف لبناني متطور يعكس الواقع الشعبي على الأرض، مشيرة الى ضرورة الاصرار على اجراء تحقيق جدي لجلاء أبعاد الجريمة والجهات التي تقف وراءها.